• الأسرة كانت تحاول الهجرة إلى كندا.. وتركيا تقبض على 4 من المهربين المتورطين في الحادث  

    هزت صورة الطفل السوري الغريق «ايلان»، البالغ من العمر ثلاث سنوات التي جرفتها الأمواج إلى شاطئ منتجع بودروم التركي المطل على بحر إيجة، العالم وأشعلت وسائل التواصل الاجتماعي وتصدرت الصفحات الأولى لكبريات الصحف، كما انها عمقت الخلافات بين الدول الأوروبية وزادت الضغوط عليها للتوصل الى معالجة سريعة لأزمة اللاجئين. ومع توارد المعلومات عن اعتقال الشرطة التركية نحو 4 سوريين من عصابة المهربين المشتبه في وقوفهم وراء عملية التهريب، فإن مأساة هذه العائلة لم تتوقف عند وفاة طفلها ذي الأعوام الثلاثة، اذ غرق معه شقيقه الأكبر غالب الذي لم يتجاوز الخمسة أعوام اضافة الى والدتهما ريحانة.

    وبعد ان تخلى عن حلم الهجرة الى كندا للحاق بأقاربه هناك، نقلت وسائل اعلام عن والد العائلة المكلومة عبدالله، الذي عثر عليه فاقدا للوعي أيضا، نقل عنه رغبته في العودة الى كوباني (عين العرب)، التي هجروها هربا من الحرب ليدفن فيها عائلته الصغيرة. ورفعت حادثة الغرق هذه من منسوب الضغط على الدول الأوروبية لتبني سياسات أكثر تساهلا مع اللاجئين، والحيلولة دون تعريضهم للمزيد من المخاطر. وطالب نواب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالعمل على استقبال المزيد من اللاجئين، بينما اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الأوروبية بتحويل البحر المتوسط الى «مقبرة للمهاجرين». واعتبر انها «شريكة في الجريمة التي تقع كلما قتل لاجئ».

    وفي مزيد من التفاصيل فقد أفاد صحافي كردي بأن الأسرة المكلومة قبل ان ينتهي مصير معظم أفرادها الى الغرق (الأم وطفلان)، نزحت مرات عدة داخل سورية والى تركيا هربا من أعمال العنف الى ان قررت الهجرة الى أوروبا.

    وقال الصحافي مصطفى عبدي من مدينة كوباني السورية ذات الأغلبية الكردية والحدودية مع تركيا لوكالة فرانس برس: ان والد الطفل ووالدته متحدران من كوباني، «وكانا يسكنان دمشق منذ مدة طويلة. وفي 2012، غادرا دمشق (التي شهدت اشتباكات في تلك الفترة) مع ولديهما الى حلب (شمالا)». وأضاف: «عندما اندلعت المعارك في حلب، انتقلا مع عائلتهما الى كوباني، فحصلت حرب ايضا، فانتقلوا الى تركيا. وبعد تحرير كوباني، «داعش» عادوا اليها، فحصلت المجزرة» على يد التنظيم. وروى عبدي ان «المجزرة كانت قريبة منهم. لم يتمكنوا من ايجاد مكان لهم في مخيمات تركيا، فاستدانوا مبلغا من المال بعدما امضوا شهرا في بودروم وانطلقوا باحثين عن حياة افضل».

    لكن أيلان لم يكن وحده من غرق، فقد لقي شقيقه ويدعى غالب ويبلغ من العمر خمس سنوات وأمه ريحان حتفهما أيضا إثر انقلاب قاربهم أثناء محاولة الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية. وقالت صحيفة صباح التركية إن والد الطفل ويدعى عبدالله عثر عليه فاقدا للوعي تقريبا ونقل إلى مستشفى قرب بودروم.

    واشار موقع صحيفة اوتاوا سيتيزن نقلا عن احد الاقارب الى ان رب العائلة عبدالله اكد انه يريد العودة الى كوباني لدفن زوجته وابنيه.

    بدورها، نقلت صحيفة ناشونال بوست الكندية عن تيما كردي شقيقة عبدالله وتسكن مدينة فانكوفر في كندا «سمعت النبأ في الساعة الخامسة فجر» واتصلت زوجة أحد أشقاء عبدالله بتيما. وقالت انها «تلقت اتصالا من عبدالله وكان كل ما قاله هو: ماتت زوجتي وطفلاي».

    ونقلت الصحيفة عن تيما قولها إن عبدالله وزوجته وطفليه قدموا طلبات لجوء على نفقة خاصة للسلطات الكندية ورفضت في يونيو بسبب مشاكل في الطلبات الواردة من تركيا. هذا، وقالت وكالة دوجان التركية للأنباء أمس إن السلطات اعتقلت 4 سوريين يشتبه في تورطهم في تنظيم رحلة القارب الذي انقلب في البحر بين تركيا وجزيرة كوس.

