لم تفكر، وهى تختار «السواقة» مهنة لها، فيما يقال عن تمكين المرأة فى المجتمع أو ضرورة المساواة بينها وبين الرجل، فظروفها المعيشية وكم المسئوليات الملقاة على عاتقها هما ما دفعاها، لأن تبحث عن وسيلة للإنفاق على أولادها. «أم أحمد سيد»، تعمل سائقة على سيارة خاصة، تجوب شوارع القاهرة نهاراً بجلبابها الأسود، بحثاً عن جنيهات قليلة تكون عوناً لها فى مواجهة شدائد الحياة، وتعود ليلاً إلى بيتها الصغير فى حدائق القبة، لتبدأ فى ممارسة دور الحقيقى كأم مع أبنائها الثلاثة «وسام، وأحمد، ونورين».

غياب الزوج لم يؤثر على أسرة «أم أحمد»، فقد استطاعت ببراعة أن تقوم بدور الأب والأم، وأن تعوض أى نقص يشعر به الأبناء لغياب والدهم: «أنا اللى بعدت عنه بعيالى عشان هو مش قادر يقوم بدوره فى الإنفاق على أسرته وعلى حمايتنا»، تحمل مسئولية أسرة مكونة من 3 أطفال فى أعمار مختلفة لم يكن العائق الوحيد فى حياة «أم أحمد»، فالإعاقة التى تعانى منها عائقاً آخر، لكنها تحايلت عليها بعد تدريبات شاقة جعلتها قادرة على قيادة سيارة، وكأنها شخص معافى: «بحب السواقة، بتخلينى أشوف الدنيا، وأتكلم مع الناس وأحتك بيهم، ويحكوا ليا وأحكى ليهم، بدل حبسة البيت». تعيش «أم أحمد» مع شقيقها وأبنائها الثلاثة فى شقة مكونة من غرفتين، وطوال 15 عاماً هى التى تدير شئون البيت وتتحمل مصاريف تربية وتعليم أبنائها. لا ترى «أم أحمد»، شيئاً غريباً فى عملها كسائقة خاصة، بل تعتبره شيئاً عادياً: «كل الزبائن بيحترمونى وبيتعاملوا معايا كويس، وبيتصلوا بيا مخصوص عشان أوصلهم، والسواقين دايماً بيساعدونى، وحتى سكان المنطقة اللى أنا قاعدة فيها عارفين شغلتى، وبيشجعونى».