تدخل المسرح بثبات وحركة متأنية، مرتدية فستاناً يبرز رقتها المعهودة..لا يحمل كثير من البهرجة أو الألوان الصاخبة فتبدو متناغمة مع طبيعة المسرح والحدث الذي تقابل به جمهورها الذي استقبلها بتصفيق وحرارة كبيرة وسط هتافات "بنحبك ياديفا" فتبتسم لهم وتحييهم بافتتاحية فقرتها الغنائية "يامصر ليكي السلام" للراحل عبد الرحمن الأبنودي، وألحان جمال سلامة. 
المحبة وحدها لا تكفي لحضور حفل سميرة سعيد بدار الاوبرا المصرية، فلابد من وجود حماسة بداخلك حتى تستطيع أن تكون أكثر تفاعلاً مع النجمة التي على الرغم من طبيعتها الهادئة تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة في نقل المستمع من حالة إلى أخرى بسلاسة وبساطة بين ما قدمته من أغاني تمثل بهجة وأخرى تعبر عن كلاسيكيات في مشوارها الفني تغنت بها في بداية الرحلة التي أمتدت على مدار 30 عاماً. 
تنتهي الديفا من تقديم أغنيتها الأولى "يامصر ليكي السلام"، وتصعد الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس دار الاوبرا والمهرجان لمنحها درع تكريمها من مهرجان الموسيقى العربية الذي تحيي حفلها ضمن فعالياته، فتعبر الفنانة عن سعادتها بالتكريم الذي جاءها من رمز مثل في الاوبرا، ومن مصر التي تمثل القوة الناعمة بحسب كلمتها التي وجهت فيها الشكر لإدارة المهرجان لدعوتها في المشاركة به. 
قدمت سميرة مجموعة من أغانيها التي مثلت مراحل عمرية مختلفة في حياتها حيث أن الاختيار كان محيراً نظراً للمشوار الفني الطويل، وقد مال الحضور للأغاني التي تمثل فترة الثمانينات وطالبها بغناء البعض منها، وتحديداً أغنيتها الشهيرة "قال جاني بعد يومين" التي قدمتها بإحساس وأداء شديد الرقي بدى وكأنها أغنية طازجة لم يمر عليها طيلة هذه السنوات وذلك بفضل التحضيرات التي سبقت الحفل من الفنانة وإخفاءها بعض التوزيعات الجديدة عليها حتى أنها بعد الانتهاء من غناؤها نهض جزء كبير من الحضور من مقاعده وظل يصفق ويهتف لها مطالبين لها بإعادتها مرة آخرى، ونظرًا لأن الأغنية تفاعلت معها الديفا بكل طاقتها فكان من الصعب إعادتها ثانية لكنها لم تغضب جمهورها حيث أعادت لهم مقطع منها. 
ولم تبخل سميرة سعيد بإسعاد جمهورها ومساندة أحد الوجوه الشابة الذي يدعى ماركو، وصعد معها إلى المسرح ليشاركها أغنيتها الشهيرة "يوم ورا يوم"، وإن كان الأمر يعد ذكاء من الفنانة خصوصاً مع عودتها لمسرح الاوبرا بعد غياب أكثر من 20عام فلم تقصر الحفل على ذاتها فقط وهو ما يضيف لرصيد تقدير الجمهور لها. 
وقدمت سميرة خلال وصلتها الغنائية 11 أغنية وهي: اه بحبك، شوق على شوق، قابلتك ليه، روحي، يوم ورا يوم، ساعة عصاري، ع البال، علمناه الحب، بالسلامة السلامة، قال جاني بعد يومين، يامصر ليكي السلام والتي أفتتحت وأختتمت بها حفلها من كلمات الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، وألحان جمال سلامة ولاقت تفاعلاً كبيراً مع الجمهور. 
محبين الديفا يملئون جنبات المسرح من مصر والمغرب وكان من بينهم السفير المغربي في مصر محمد سعد العلمي الذي هنأها بترحاب كبير في الكواليس بعد انتهاء الحفل هذا بالإضافة إلى حشد كبير من الفضائيات والجمهور الذين تجمهروا أمام غرفة النجمة لإلتقاط الصور التذكارية معها وتهنأتها.
واستقبلت الديفا صيحات وهتافات طوال الحفل الذي ظل يردد "ديفا..ديفا بنحبك ياديفا"، وقدم أيضاً عدد من المعجبين باقات من الورود للديفا كما هتفت لها الفنانة نادية مصطفى التي حضرت الحفل، وقالت "حببتي ياسميرة" لترد عليها ديفا:"حببتي يانادية جميلة انتي ببعتلك بوسات كتير". 
وبخلاف كثير من الجنسيات العربية وعلى رأسهم المغاربة، هناك مشهد يستحق التوقف والتأمل، فهناك أحد الحضور الذي حمل جنسية عربية كان يهاتف ابنته الصغيرة التي لا يتعدى عمرها العشر سنوات حيث ظل يحادثها عبر "video call" طوال الحفل ليجعلها معه في الأجواء التي لم تحضرها، تلك اللحظة التي تجعل الأذهان تتسائل عن كيفية وصول النجمة بتراثها الفني الكبير إلى فئة الأطفال وسط هذا الكم الهائل من الألوان الغنائية التي قد تتلائم مع هذه الفئة العمرية لكن تبقى الإجابة ممثلة في الاختيار الدقيق والتأني الذي صاحب سميرة سعيد في مشوارها الفني مما أثمر عن طيلة العمر الزمني لأعمالها. 
الديفا بحفلها عبرت عن شخصيتها بشكل أقرب للجمهور، حيث كانت تقدم بعض كلمات أغانيها بجانب من الدلع والرقة التي مزجتها بإحساسها بعيداً عن الشكل الذي رأها فيه جمهورها في حفلاتها التي قدمتها بالسنوات الأخيرة خارج هذا المسرح بما تحمله من خفة حركة ورشاقة مع العروض التي كانت تقدم في حفلاتها التي صاحبت ألبومها "أيام حياتي".