يُعد المهندس المصري القبطي اللواء "باقي زكي يوسف"، صاحب فكرة عمل ثغرة في الساتر الترابي خلال حرب أكتوبر عام 1973، عن طريق ضربه بمضخات تدفق مياه قناة السويس بقوة، نموذجا فريدا، استطاع حل معضلة احتار فيها كبار القادة العسكريين المصريين، حين اتجه فكرهم نحو الديناميت والنابالم والمدافع والصواريخ؛ لتفجير الساتر الترابي الهائل، فجاء الحلُّ على لسانه من خلال "رهافة قطرة الماء التي تفتت الصخر حين تخفق فيه المعاول".

وفي عصر لم يعرف الفتنة الطائفة، طلب الرئيس جمال عبدالناصر مقابلة الضابط القبطي رغم صغر رتبته العسكرية، وبحث معه خطته، ثم أوصى الفريق أول محمد فوزى، وزير الدفاع، باختبارها، فتم التدريب السري عليها في أكثر من موقع ببحيرة قارون بالفيوم، وبالقناطر الخيرية، دون أن يدري أحد.

ويُعد خط بارليف سلسلة من التحصينات الدفاعية التي تمتد علي طول الساحل الشرقي لقناة السويس، بُني من قِبل إسرائيل بعد استيلائها علي سيناء عقب حرب 1967، وكان الهدف الأساسي من بناء الخط هو تأمين الضفة الشرقية لقناة السويس، ومنع عبور أية قوات مصرية خلالها، وتميز خط بارليف بساتر ترابي ذات ارتفاع كبير من 20 إلى 22 مترا، وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تُسمَّى “دشم” على مسافات تتراوح من 10 إلي 12 كم.

ويرجع الفضل في تمكن القوات المصرية من عبور خط بارليف الحصين إلى فطنة وذكاء اللواء "باقي زكي يوسف"، رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني، وصاحب فكرة استخدام ضغط المياه؛ لإحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف، وذلك في سبتمبر عام 1969، والتي تم تنفيذها في حرب أكتوبر عام 1973.

وجاءته الفكرة العبقرية من خلال الطريقة التي كانوا يفتتون بها جبال الرمال، والتي كان يبنون بها جسم السد العالي، وكيفية ضخ المياه المضغوطة لتجريف جبال الرمل، وسحبها وشفطها في أنابيب مخصوصة عن طريق طلمبات؛ لاستغلال مخلوط المياه والرملة في عمليات بناء جسم السد العالي، وفى يوم 6 أكتوبر عام 1973، فتحت أول ثغرة في حدود الساعة السادسة مساء، وتم فتح ثلاثة أرباع الثغرات.

حصل اللواء “باقى زكى يوسف” على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعمال قتال استثنائية في حرب 1973، وخرج على المعاش في عام 1984 برتبة لواء.

وتخرج اللواء باقي زكي يوسف ياقوت من كلية الهندسة جامعة عين شمس 1954، وكان عمله في الأصل ضابط مركبات، وتم انتدابه للعمل في مشروع السد العالي خلال الفترة من أبريل 1964 إلى 5 يونيو 1967، وعندما انتهت فترة الانتداب، تم تعيينه رئيسا لفرع المركبات بالفرقة 19 مشاة الميكانيكية بالجيش الثالث الميداني.