يحتفى الشعب القبطى تلك الأيام بعيد عرس قانا الجليل، الذى وقعت فيه معجزة تحويل أجران الماء إلى خمر، تنفيذًا لطلب السيدة العذراء من السيد المسيح، ولكن وسط أجواء الاحتفالات توجه للمسيحية عدة انتقادات بإباحة تناول الكحوليات التى تغييب العقول وتفسد الأجساد، كما أن وجود تناقض بالمعنى الحرفى لآية 18 بالإصحاح الخامس من رسالة بولس الرسول لأهل أفسس، "لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة بل أمتلئوا بالروح"، وآية 23 بالإصحاح الخامس لرسالة بولس الأولى إلى أهل تيموثاوس، "لا تكن فى ما بعد شراب ماء، بل استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة"، وجه للمسيحية اتهامات بتناقض أيات الكتاب المقدس مع بعضها، واعتبر منتقدو المسيحية آية رسالة بولس لأهل تيموثاوس دعوة صريحة إلى السكر.
من جانبه اكد القمص جرجس رياض كاهن كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بشبرا، على رفض المسيحية التام تناول أى نوع من المواد الكحولية بأى كمية، موضحًا أن الاتهام الظالم للمسيحية بإباحة الخمر نابع من التفسير الخاطىء لآيات الكتاب المقدس، علاوة على السلوك غير السليم لبعض المسيحيين وخاصة الغربيين منهم الذين يتناولون بشراهة المواد الكحولية، وما ترتب عليه اعتقاد الكثيرين بسماح الدين لاتباعه بشرب الخمر.
ونفى الأب جرجس أن يكون هناك تناقض بين آيات الأنجيل فى موقف المسيحية تجاه الخمر، مشيرًا إلى أن أية رسالة بولس الأولى "لا تكن فى ما بعد شراب ماء، بل استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة"، قالت فى توقيت معين لشخص بعينه يعانى من عدة أمراض بوقت لم يكن للطب وجود، فكان دواؤه الوحيد قليلًا من الخمر، وتلك الأية ليست تصريحا من المسيحية بشرب الخمر على الإطلاق.
وأشار إلى عدم تحريم الكنسية للكحول كمادة خام نظرًا لتواجده بالأجسام البشرية، علاوة على تواجد المواد الكحولية بالعديد من الأدوية، مشددًا على تحريم المسيحية للاستخدام الخاطىء للمواد للكحولية بدعوة الاحتفال بالمناسبات.
وأكد القس أن السيد المسيح لم يتناول الخمر فى عرس قانا الجليل كما يعتقد البعض، موضحًا أن أيام تواجد المسيح على الأرض لم تكن هناك مشروبات فحول الماء إلى عصير عنب لم يحتو على أى مواد كحولية.
وعبر عن استيائه الشديد من استهتار بعض الشباب بأجسادهم وتغييبهم لعقولهم بأيديهم بتناولهم للخمر حتى لو بكمية قليلة، مشددًا على خطورة تناول أى جرعة من الكحوليات، لأن الأدمان يحدث تدريجيًا.
وأضاف الأب جرجس أن الخطوات العلمية للادمان تبدأ بتحمل صفة من خلايا المخ لجرعة معينة، ولاحداث ذلك التأثير يتطلب زيادة الجرعة، ما يؤدى بالشخص فى نهاية المطاف إلى الإدمان .
وقال فى غضب شديد " إزاى فى راس السنة، اللى من المفترض أنها تكون بداية سنة جديدة مع ربنا ونقدم من خلالها توبة عن كل الخطايا فى السنة الماضية، يكون فيها اقبال على الخمور.
وتابع الأب " كل الأشياء تحل لى وليس كل الأشياء توافق، كل الأشياء تحل لى ولكن لا يتسلط على شىء" (رسالة بولس الأولى لأهل كورنثوس 23:10)، مضيفًا أن الشخص المسيحى يتناول جسد الرب ودمه ويتحدث مع الله مباشرة فى الصلاة، فلا يجوز له أطلاقًًا بشرب ما يغيب عقله وافساد جسمه المقدس الذى ليست ملكه بل انه وزنة من خالقه سوف يحاسبه عليها.
وأراء الشباب الزائرين للكاتدرائية المرقسية بالعباسية لم تختلف كثيرًا عن التصريحات التى أدلى الأب الكاهن بها، فقال نظمى عامل فنى رخام الجرانيت بدولة أستراليا أن الخمر محرمة بالديانة المسيحية، ولكنه يرى من وجهة نظره أن تناول القليل من الخمر فى مرحلة الشباب على فترات متبعدة ليست بجريمة.
وأشار أبن الـ31 عام إلى أن حال الشباب المصرى تلك الأيام يدفعهم إلى تناول مثل هذه المشروبات كتفريغ شحنات لا أكثر ولا أقل.
