تحذيرات مخيفة أطلقها خبراء الاقتصاد والمالية العامة بعد إعلان المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أن الدين العام الداخلى والخارجى لمصر تخطت حاجز التريليون و80 مليار جنيه، وهو ما يعنى تعدى حدود الأمان بمراحل عديدة.
الخبراء أكدوا أن الرقم الذى أعلنه الملط كان معروفا ومحسوبا من قبل الاقتصاديين، إلا أن وزير المالية السابق كان ينكر هذا الحديث ويؤكد دائما أن الدين العام فى الحدود الآمنة، وهى الخديعة الكبرى التى لم تكن تنطلى على أى من الخبراء.
وأكد الدكتور أسامة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد والمحاسبة بكلية التجارة جامعة عين شمس، أنه حذر من تخطى الدين العام لحاجز التريليون جنيه قبل شهرين، إلا أن وزير المالية السابق كان يصر على أن الدين العام لا يزال فى حدود الأمان، ويكذب آراء جميع الخبراء، لافتا إلى أن هذا التعتيم كان هدفه استمرار إخفاء الحقيقة المرعبة وتجميل وجه الحكومة.
وحدد عبد الخالق 4 خطوات للخروج من هذا المأزق الخطير، أولها ترشيد الإنفاق العام خاصة أسلوب البذخ فى الإنفاق الحكومى الذى صاحب وزارة نظيف، وثانيها تنمية الموارد السيادية للدولة، وعلى رأسها سياحة الآثار والموارد الطبيعية، وزيادة الإنتاج بغرض التصدير.
وأكد عبد الخالق ضرورة الابتعاد عن فرض أية ضرائب جديدة لزيادة الإيرادات، وقال: "مصر تحولت لدولة جباية خلال السنوات الأخيرة، وآخر ما يجب التفكير فيه هو فرض ضرائب".
أما الخطوة الثالثة كما حددها عبد الخالق، هى سرعة تهيئة مناخ الاستثمار ليصبح جاذبا وفعالا للاستثمارات العربية والأجنبية، مشيرا إلى أن الخطوة الأخيرة هى وقف الاستيراد تماما، وهو ما يتطلب تحقيق الاكتفاء الذاتى من عدد كبير من السلع الغذائية التى نعتمد على استيرادها من الخارج.
وأوضح عبد الخالق أنه يجب إتباع هذه الحلول بشكل متوازي، محذرا من إقدام المالية على المزيد من الاستدانة لتغطية النفقات المتزايدة، مشيرا إلى أنه فى حالة الحاجة الملحة للاقتراض يمكن الاتجاه على طرح أذون خزانة محلية قصيرة الأجل، لضمان سرعة السداد من موارد متجددة.
الدكتورة علا الحكيم مدير معهد التخطيط القومى السابق وعضو مجلس الشورى السابق أيضا، أعربت عن تخوفها الشديد من الوصول إلى هذه الدرجة من الدين العام، مؤكدة أن تصريحات الملط لم تكن التحذير الأول.
وقالت الحكيم إن مضابط مجلس الشورى الذى كانت إحدى عضواته حملت تحذيرات منذ سنوات من تعدى الدين العام لحدود الأمان، رغم تصريحات وزير المالية السابق الوردية، محذرة من خطورة أى زيادة جديدة على الدين العام بما يؤدى للاقتصاد القومى إلى المنطقة المظلمة.
وأكدت الحكيم أن الرؤية ليست واضحة وخطوط الإنتاج متوقفة مع توالى الاعتصامات الفئوية، وهو ما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية، مطالبة بالالتفات للمصلحة العامة فى هذا التوقيت الحرج، والابتعاد قليلا عن المطالب الفئوية والحسابات الشخصية، حتى يمكن الاقتصاد من الوقوف على قدميه، وتتمكن الحكومة من تلبية المطالب المشروعة بتحسين مستويات المعيشة.
من جانبه أكد مسئول بوزارة المالية طلب عدم الكشف عن اسمه، ان الوزير السابق ترك الوزارة وهى تحمل العديد من المشكلات المزمنة ليتحملها الوزير الجديد، وهى مشكلات كان أكثرها خطورة تفاقم الدين العام ليتجاوز حدود الأمان.
وقال المسئول إن غالى لم يكن همه الإصلاح، وإنما انشغل بقضايا أخرى لمصلحته الشخصية، وحساباته الخاصة مع البنك الدولى وصندوق النقد، دون الالتفات للمصلحة العامة للدولة، مؤكدا انه لولا الثورة لما تكشف العديد من الكوارث التى قام بها غالى، وقال أن المرحلة المقبلة ستشهد العديد من البلاغات المقدمة إلى الجهات الرقابية لكشف فضائح الوزير ومساعديه فى إهدار المال العام.