    وأضافت أن الأربعة وبينهم ربان القارب اعتقلوا مساء الأربعاء وأن السلطات تواصل التحقيق معهم.

    الإنسانية تغرق

    من جهة أخرى وتحت عنوان "الإنسانية تغرق" تشارك المغردون والمعلقون تبادل الصورة البشعة، لطفل الثالثة من العمر الذي قالت صحيفة الموندو الإسبانية إنه يُدعى ايلان كردي وانطلقت صرخات كثيرة أطلقها أشخاص عاديون وإعلاميون وسياسيون ومن كل الاختصاصات الأخرى.

    و"صرخت" مجلة لونوفال اوبسرفاتير على موقعها: "كل هذا من أجل هذا الجحيم؟" بقلم أحد صحافييها البارزين ماتيو كرواساندو، الذي قال "إن الصورة الفظيعة كفيلة وحدها بإقناع العالم وأوروبا، بضرورة المرور من طور الاكتفاء بالكلام إلى طور الفعل"، وأَضاف "الفعل يعني الآن وفوراً".

    من جهتها هاجمت صحيفة "إندبندنت" البريطانية الشهيرة الإتحاد الأوروبي عقب انتشار صورة الطفل السوري الغريق، على رمال الساحل التركي، متسائلة "إذا لم تقم هذه الصور - غير العادية - لمأساة اللاجئيين السوريين بإيقاظكم؛ لمساعدة هؤلاء اللاجئين، فكيف تصحى ضمائركم؟".

    وأكدت الصحيفة، أنها قررت نشر الصور دون إخفاء للملامح لتكون صادمة، ولتحث الذين يقولون وينعتون الأزمة التي يمر بها اللاجئين بالأزمة على الدول الأوروبية التي تريد احتلال الوطن، وتبديلها بكلمات معاناة اللاجئيين نظرا لما يواجهونه.

    وأوضحت أن الصبي، لقي مصرعه بعد انطلاقه مع أبويه على متن قارب في طريقهم إلى أوروبا، حيث تعرض القارب لخللٍ في عرض البحر، ثم غرق وعلى متنه 12 مهاجرا من بينهم هذا الطفل، وحملت الأمواج جثة الطفل إلى نقطة انطلاقه في تركيا على شواطئ "بودروم"، لتعثر عليه قوات خفر السواحل التركية صباح اليوم الأربعاء.

    أما صحيفة لافانغارديا الإسبانية فقالت إنه إذا كان لابد من وضع عنوان معبر عن المأساة السورية، فإن هذه الصورة "الأكثر بشاعة وفظاعة" ستكون بلا شك العنوان المناسب لتوصيف الوضع الكارثي في سوريا.

    وفي بلجيكا قال موقع 7 على 7 الإخباري "رغم بشاعتها قررنا نشر هذه الصورة لنُعطي الجريمة التي تُقترف في سوريا، اسماً لطفل بريء لتلخيص كل البشاعة الدائرة هناك، ولتغيير طريقة تعامل أوروبا مع كارثة اللاجئين حتى اليوم، بعد أن يستيقظ ضميرها أخيراً".

    ومن جهتها علقت قناة اي تلي التلفزيونية الفرنسية، على فجيعة الصورة فقالت إنها "تضع أوروبا فعلاً أمام أكبر مأساة إنسانية تشهدها القارة منذ الحرب العالمية لثانية".

    في الوقت الذي تنادت فيه الضمائر بعد صدمة الطفل الغريق، تناولت مواقع إسرائيلية أو موالية لإسرائيل، فقالت مثل موقع "عليا اكسبرس" إن صورة الطفل الغريق، ستمر في صمت ولن تهز ضمير العالم لأنها ليست لطفل فلسطيني بعد أن "تحول الأطفال الفلسطينيون إلى وسيلة مُفضلة لدى أعدائها في مساعيهم لتدمير دولة إسرائيل"، حسب قولها.

    أردوغان يحملها مسؤولية مقتل كل لاجئ: أوروبا حولت المتوسط إلى مقبرة

    أنقرة ـ أ.ف.پ: اتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان امس الدول الاوروبية بتحويل البحر المتوسط الى «مقبرة للمهاجرين» ردا على نشر صورة الطفل السوري الذي عثر عليه غريقا على احد شواطئ تركيا.

    وقال اردوغان في خطاب ألقاه في انقرة ان «الدول الاوروبية التي حولت البحر المتوسط، مهد حضارات قديمة، الى مقبرة للمهاجرين تتحمل قسما من المسؤولية في مقتل كل لاجئ». وأضاف متحدثا امام مجموعة من رجال الاعمال عشية اجتماع لوزراء المالية وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين في العاصمة التركية «ان تدفع الامواج جثة طفل في الثالثة الى شواطئنا، الا يتحتم محاسبة البشرية اجمع على ذلك؟».

