لم تكن جزيرتي "تيران وصنافير"، من ضمن الجزر المتنازع عليها على خريطة النزاعات الدولية على الجزر، بالرغم من أهميتهما الاستراتيجية المتحكمة في مضيق العقبة، ولكن إعلان الحكومة المصرية تسليم الجزر للسعودية بموجب اتفاقية لترسيم الحدود بين البلدين، أثار تساؤلات على الخريطة التي تضم عددا من الجزر التي تتنازع عليها دول عربية.

    تضم خريطة النزاعات العربية علي الجزر، الصراع بين اليمن والصومال، للسيطرة على جزر "سقطري" بالمحيط الهندي، والتي تتحكم بموقعها بحركة السفن العالمية، المارة بجنوب البحر الأحمر بالقرب من مضيق عدن، للوصول للمحيط الهندي وجنوب شرق أسيا.

فيما تعتبر جزر أبو موسي وطنب الكبرى والصغرى، التابعة لدولة الإمارات العربية، والتي تحتلها إيران منذ عام 1971، إحدي حلقات الصراع العربي الفارسي، للسيطرة على الخليج العربي، حيث تتحكم الجزر بموقعها في حركة السفن العابرة للخليج، وهو ما يعطيها أهمية استراتيجية، تزيد المطالبات الإماراتية والخليجية بعودتها.

فيما تظل جزر أرخبيل "الجعفرية" التابعة للمغرب، والتي تحتلها أسبانيا منذ عام 1884 للتحكم في مضيق جبل طارق، إحدى أبشع صور الاستعمار الأوروبي للمناطق الاستراتيجية والمدن العربية، حيث تتبع الجزر المغربية الحكومة الأسبانية مباشرة، والتي تعتبرها منطقة عسكرية وامتداد لحدودها.

صراع اليمن والصومال

"سقطري" هي أرخبيل مكون من أربع جزر، على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، تتحكم بموقعها بحركة السفن العالمية، تقع علي بعد 300 كم من اليمن التي تفرض سيادتها عليها، كمحافظة مستقلة عن حضر موت، في حين تعتبر الصومال التي تبعد عنها الجزر بمسافة 100 كيلو متر، فرض اليمن سيطرتها علي الجزر بمثابة احتلال، وتطالب بتدخل وتحكيم دولي لترسيم الحدود البحرية.

ويتكون الأرخبيل من أربع جزر، تعتبر "سقطري" هي أكبر هذه الجزر، بالإضافة إلي جزيرة درسة وسمحة وعبد الكوري، وجزيرتين صخريتين صغيرتين، تبلغ مساحتها ثلاث أضعاف مملكة البحرين، ولها موقع إستراتيجي هام من حيث تموين سفن الشحن بالوقود، ويقدر عدد سكانها بـ70842 نسمة.

وتمثل الجزيرة أهمية حيوية، حيث أنها تقع في تقاطع الممرين البحريين الإستراتيجيين "البحر الأحمر والمحيط الهندي"، وهذا ما يعطي أهمية عسكرية، ويمثل ممرًا مميزً لناقلات النفط، فمن خلال هذا الممر البحري الإستراتيجي يدلف جزء كبير من المنتجات الصناعية الصينية.

صراع الجزر الثلاث بين الإمارات وإيران

تعتبر جزر "أبو موسي" و"طنب الكبرى والصغرى"، حلقة مشتعلة في الصراع الإيراني الخليجي، حيث قامت إيران باحتلال الجزر في عام 1971، وتقع الجزر المحتلة في موقع استراتيجي مميز، وتشكل الثلاث جزر مجموعة من جزر أرخبيل مضيق هرمز جنوب الخليج العربي.

تتبع جزيرة أبو موسي إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تبعد عنها 60 كيلو مترًا فقط، وتبلغ مسالحتها 20 كيلو متر، وتسيطر عليها إيران وتتبع محافظة هرمزغان الإيرانية.

أما "طنب الكبرى" فتتبع إمارة رأس الخيمة، واحتلتها إيران أيضا عام 1971 وتتبع اليوم بعد مرور 57 عامًا علي الاحتلال محافظة هرمزغان الإيرانية، وتقع على مدخل مضيق هرمز، (باب السلام)، وتبعد عن إمارة رأس الخيمة 75 كيلو متراً وعن الساحل الشرقي للخليج العربي مسافة 50 كيلو متراً ومساحتها 91 كيلو متر مربع، بينما بيلغ طولها نحو 12 كيلو متر وعرضها 7 كيلو مترات، وتسيطر الجزيرة على خط سير السفن الداخلة إلى الخليج وكذلك الخارجة منه، وهي الخطوط الملاحية للسفن التجارية ولناقلات البترول المحملة من مواقع الإنتاج في مختلف مناطق الخليج العربي.

تبعد جزيرة "طنب الصغرى" عشرة كيلو مترات إلى الغرب من جزيرة طنب الكبرى، احتلتها إيران أيضًا عام 1971 وتتبع كذلك محافظة هرمزغان الإيرانية، وتطالب الإمارات بإعادة الجزر إليها، ويساندها في ذلك دول التعاون الخليجي، ويعتبرون هذه الجزر أحد ملفات الصراع العربي الإيراني للسيطرة على الخليج العربي.

احتلال جزر "الجعفرية"

لم يتوقف النزارع العربي، علي السيطرة علي الجزر المتحكمة في طريق التجارة، عند الخليج العربي فقط والبحر الأحمر، بل امتد شمالا حتى مضيق جبل طارق، الذي يربط أفريقيا بأوربا والعالم القديم بالأمريكتين، حيث تتنازع أسبانيا والمغرب، على السيطرة على جزر الجعفرية أو إشفان كما يطلقون عليها باللغة الأمازيغية.

وهي أرخبيل تحتله أسبانيا منذ عام 1848، بالرغم من أنه يبعد 4 كيلو مترات فقط من سواحل الناظور بالمغرب، وتخضع بشكل مباشر لسلطة الحكومة الأسبانية، حيث أنها لا تتبع أي مدينة أو حكومة ذاتية باسبانيا، حيث تصنف كمنطقة عسكرية إسبانية، وهي بالتالي خاضعة مباشرة لوزارة الدفاع الإسبانية ولا يمكن للمواطنين الإسبان زيارتها إلا بإذن خاص، كما أن معظم المقيمين بها هم جنود من الجيش الإسباني. 

ورغم كون إسبانيا تعتبر الجزر أراض إسبانية، إلا أنها تقع داخل المياه الإقليمية للمغرب حسب قانون البحار، وبالتالي فإن إسبانيا ليس لها حدود بحرية للجزر مع المغرب، ولهذا فإن زيارة الجزر بالسفن أو المروحيات الطائرة يتطلب تنسيقا إسبانيا مع المغرب.