وأوضح نظمى الحاصل على ليسانس حقوق، أنه رغم أقامته بدولة يتناول سكانها الخمر كالماء ، إلا إنه غير مدمن للخمر بل يتناوله فى المناسبات.
وصديقه ورفيق غربته مايكل البالغ من العمر 33 عاما، أكد على اقتنعه التام أن المسيحية محرمة الخمر بكل المقاييس كما أنه لم يتناول أو حتى يجرب شرب الكحوليات، ولكنه نوه إلى استحالة اقناع العالم برفض المسيحية لشرب الخمر مهما تم التدعيم بنصوص واضحة من الأنجيل.
واعترف ميشيل البالغ من العمر24 عام بادراكه التام بإنه يرتكب خطية حين يتناول المشروبات الكحولية، مقرًا أن تناوله لتلك المواد يدمر جسمه الذى لا يملكه بل أن وزنة من الله ويجب عليه أن لا يدمر عطية الله له.
وأوضح أن تناوله للخمر يكون على فترات فى اجتماع الأصدقاء ولم يصل به الي الحال السكر، ولكنه لم يعف نفسه بذلك من ارتكاب خطأ قائلًا" نص العما ولا العما كله".
وقال بيشوى العامل بشركة خمور، أنه امتنع عن تناول الخمر بعد أجرائه لعملية ازالة اللحمية بالأحبال الصوتية، مشيرَا إلى درايته بارتكابه لخطئية حين تناوله للمشروبات الكحولية، وقاطعته خطيبته سحر قائلة " طبعًا الخمر فى المسيحية خطية، وأيات الإنجيل بتأكد تحريم المسيحية للخمر، والسيد المسيح فى عرس قانا الجليل شرب عصير عنب دون أى كحول".
وأضاف بيشوى أن الضغط على شركة الخمور العامل بها يكون فى رأس السنة والأعياد الدينية الأربعة.
بابتسامة عريضة قال جون البالغ من العمر 34 عاما "شربت بيرة فى رأس السنة، وعارف طبعًا أن المسيحية محرمة المواد الكحولية بكل أنواعها، ولكن بحلل لنفسى وأقول طالما مسكرتش تبقى مش خطية".
من جانبه أعلن المفكر القبطى عادل فخري دانيال، رفض المسيحية التام لشرب الخمر ، وركز على وجود لا النهائية بمقدمة أية "لاتسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة"، للانهاء تمامًا عن شرب الخمر.
وأكد فخرى ضرورة أن يتخذ المسيحيون من المسيح قدوة لهم فى أفعاله وسلوكياته، فأطلق على السيد المسيح أيام حياته على الأرض أنه "بشرًا سويًا" لإنه لم يخطى قط، فلذا يجب اتباعه وتنفيذ وصاياه، وعدم تقليد من يسلكون حسب أهواهم.
ورفض دانيال أن يبرر البعض لأنفسم شرب الخمر متحججين بأية "لا تكن فى ما بعد شراب ماء، بل استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة"، دون فهم جيد للقصة التى كتبت الأية لها، موضحًا أنها وجهت لشخص معين يعانى من مرض السرطان بالكبد، ولمعالجة استقساء كبده المريض كان لابد من شرب القليل من مادة الكحول المتواجدة بالخمر، مضيفًا أنها أساليب علاج بدائية بالطب القديم، كما كان تم كى الشخص المريض أو المصاب بالرصاص بالنار حتى يلتئم الجرح.
وطالب الأنسان المسيحى بتحكيم عقله فالمسيح وصف شعبه بأنه ملح الأرض، ونور للعالم، فهل يكون لنور العالم أن يسير بالشوراع سكرًانا غير مدرك ما يفعله؟.
وعبر دانيال عن اندهاشه الشديد من الاقبال على الخمور بعيد ميلاد السيد المسيح، قائلًا فى تعجب" الشخص اللى بيشرب فى راس السنة مش مدرك أنه بحتفل بميلاد كلمة الله ، دى ولدة روحية، أزاى نحتفل بيها كده".
وأرجع ذلك الاحتفال الخطأ لسوء سلوك الأباء والأجداد، معتبرًا أن ذلك تنفيذا لعبارة "هكذا رأينا أباءنا وأجدادنا يفعلون ذلك"، موضحًا أن الاحتفال السليم يكون باجتماع الأسرة بمحبة مع بعضهم البعض وليست بالسكر والخلاعة.
وأكد المفكر القبطى أن تلك السلوكيات الخاطئة كالسكر وغيره دخيله على مجتمعنا الشرقى ، ووصف أياها بالحرية الشيطانية حيث أن الشيطان يضع لذة للإنسان بالخطايا ليجد متعة بممارستها.