شم النسيم
عيد يرمز عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة
يخرج الناس إلى الحدائق حاملين معهم البيض والفسيخ والخس والبصل والملانة
تقرير : مها السعودي

المقدمة
شم النسيم هو مهرجان يقام سنويا في فصل الربيع ، إلا أنه ينسجم مع موروث ثقافي أقدم حيث كان من أعياد قدماء المصريين في عهود الفراعنة ، ويحتفل فيه جميع المصريين بدخول الربيع بزيارة المنتزهات وتلوين البيض وأكل الفسيخ .
أصل الاحتفال بشم النسيم
ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام ، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية ويحتفل به الشعب المصري حتي الآن , وترجع تسمية "شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو" وهي كلمة مصرية قديمة , وهو عيد يرمز عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة ، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو بدأ الخلق , وقد تعرض الاسم للتحريف على مرِ العصور ، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وطيب النسيم ، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة .
ظاهرة عجيبة
وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالعيد الربيعي , وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار , فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس ، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربا تدريجيا من قمة الهرم ، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم , وفي تلك اللحظة يحدث شيء عجيب ، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين , اهتم المصريون منذ القدم بعيد شم النسيم اهتمام خاص جدا حتى التاريخ المعاصر.
أطعمة شم النسيم
ويتحول الاحتفال بعيد "شم النسيم" مع إشراقة شمس اليوم الجديد إلى مهرجان شعبي ، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ، حاملين معهم أنواع معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم ، مثل البيض، والفسيخ "السمك المملح" ، والخس ، والبصل ، والملانة (الحمص الأخضر) , وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص , ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم عند الفراعنة بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة .
كل طعام له رمز
"البيض" :
البيض يرمز إلى خلق الحياة من الجماد ، وقد صورت بعض برديات منف الإله "بتاح" "إله الخلق عند الفراعنة" وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد , ولذلك فإن تناول البيض في هذه المناسبة يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين ، وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد , وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض .
"الفسيخ" أو "السمك المملح" :
فقد ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة ، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل ، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ .
"البصل" :
البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة ، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض ، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات ، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم .
"الخس" :
وكان الخس من النباتات المفضلة في ذلك اليوم ، وقد عرف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يسمي بالهيروغليفية "عب" ، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة ، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم .
"الملانة" :
ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضا في الاحتفال بعيد "شم النسيم" نبات الحمص الأخضر، وهو ما يعرف عند المصريين باسم "الملانة"، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع .