ارتباك في العلاقات المصرية السعودية تجمله البيانات الدبلوماسية.. تضارب في الأنباء حول مغادرة «قطان» والسفارة تشيد بالعلاقات.. ترويج لخلافات بشأن سوريا والخارجية تنفي صحة المعلومات.. ومخاوف من الانفجار
   
كتب: مصطفى بركات
 
حالة من الارتباك تسيطر على مشهد العلاقات بين مصر والسعودية، وسط صدور بيانات دبلوماسية تسعى لتجميل الصورة، ومقالات وتقارير إعلامية محرضة ترمى لتفجير علاقات متماسكة وراسخة جذورها ضاربة في التاريخ، وأسئلة كثيرة تدور في ذهن المواطن هنا وهناك حول مصير العلاقات بين جناحى الأمة العربية -القاهرة والرياض-، البعض ينتابه المخاوف من أزمة على وشك الانفجار والآخر متربص يزرع فتيل أزمة بين الحين والآخر وتحديدا جماعة الإخوان، التي تري في انفصال العاصمتين والوقيعة بينهما فرصة تاريخية لاستكمال مشروعها بالمنطقة.
 
مغادرة قطان 
 
في ظل حالة الارتباك التي تسيطر على المشهد السياسي في مجمل العلاقات بين القاهرة والرياض، خرجت بعض الوسائل الإعلامية لتلقى حجرا جديدا في مياه الخلافات الراكدة وغير المفهومة، وتداولت أنباء حول مغادرة السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان للبلاد، عقب مشادة مع رئيس مجلس إدارة إحدى الصحف القومية على خلفية مشادة كلامية وقعت بينهما في منزل السفير الجزائري، بدأت بعتاب حول بعض التقارير الإعلامية المنتقدة للرياض، وتطورت لمشادة كلامية واحتجاج رسمى تقدمت بها سفارة خادم الحرمين للسلطات.
 
تكذيب رسمي 
 
في المقابل سارعت سفارة الرياض بإصدار بيان رسمي كذبت خلاله هذه الأنباء، ونقلت على السفير قطان قوله إن «العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية تزداد رسوخًا يومًا بعد يوم، في كل المجالات».
وكشف مصدر رسمي في تصريحات لـ"فيتو"، أن قطان غادر القاهرة لقضاء إجازته الرسمية في دول أوربية مستهجنة ما تداول من أنباء في شأن هذه الواقعة.
 
وفي الرياض، نفت مصادر سعودية ما تردد من أنباء عن مغادرة السفير السعودي القاهرة، ونقلت صحيفة "سبق" عن مصادر مطلعة بوزارة الخارجية أن "ما تردد عار من الصحة"، وأكدت أن قطان لا يزال يمارس عمله في سفارة المملكة بالقاهرة.
 
سوريا لب الخلاف 
 
وتعول العناصر الرامية لإحداث شرخ في جدار العلاقات المصرية السعودية، على التضاد بين المملكة والقاهرة في شأن الأزمة بسوريا، نظرا لتبنى مصر وجهة نظر تنادي بضرورة صيانة الدولة السورية، وعدم سقوط جيشها والدولة الرسمية في مستنقع الفوضى، ولا تمانع القاهرة في هذا الشأن من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد خلال فترة انتقالية لضمانة تماسك الدولة.
 
في المقابل تصر السعودية على رحيل الأسد، اليوم قبل الغد تماشيا مع وجهة نظرها التي ترى أن النظام قمع شعبه وعمد إلى التنكيل به وقتله.
 
الرؤية المصرية من حيث مقومات الأمن القومى ينظر لها على أنها تتبنى نظرية معتبرة، خاصة أن مصر عانت من ويلات الفوضى وتخشي على الدولة السورية من السقوط في وقت تسعى الجبهة المصرية إلى ترميم الشروخ التي أحدثتها أعوام الثورة والإخوان.
 
الرؤية السعودية، تحترم هي الأخرى من جهة المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان، والتخوفات التي تطال الرياض من التمدد الإيرانى، وظهور الأسد كذراع مسلح لطهران يصل إلى البحر المتوسط.
 
التضاد في الرؤية التقطه عناصر تعمل على تفجير الخلافات، وترمى إلى تفكيك التحالفات الإقليمية وتتفهم جيدا أن السعودية ومصر، الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها خيمة الأمة العربية.
 
مصر تنفي 
 
أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، على اتفاق وجهة نظر مصر التام والشامل، مع الرؤية السعودية في شأن ضرورة الالتزام بمقررات «جنيف1» الصادرة في يونيو2012، لإنهاء الأزمة السورية سياسيا، مؤكدا أن «لا خلافات بين البلدين في هذا الجانب».
 
وأوضح أبوزيد، في تصريح خاص لصيحفة "الحياة" اللندنية، أنه «لا صحة لما يقال عن خلافات مصرية - سعودية في هذا الجانب»، لكنه لم يخفِ عدم التطابق في بعض وجهات النظر بين البلدين حيـال الأزمة.
 
وقال: إن «ما يتم ترديده في بعض وسائل الإعلام الآن لا يتفق بأي شكل من الأشكال مع الحقيقة، ونؤكد في كل محفل أن العلاقات بين البلدين في أفضل صورها، والتنسيق قائم بين الرياض والقاهرة في أشكال وصور عدة».
 
وأشـار إلى أن «لكل دولة في بعض الحالات مواقف قـد لا تتطابق بنسبة 100 في المائة، لكن التشـاور والتنــسـيق قائمان والتوجـه واحد».
 
وحول تباين وجهات النظر بين البلدين في ما يتعلق بالعمليات العسكرية الروسية في سورية، واختلاف رؤية البلدين لبقاء أو رحيل نظام بشار الأسد، قال أبوزيد: «نتفق حول مخرجات مؤتمر جنيف1 ولا يوجد خلافات حولها، لكن مسألة بقاء بشار الأسد أو عدمه هو أمر يحسمه الشعب السوري، ولا نتحدث فيه ولسنا أصحاب رأي في شأنه، لكن في النهاية مخرجات «جنيف1» واضحة وتتحدث عن عناصر محددة في الاتفاق، ويوجد اتفاق كامل في شأنها ليس بين السعودية ومصر وحدهما بل هناك إجماع دولي على مقرراتها».
 
مخاوف الانفجار 
 
بالرغم من بيانات التجميل الدبلوماسية وعدم صدور تصريحات رسمية من رأس النظام الحاكم في القاهرة والرياض، تثبت أو تنفى وجود الخلافات، يجب التحذير هنا من ترك الأمور للتسريبات الصحفية، وخروج أطراف من هنا وهناك لا تمتلك حق التعليق على العلاقات بين قطبى الأمة العربية، للتحدث في أمر يمس الأمن القومى العربي، وتركه للتنظير على صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية وشاشات الفضائيات حتى الانفجار.