منذ خمسينيات القرن الماضي، بدأت فكرة توطين الفلسطينيين بشبه جزيرة سيناء، وتوالت المشروعات الإسرائيلية الرامية لهذا الغرض، ورغم رفض الدولة المصرية لهذا الأمر إلا أن الدولة العبرية لم تيأس من إيجاد وطن بديل للفلسطينيين والغزاويين تحديدا داخل سيناء، ووصلت بمخططاتها إلى محاولة ابتزاز القيادة المصرية منذ 2004.

ففي مشروع قدمه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال احتياط جيؤوا أيلند عام 2004، وتم نشره عام 2010، تم اقتراح تنازل مصر عن 750 كيلومترا من سيناء لتوطين الفلسطينيين مقابل منح مصر 600 كيلومترا في صحراء النقب الإسرائيلية، وقد عدد المشروع الصهيوني المكاسب التي ستحصل عليها مصر مقابل "كرمها" هذا وهي المكاسب التي تبدو في باطنها نوعا من الابتزاز والضغط..

تقول الدراسة الإسرائيلية: "تعانى مصر من مشكلة مياه تتفاقم يوما بعد يوم.. وهناك زيادة مطردة في أعداد السكان، ومصادر المياه العذبة في تناقص مستمر.. وبناء على ذلك فإن الدولة التي يعتمد 50% من سكانها على النشاط الزراعي لن تتمكن من الحفاظ على بقائها واستمرارها بعد جيل أو جيلين بدون إيجاد حل مبدئي لأزمة المياه.. ويتطلب الأمر، ضخ استثمارات هائلة في مجال تحلية وتنقية المياه، ويتطلب هذا المجال الحصول على خبرات تكنولوجية متقدمة جدا، وتوفير رؤوس أموال بالمليارات، وتفتقر مصر لهذين العنصرين.. لذلك، فمقابل "الكرم المصري"، سيقرر العالم ضخ استثمارات كبرى في مصر في مشروعات ضخمة لتحلية وتنقية المياه، وذلك عبر البنك الدولي ومؤسسات مشابهة".

هذا الطرح الإسرائيلي يثير الانتباه ويوجه الأنظار نحو سد النهضة الإثيوبي والذي سيؤثر قطعا على حصة مصر من مياه النيل، وهو السد الذي تحدثت العديد من التقارير عن وقوف إسرائيل وراءه، وعزز من هذه الفرضية تعبير المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بريخيت سمؤون عن شكره العميق للدول الداعمة لسد النهضة وعلى رأسها إسرائيل.

فكرة مشروع جيؤوا أيلند 

في عام 2004 برز مشروع إسرائيلي أخير لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء من خلال توسيع قطاع غزة وقد أعد المشروع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال احتياط جيؤوا أيلند ونشر المشروع في كتاب بمعهد بيكر-السادات في واشنطن عام 2010.

وأعلنت مصادر إسرائيلية وقتها أن خطة الجنرال المتقاعد جيورا ايلاند كانت جزء من خطة الفصل أحادي الجانب من قطاع غزة التي طرحها آرئيل شارون رئيس الوزراء الأسبق، ومن أهم ما جاء فيها: انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وإخلاء مستوطنات القطاع، على أن تخصص مصر للفلسطينيين منطقة تبلغ مساحتها 770 كيلو متر مربع بطول 30 كيلو متراً علي طول الحدود المصرية الإسرائيلية وبعرض 20 كيلومترا مربعا داخل سيناء مما يضاعف مساحة القطاع ثلاث مرات، وفي المقابل تحصل مصر علي أراض بديلة بمساحة 600 كيلومتر مربع، في منطقة وادي "فيران" في النقب، إضافة إلى نفق يربط مصر بالأردن ربطاً برياً، وأن يكون هذا النفق تحت السيادة المصرية.

ومن بين المكاسب الأخرى التي عددتها إسرائيل بتنفيذ مصر لهذا المشروع، أن "اتفاق السلام المصري الإسرائيلي الموقع سنة 1979، اضطر مصر لقبول تقييدات قاسية فيما يتعلق بنشر قواتها العسكرية في سيناء، وأحد المكاسب التي ستحققها مصر مقابل التنازل عن قطاع من أراضيها للفلسطينيين، هو موافقة إسرائيل على إجراء تغييرات محددة فى الملحق العسكري من اتفاقية السلام، وهذه خطوة لا غنى عنها لمساعدة القيادة السياسية المصرية في مواجهة الرأي العام الداخلي بهذا التبرير: نحن تنازلنا، حقا، عن نسبة 1% من أراضى سيناء، لكن هذا التنازل سمح لنا، بعد 30 عاما، أن نبسط سيادتنا على 99% من مساحتها بصورة كاملة".

محاولات توطين الفلسطينيين بسيناء عبر التاريخ

مشروع سيناء 

وافقت الحكومة المصرية على مشروع توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء في الفترة بين 1951-1953، وعقدت اتفاقا مع وكالة الغوث يمنحها إمكانية إجراء اختبارات على 250 ألف فدان تقام عليها عدد من المشاريع.

وقد واجهت الحكومة المصرية مقاومة شعبية للمشروع، لتصدر بيانا سنة 1953 تتراجع من خلاله عن موضوع التوطين، واعتبرت المشروع غير ذي جدوى، ويعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع التي قدمت لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من مدخل اقتصادي.

مشروع حاييم ياحيل

دفع احتلال قطاع غزة عام 1956، بجمله من مشاريع التوطين إلى العلن وقد وجهت معظمها نحو سيناء أيضا، فقد رسم حاييم ياحيل، وهو مسؤول كبير في وزارة الخارجية خطة في العام ذاته ترمي إلى ضم القطاع المحتل إلى إسرائيل، وتوطين اللاجئين فيه ضمن ثلاث مجموعات، توطن الأولى في غزة والثانية في إسرائيل والثالثة في سيناء.

مشروع ييجال ألون

قدم المشروع بعد عام 1967، ويقوم على إنكار مسؤولية إسرائيل عن المشكلة ودورها واتهام البلاد العربية بأنها السبب وراء ديمومة المشكلة، ودعا آلون في مشروعه إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء سواء قبل المصريون أم لم يقبلوا.

يرى ألون ضرورة تفريغ قطاع غزة من اللاجئين في شبه جزيرة سيناء، وكذلك ضم قطاع غزة لإسرائيل دون اللاجئين، ودعا آلون في مشروعه إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء سواء قبل المصريون أم لم يقبلوا.