رفع الثوار في ليبيا علم الملكية( الاستقلال) ليس فقط ليستمدوا منه روح الثورة والرغبة في الحرية لكن رفعوا معه أيضا صورة شيخ المجاهدين عمر المختار، فأينما وجهت النظر ستجدها مهيبة وجليلة يستلهم منها الثوار من جهاد صاحبها قوة الروح.
لاستكمال جهادهم لإسقاط القذافي ونظامه الذي قهرهم لاثنين وأربعين عاما لم يكن أحد فيهم يجرؤ أن يرفع صوته أو يعلن رأيا معارضا لرأي الأخ القائد العقيد ولجانه الثورية حتي محمد بن عمر المختار(90 عاما) لم يستطع أن يرفض نقل رفات أبيه من مرقده في ضريحه الذي كان مشهدا يزوره الناس في مدينة بنغازي حيث أمر العقيد بنقل رفاته إلي سلوك بحجة أنها المكان الذي أعدم فيه رغم رفض ابنه وعائلته نقل رفاته وكذلك الشعب الذي لا يزال يحيط عائلة المختار بالمحبة والتقدير والاحترام وفي داره بمنطقة الحدائق ببنغازي التقت الأهرام محمد عمر المختار ومعه ابن عمه مفتاح سالم المختار اللذان أمضيا في أبو حمص بمصر سنوات طفولتهما وصباهما عندما قام عمر المختار بإرسال أسرته إلي مصر حتي يتفرغ للجهاد ويتذكر محمد عمر المختار سنواته في مصر من عام1927 حتي عام1943 حيث عاش بمصر اثني عشر عاما بعد إعدام أبيه ومعه عمه محمد شقيق عمر المختار وابن عمه سالم وأمه زوجة عمر المختار وبعض أقاربهم.
وقال إنه درس في مدرسة الشاطبي الابتدائية بالقسم الداخلي بالإسكندرية. ويستطرد.. مصر خيرها علي الليبيين ولها فضل عليهم وعلي العرب أجمعين ولولا مساعدتها لوالدي في جهاده ضد الإيطاليين ما استطاع أن يفعل شيئا ضدهم ولا محاربتهم.. فقد كانت مصر تمده بالأسلحة والذخائر والمعونات الغذائية طوال فترة جهاده الذي توقف بعد أسره وشنقه بعد أن انتبه الإيطاليون لمساعدات مصر فأغلقت حدود ليبيا مع مصر بسور شائك مما أضعف المجاهدين.
*وكيف عرفت وقتها بالقبض عليه وإعدامه؟
ـ كنا نعيش وقتها في أبو حمص بمحافظة البحيرة وسمعنا من الإذاعة المصرية ومن بعض أقاربنا الذين هربوا من ليبيا بعد استشهاد شيخ المجاهدين عمر المختار وحضروا إلينا في مصر.
* كيف كانت عشيتكم في مصر؟
ـ كنا نعيش عيشة بسيطة في عزبة أبو صالح( أبو حمص) داخل خيام( بيوت عرب) وننتقل مع أهل المنطقة من العربان وهم أقارب لنا من مكان إلي مكان حتي استطعنا بعد سنوات من إقامتنا أن نبني منزلا بسيطا مكونا من ثلاث غرف سكنت فيه عائلة عمر المختار كل واحد منهم بأسرته في غرفة حيث كانت شقيقتي زوجة ابن عمي.
* ما عدد أبناء عمر المختار؟ ومتي عادوا إلي ليبيا؟
ـ قال ابنه محمد: نحن ثلاثة أنا وفاطمة أم مفتاح وصفية عمر المختار وعدنا إلي ليبيا بعد عام1934 وإن ظل بعض أقارب الأسرة في مصر التي الستينيات وعادوا قبل ثورة القذافي عام1969 في أيام المملكة.
*ما الفرق بين الملكية والجمهورية الثورية في ليبيا؟
ـ يقول محمد المختار: لا فرق في شيء وإن كان الملك أقل قسوة وغلظة وديكتاتورية من هذا العقيد.
*هل عارضيت نقل رفات أبيك عمر المختار من بنغازي حيث ضريحه المشهود إلي منطقة بعيدة مجهولة هي سلوك؟
ـ يقول: بالتأكيد لم أوافق علي نقل رفات والدي حيث كان ضريحا يتبرك به الليبيون ومشهدا يزوره الجميع ومنهم رؤساء الدول وعظماؤها عند زيارتهم لليبيا. وهنا أشار محمد عمر المختار إلي صورة معلقة علي الحائط لأحمد بن بيلا الرئيس الجزائري عندما زار ليبيا عام1962 وحضر إلي منزلنا وطلب مصاحبته لزيارة ضريح شيخ المجاهدين وذهبت معه أنا ورجال وشباب العائلة وكان المختار قد دفن بعد أن شنقه الإيطاليون في جبانة سيدي عبيد وعند استقلال ليبيا قام الملك إدريس الرفات إليها وفي عام1928 قرر العقيد القذافي نقل رفاته إلي سلوك, وكان القذافي عندما يقرر فلا أحد يستطيع أن يعارضه ورغم أنني وجميع عائلة المختار لم نوافق ولم نستطع أن نعلن رفضنا رغم أن القذافي استمد جزءا من شرعيته من جهاد عمر المختار وقام بتوجيه أول خطاب له بعد الثورة يوم16 سبتمبر1969 من ضريح عمر المختار! ولكنني وكل أفراد العائلة رضنا وذهبنا معه ساعة نقل الرفات إلي سلوك.
*هل كنت تتوقع الثورة ضد القذافي؟
ـ كنت أتوقعها منذ سنوات والحمد لله الذي مد في عمري ورأيت الشباب يقومون بها وحفيد المختار ابن مفتاح وغيره من شباب العائلة شاركوا في الثورة وحملوا السلاح وأسهموا في اقتحام كتيبة الفضيل بوعمر وهو الآن في العجيلة وكان مندوب الأهرام قد تعرف علي المختار من البريقة وواصلنا السير إلي العجيلة وبعدها رأس لا نوف وهو طالب يدرس بكلية الهندسة وآثر الاشتراك مع الثوار.