أنا من الناس الهبلة ، فعلياً "هبلة" اللي هو مؤمنة بالعلاقات الأبدية والنهايات السعيدة والحب النقي وحلاوة الروح والترابط الأسري وإن الشحاتين كلهم مش لاقيين ياكلوا، وإن اللي وقفني عشان ماعهوش جنيه يركب كان فعلاً اتسرق، وإن اللي بيعبرلي بكل صدق على إنه مالوش غيري، بيبقى مقطوع من شجرة، وإن الراجل اللي خبطني وأنا في الميكروباص كان فعلاً مش قصده، وإن اللي بيوصفلي الطريق ده أكيد عارفه كويس مش بيفتي، وإن أصدقاء الطفولة هيفضلوا معايا لآخر لحظة في عمري، وإن اللي بيحب بيسامح،  وإن "شيرين" ماكدبتش لما قالت إنها مش عاملة عمليات تجميل، وإن الفلوس مش كل حاجة، وإن البلد دي بكل اللي فيها هي أكيد أحسن من غيرها.. يعني باختصار "هبلة".
وعشان الحياة دايماً بتستغل هبلي، فمن كام يوم قررت - الحياة-  أنها تفوقني زي كل مرة على قلم جامد "قلم الفقدان" وللعلم ده بالنسبالي مش مجرد قلم أو موقف، بالنسبالي "الفقدان" شبح، بخاف يظهر لي في أي وقت، لأني دايماً مش ببقى متوقعاه ولا عاملة حسابه، أنا اكتشفت بعد قعدة طويلة مع نفسي أني عندي نوع جديد من الفوبيا اسمه "فوبيا الفقدان" ، والمفروض أن ده جزء طبيعي من النفس البشرية، والغريب إني متصالحة جداً مع مفهوم "الخسارة"، ممكن أخسر فرصة شغل كويس أو أخسر لعبة بلعبها أو أخسر تحدي أو أخسر فلوسي، لكن الخسارة الوحيدة اللي مابقدرش أتقبلها هي خسارة "البشر" أياً كانت شكل الخسارة.. بإرادتهم أو من غير.. مع إن الخسارة زي أي حاجة في الدنيا مابتتجزأش، بس أنا برفض كل مرة عرض" Package الخسارة ".
وفي لحظة معينة، أفتكر من ييجي 5-6 سنين قعدت مع نفسي وزعقتلها وقولتلها بكل حسم "منة، إنتي هتبطلي تحبي الناس وتتعلقي بيهم، ده مش معناه أنك هتكرهيهم، لأ أنتي هتفضلي موسطنة نفسك، وهتشيلي من دماغك فكرة التوقعات العالية من الأشخاص ومش هتعتمدي على الجنس البشري في إسعادك".
والحقيقة أن بعد اليوم ده والواقفة دي مع النفس.. ماحصلش أي حاجة، أنا زي ما أنا بنفس هبلي ومعتقداتي، بل أكثر هبلاً وتعلقاً بالبشر.. بقيت بحب الناس أكتر، وبهتم بيهم أكتر، وبكون شبكة علاقات أوسع وأعمق، ومش بس كده، لا أنا بربط وجودي بوجودهم وسعادتي بسعادتهم واهتماماتي على حسب اهتماماتهم وفي أحيان كتير بفضلهم على نفسي وأفكر إزاي أسعدهم حتى لو في سعادتهم تعاستي.
ده خلاني عندي أوبشنز كتير في علاقتي بالناس، حبايب، أصدقاء مقربين، أصدقاء مش مقربين أوي، زملاء، إخوات.. بمعنى الاهتمام بوجود العلاقة بغض النظر عن شكلها وتبعياتها ومواصفاتها ومميزاتها وعيوبها.
لما خسرت شخص عزيز عليا، حسيت أنها ضلمت، مش الأوضة ولا شاشة الموبايل ولا التلفزيون، لأ الدنيا، حسيت أن الدنيا الواسعة دي كلها ضيقة جداً عليا مش واخدة راحتي فيها ومفيش وضع مريحني، مفيش براح.. الموقف ده فكّرني لما كنت صغيرة وكانت لعبتي المفضلة هي "كهرباااا ... شد الكوبس"، وده كان بسبب أني ماكنش عندي قدرة كبيرة على الجري أو بمعنى أصح، كنت بكسّل أجري، لأني ماجربتش أساساً إني أجري ، عشان خفت أتعب بعد ما أجري، وخفت أتمسك لو ماعرفتش أجري،  خصوصاً لو فيه ناس أسرع مني في اللعبة، كنت دايماً بقول بدل ما أتمسك أخليني في الـ Comfort Zone  وأقول "كهربا" أحسن.
كنت بقف وانا مكتفة نفسي (وضع الكهربا)، واتفرج على صحابي وهما بيجروا وبيستخبوا وبيعملوا مناورات عشان مايتمسكوش، كنت بشوف هما قد إيه فرحانين ومتحررين وأنا واقفة مستنية أي شخص يلتفت لوجودي وييجي يلمسني عشان يحررني، بنادي فيهم "حد ييجي يشد الكوبس" بس غالباً مكانش حد بيسأل فيا ولا بيغير طريق الجري لمجرد إنه ييجي يفكني.
 حسيت أني بقالي 23 سنة عاملة "كهربا" وموقفة حياتي على وجود ناس تانية، بخاف أعيش أي مغامرة وبختار الحل الأسهل، بخاف أتحمل مسؤولية إني أبقى أنا "المساك" ، ومع ده كله بحرم نفسي من متع كتير في الحياة عشان بس خايفة أجربها.
عشان كده من النهاردة، أنا قررت ما أقولش "كهربا" ومش هوقف حياتي على شخص، ومش هقف اتفرج ع المشهد من بعيد، دايماً هكون جزء من المغامرة، ولو الحياة عصلجت معايا واضطريت أقول "كهربا"... هستعمل خاصية " الشقدونس" وأحرر نفسي بنفسي، هجري لحد ما نفسي يتقطع، ومش هخاف أقع في الفخ، ويمكن هفضل أحب الناس وأتعلق بيهم بس مش هوقف حياتي عشانهم ولا هربط سعادتي بسعادتهم.
أنا ما اعرفش أنا برغي في إيه بقالي ساعة ولا بكتب الكلام ده ليه وبكرة عيد وماحدش فاضي يقراه أساساً بس اعتبروها دعوة للانطلاق ..  " شدوا الكوبس يا جماعة" وكل سنة وإنتوا طيبين.