أعلن مرصد الأزهر أنه ظهرت في نهاية عام 2014 ، حركة عدائية ضد اللاجئين العرب والمسلمين بألمانيا تسمى "بيجيدا" (Pegida) (أوربيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، وقال المرصد في تقرير له إنه تم إعداد ملف للتعريف عليها ونشاطاتها وردود الفعل الشعبية اتجاهها.
وجاء في هذا التقرير أن "بيجيدا" هي حركة ظهرت في ألمانيا في شهر أكتوبر 2014 على يد "لوتز باخمان" ومجموعة من المؤسسيين تعبيرًا عن عدائهم للأجانب وخاصة المسلمين.
وتعد تلك الجماعة مظهرًا من مظاهر الإسلاموفوبيا، تلك الظاهرة التي تنامت بصورة كبيرة في الغرب، لكن ثمة تغيرًا في مسار هذه الحركة، بعد أن بات واضحًا أنها بدأت في الأفول، ويشهد لذلك تقلص الأعداد في مظاهراتها، فعلى سبيل المثال لم تزد أعداد مظاهراتهم بحال من الأحول بعد اعتداءات باريس، فبتاريخ 16/11/2015 نشرت مجلة فرانكفورتر ألجماينى تسايتونج (FAZ) خبرًا صحفيًا يفيد بأن بيجيدا لم تحشد أعدادًا كبيرةً كما كان متوقعًا أن يحدث بعد أحداث باريس، فقد تجمع حوالي ثمانية آلاف شخص فقط في ميدان المسرح في دريسدن للتنديد بهجمات باريس ومعاداة الأجانب وخاصة المسلمين.
يذكر أن أنصار بيجيدا قد بلغ عددهم عقب أحداث شارلي إبدو حوالي 20 ألف متظاهر، وهو ما يعد أكبر عدد لمظاهرة دعت إليها بيجيدا، وقد حذر رئيس وزراء ولاية ساكسونيا "ستانيسلافتيليش" ووزير الداخلية "ماركس أولبش" -وهما ينتميان للحزب الديمقراطي المسيحي- من أن تستغل هجمات باريس سياسيًا في مظاهرة الاثنين وأن يكون لها مردود سلبي على اللاجئين، وفي مقابل الحراك الذي دعت إليه بيجيدا تظاهر أيضا حوالي من 1000 إلى 1500 شخص من حركة جيبيدا (Gepida) (سكان منزعجون يتظاهرون ضد التعصب للدريسدينيين الأجانب)، سبق هذا حراكًا شعبيًا ضد بيجيدا أشارت إليه نفس الجريدة بتاريخ 9/11/2015، حيث تظاهر الآلاف في دريسدن وميونيخ ضد حركة بيجيدا، بسبب الموافقة على مسيرات بيجيدا في كلتا المدينتين برغم الانتقادات الشديدة لتلك المظاهرات، وأتت تلك التظاهرة المناهضة لحركة بيجيدا تلبيةً لنداء حلف "القلب بدلا من الفتنة" وشارك فيها 5000 شخصًا في دريسدن و 3000 في ميونخ.
وأوضح التقرير أنه رغم ضعف الحشد الذي نتحدث عنه، إلا أن نسبة الاعتداءات في هذا العام على اللاجئين ومراكز إيوائهم قد ازدادت بشكل لافت للنظر، الأمر الذي قد يعني أن آلية الاعتداء قد أخذت مسارًا جديدًا يتسم بالعشوائية والفردية وقوة التأثير في نفس الوقت
ولفت إلى أنه وفقًا لما نشرته مجلة دير شبيجل بتاريخ 16/12/2015، فإن الجرائم والأعمال الإجرامية الواقعة على اللاجئين وعلى مخيماتهم تُقدر بـ1650 جريمة لهذا العام فقط وحتى منتصف نوفمبر منه، وبالمقارنة بالعام الماضي فقد كان معدل الجريمة أقل بكثير، حيث كان يُناهز 895 جريمة فقط، كما أن جهاز الشرطة قام بتسجيل معدل الجرائم الواقع على اللاجئين حتى منتصف نوفمبر من هذا العام، وبلغ 3625 جريمة، ومعظم الجرائم المرتكبة ضد اللاجئين تتمثل في الإصابات الجسدية والحريق المتعمد والإضرار بالممتلكات وجرائم الدعاية وتشويه الصورة أمام العالم.
ويشير التقرير إلى أن تفاقم أعداد الجريمة أدى بدوره إلى تطورات مليئة بالقلق، وذلك حسبما أفاد "هوفريتر" رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر. وأفاد التقرير أن معدل الجريمة في تزايد منذ وقت طويل، فقد بلغت معدلات الجريمة على مخيمات اللاجئين 62 جريمة في عام 2012 و399 عام 2013 و895 عام 2014 وذلك طبقا لتقديرات جهاز الشرطة. وتحت مسمى المصطلح العام للجريمة سجل جهاز الشرطة عام 2012 وصول معدل الجريمة إلى 188 جريمة وفي عام 2013 إلى 1094 جريمة وفي عام 2014 إلى 1789.
وعلى سبيل المثال ذكرت جريدة تسايت بتاريخ 1/11/2015 خبرًا صحفيًا أوردت فيه مجموعة من الاعتداءات على اللاجئين ومراكز إيوائهم.
وشدد مرصد الأزهر أنه لم تقتصر الاعتداءات على اللاجئين وممتلكاتهم ومراكز إيوائهم فقط، بل تخطت ذلك ووصلت للسياسيين الداعمين للاجئين، ففي 17 من أكتوبر الماضي وقع اعتداء بالسكين على هنريتا ريكر، المرشحة المستقلة وقتئذ لانتخابات عمدة مدينة كولونيا، والتي وقعت إثره في غيبوبة دامت لفترة طويلة، أعلنت فيها نتيجة الانتخابات، وفازت بها وسط أجواء من الفرحة والبهجة. وبسبب فترة العلاج المقررة لم تستطع ريكر مزاولة عملها إلا بعد مرور خمسة أسابيع، تلقت فيهم العلاج، ويعد هذا الاعتداء تحولًا خطيرًا في المسار، ينذر بتفاقم الأمر وتأزم المشكلة.
وقال مرصد الأزهر إن كل هذه الاعتداءات والحوادث الدامية تشير إلى تطور خطير في الوضع القائم، فمع القلة المطردة لعدد المتظاهرين يتصاعد العنف الهمجي ضد اللاجئين ومساكنهم وممتلكاتهم، بل والمؤيدين لهم، الأمر الذي يدفعنا إلى إلقاء اللوم على الجهاز الأمني الذي لم يتمكن من حماية اللاجئين من تلك الهجمات، بل ويتخطى لومنا ليصل إلى المفكرين والساسة وأصحاب الفكر والإعلاميين، الذين لم يبذلوا الجهود المطلوبة لإيقاف هذه الهجمة الجديدة من النازية، التي ستحرق ألمانيا قبل أن تطول ضيوفها.