مقال بقلم/ أحمد عبد الجواد
طرق الانتحار الآمن .. الديوان بيبان من عنوانه
الشاعر:
كعادتى وأنا أتصفح خريطة (الفيس بوك) اليومية تستوقفنى عدة جمل أو تعليقات أحاول من خلالها أن أستقرئ ما يحدث على الساحة من أصدقائى المشتركين.. لكن ما استوقفنى اليوم شيئًا آخر.. لقد قرر الشاعر أحمد عثمان أن يقوم بإرسال ديوانه الجديد والذى انتهى منه قريبًا بصيغة (pdf) إلى كل من يطلبه منه.. بل وقرر ألا يطبعه بل فقط يتركه متاحًا فى المساحة الحرة التى نطلق عليها مجازًا (الفضاء الإلكترونى) خطوة جريئة أعجبتنى..
الأسباب:
هنا بدأت أفكر ما الذى يدفع شاب يجيد الكتابة إلى هذه المحاولة واستخلصت عدة أسباب..
1- فقد الثقة فى جهات النشر المختلفة من حكومية وخاصة..
2- محاولة الحصول على قراءات حقيقية من الأصدقاء المحيطين.
3- الإيمان بأن الفضاء الإلكترونى أصبح معبرًا مهمًا لكى نطل على الإبداع من خلاله.
4- محاولة التجديد بكل ما تحمله من مخاطرة فى (حرق الديوان) لو اضطر إلى طباعته.. ومصطلح حرق الديوان تعنى أنه ينتشر بين الأوساط فلا تقبل أى دار بنشره..
ومما فات نستخلص أن عثمان لا يريد أن ينشره بل يريد للديوان أن يبقى مخلدًا فى فضاء خاص ممتد عبر الإنترنت.. ويريد أن ينتشر من خلال هذه التجربة.. والتى بالمناسبة سبقه إليها عدد من المبدعين لكن كان الهدف هو النشر الإلكترونى وليس إطلاق الديوان على مجمله لأى شخص..
طرق الانتحار الآمن:
الديوان بيبان من عناونه.. مثل المثل الشعبى الشهير (الجواب بيبان من عنوانه) هو ديوان محمل بصور وتراكيب ومقاطع تتحدث تقريبًا عن عبثية العالم خاصة فى المقطع الأول (الغيبوبة) ففيه ماتت الحبيبة المرمزة لكل خير.. ومعها تختفى الرموز الطبيعية للحياة لتحل محلها أخرى فقد اختفى الشكل الجميل (للكوبرى -
المراكبية – بائعى الورد – النيل – الحياة) واستطاع الشاعر أن يعيد إنتاج المشهد بصياغات أخرى تدل على رؤية مختلفة..
ولننظر قليلًا إلى طريقة عثمان فى التركيب:
الحبيبة القاسية زي طفل و أدمي معصمي
الورد و هو خارج من دمي
الميتين
الضلمة
كسرة الأوقات
سيب هنا بعض من حكمتك
يمكن حقيقتي تختلف
بالذات
ما بين براءة فشهوة اللذات
طلعوا عرايا
استويت ك نبات
بيكشف الماشيين بصبره النحيل
من خالل البصر أو التقبيل
طل ليلي الجميل
طلت الوحدة
زي نور قنديل
عامل الماضي
سيبتلي التمثيل
سبت لك نفسي
هكذا التماثيل
واقفة ع الفاضي
نار و قلبت خيل
ف المدي العبثي
من يركز فى تراكيب الشاعر سيجد أن الديوان مختلف وله تراكيبه الخاصة تدل على نضج الشاعر ومحاولاته الدائمة للبحث عن تركيبه الخاص وقراءة بنية عالمه من خلال تجربته الخاصة مع الانتحار بطرق مختلفة تبتعد عن فكرة الانتحار المألوف فى اللغة وهو مغادرة الحياة بمحض الإرادة لاكتئاب أو غيره.. وينطلق بنا إلى مجاز الانتحار الذى يسعى لتحرير الروح..
واترككم مع خواتيم الديوان..
إن قلتلى سيب الشجر عطشان
فى الشمس يا مولاى كما خلقتنى
فى الضل عريان
فى الهوا سرحان
ف ببراعة بص لى
إنت اللى إيدك ك ضلى
أنا اللى إيدى أدان
السما غنوة بتجلى
والتراب انسان
إن قلتلى سيب الشجر عطشان
فى الشمس يا مولاى بغنى