في رحلة ممتدة وعطاء لاينقطع دام لأكثر من نصف قرن من الزمن يظل أثير إذاعة القرآن الكريم شاهدا على تاريخ حافل في خدمة المسلمين بصفة عامة والمصريين بصفة خاصة.
" نقطف زهرة من تاريخ الإذاعة بمناسبة احتفالها بعيدها الثاني والخمسين.
صدى البداية
من حيلة ماكرة لجأ إليها بعض المستشرقين لطعن الإسلام في صميمه حين عمدوا تحريف بعض آيات من الذكر الحكيم وتحديدا الآية الكريمة "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" قاموا بحذف كلمة "غير" لينقلب معني الآية رأسا على عقب.
فطنت قيادات الأزهر الشريف لتلك الخدعة وعرضوا فكرة طبع نسخ جديدة ملقحة ثم إرسالها لتلك البلاد؛ لكن الوقت المستغرق في التنفيذ سيتعدى شهورا جعلها فكرة غير مرغوبة ومن هنا اقترح البعض على الزعيم جمال عبد الناصر إنشاء إذاعة موجهة تخترق الأدغال الأفريقية بصوت قيثارة السماء الشيخ محمود خليل الحصري فوافق على الفور وفي مارس من عام 1964 ظهر أثير الإذاعة لأول مرة في مصر وأفريقيا في ميلاد وصف بأنه ميلاد لعملاق.
نقلة نوعية
اقتصرت الإذاعة عبر سنوات عديدة في بث القرآن الكريم مرتلا ومجودا بصوت عمالقة دولة التلاوة أمثال البنا والمنشاوي والشيخ محمد رفعت وبعد فترة ظهرت العديد من الدعوات المطالبة بمد الإرسال وعدم اقتصاره علي أربع ساعات فقط وطرح سلسلة من البرامج الحوارية تستهدف التعريف بالمنهج الوسطي الإسلامي وبالفعل لبت الإذاعة تلك الدعوات عن طريق الاستعانة بلفيف من القيادات الدعوية المنتمية لمؤسسة الأزهر الشريف.
دور وطني
مابين الدور السياسي والدور الوطني اختارت إذاعة القرآن الكريم أن تمارس دوراً وطنيا تبتعد فيه عن التلوث بآثام السياسة واضعة نصب أعينها السير في طريق يخدم صحيح الدين ويُعلي مصلحة الوطن مهما تعاقب عليها من أنظمة سلطوية أو حركات دينية لتتحول الإذاعة من إذاعة المسلمين إلى إذاعة كل المصريين والعرب أجمعين من الخليج إلي المحيط. 
ثورة يناير "ميلاد جديد"
قبل ثورة يناير بدأت فكرة البرامج المفتوحة تغزو الإذاعة والتي تهدف فكرتها إلي التفاعل المباشر والحي عن طريق فتح قنوات تواصل بين الإذاعة وجمهور المستمعين مثل برامج الإفتاء والتي تأتي بضيوف من العلماء تطرح عليهم الأسئلة المباشرة من الجمهور فيتلقون الأجوبة عليها بشكل فوري. 
ومع بزوغ شمس يناير وتحرر الإذاعة من بعض القيود انطلق المارد وظهرت العديد من الفقرات الجديدة والتي كانت تطرح فيها العديد من قضايا الوطن الفكرية والثقافية والتعليمية 
والقدوم بمختصين يقدمون روشته للعلاج وتبارت في تلك الفترة للتصدي لكل الأفكار الشاذة والهدامة في وقت ساد فيه إعلام التخوين والتكفير.
أعلام في تاريخ الإذاعة
لايمكن الحديث عن إذاعة القرآن الكريم دون التطرق لسيرة الرواد الذين أثرواً مكتبة الإذاعة وحملواً علي عتاقهم أن يخطوا بها للمقدمة والأمام وهم علي سبيل المثال لاالحصر كامل البوهي وعبدالخالق محمد عبدالتواب والدكتورة هاجر سعد الدين السيدة الوحيدة التي جلست على عرش رئاسة إذاعة القرآن الكريم صاحبة البرنامج الإذاعي الشهير موسوعة الفقه الإسلامي.
ريادة لاتقارن 
في بحوث الاستطلاع التي أجرتها وتجريها المؤسسات الإعلامية بصفة عامة والتابعة لإتحاد الإذاعة والتليفزيون بصفة خاصة إحتلت إذاعة القرآن المرتبة الآولي في نسبة المتابعين والمستمعين وتحديداً بدءاً من عام 2008 إلى الآن.