    وشدد الرئيس التركي الذي يندد باستمرار برفض البلدان الاوروبية استقبال المزيد من اللاجئين السوريين «ليس المهاجرون وحدهم من يغرق في المتوسط بل كذلك انسانيتنا».

    وذكر ان تركيا تستضيف اليوم حوالى مليوني لاجئ سوري هربوا من النزاع المستمر في بلادهم منذ اكثر من اربع سنوات، عملا بسياسة «الباب المفتوح» التي تنتهجها.

    وقال اردوغان «لم نتخل عن الذين كانوا يهربون من القنابل لأننا انسانيون».

    وتابع «ان الدول الاوروبية التي وضعت المعايير للحقوق والحريات الانسانية الاساسية تبتعد الآن عن هذه المبادئ».

    وأكد «لا نعتبر من العدل تحميلنا عبء مشكلة يواجهها العالم بأسره».

    مصورة ايلان: عندما رأيته أصابني الجمود

    انقرة ـ أ.ف.پ: أكدت المصورة التركية التي التقطت صور جثة الطفل السوري ذي الثلاثة أعوام والتي صدمت العالم الخميس انها اصيبت «بالجمود» عندما شاهدته على شاطئ في مدينة بودروم السياحية جنوب غرب تركيا.

    وصرحت المصورة نيلوفير دمير التي تعمل لصالح وكالة دوغان الخاصة عبر قناة اخبارية «عندما رأيته اصابني الجمود. تسمرت في مكاني. مع الاسف لم يعد ممكنا فعل اي شيء لمساعدة هذا الطفل، فقمت بعملي».

    وأضافت «نتنزه دائما على هذه الشواطئ منذ اشهر. لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا. رأينا اولا جثة الصبي الاصغر الهامدة، ثم جثة شقيقه. اردت عبر التقاط صورهما نقل مأساة هؤلاء الناس».

    وبدأ الطفل الأصغر آيلان الكردي مرتديا قميصا احمر وسروالا قصيرا ازرق، ملقى على بطنه على رمال الشاطئ في بودروم.

    وأضافت المصورة ان جثتي شقيقه غالب (البالغ خمس سنوات) ووالدتهما ريحانة عثر عليهما كذلك على الشاطئ نفسه.

    وأكدت دمير «لم أكن أتصور ان تحدث تلك الصور هذا الوقع» موضحة انها سبق ان التقطت صور جثث لاجئين على شواطئ تركية.

    دعوات لمسيرة من وسط لندن لإظهار التضامن

    ضغوط على كاميرون لاستقبال مزيد من اللاجئين

    عواصم ـ وكالات: عمقت صورة الطفل السوري الغريق على شواطئ تركيا أمس من أزمة اللاجئين الأسوأ التي تواجهها اوروبا منذ الحرب العالمية. وزادت الهوة بين دول الاتحاد الأوروبي حول قوانين الهجرة والحصص التي على كل دولة استقبالها. فقد واجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ضغوطا أمس لاستقبال مزيد من اللاجئين وانتقادات لتصريحات مثيرة للجدل بعدما قال إنه لا يعتقد أن التعامل مع أزمة اللاجئين يجب أن يكون باستقبال المزيد منهم ولكن بتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وذلك قبل ساعات من نشر الصورة المؤلمة.

    وقال أحد العناوين في الصفحة الرئيسية لصحيفة (ذا صن) الأكثر مبيعا في بريطانيا «لقد انتهى الصيف يا سيد كاميرون... تعامل الآن مع أكبر أزمة تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية». وكتب العنوان فوق صورة لأحد عناصر خفر السواحل الأتراك وهو يحمل جثة الطفل الغريق.

    ونشر نديم زهاوي عضو البرلمان عن حزب المحافظين الذي يقوده كاميرون صورة الطفل السوري على حسابه على تويتر وعلق عليها قائلا «لا نساوي شيئا بدون الشفقة. صورة ينبغي أن تشعرنا جميعا بالخجل. أخفقنا في سورية. آسف أيها الملاك الصغير. ارقد في سلام».

    وطالب بعض المشرعين الآخرين من حزب المحافظين باتخاذ موقف أكثر رحمة مع اللاجئين. وكتب توم توجندهات على تويتر أن العديد من الناخبين في دائرته يريدون أن تفعل بريطانيا المزيد في هذا الشأن وأنه يتفق معهم.

    ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن جوني ميرسر قوله إن الأمهات اللاتي يحمين أطفالهن من الغرق بسترات النجاة يجب ألا يعتبرن المملكة المتحدة مكانا لا يرحب بهن.

    وقالت إيفيت كوبر إحدى أربعة مرشحين لقيادة حزب العمال المعارض في خطاب: إن على بريطانيا استقبال عشرة آلاف لاجئ آخرين.

    وفي مؤشر على تنامي الاستياء الشعبي من الموقف الرسمي تكتسب دعوة لتنظيم مسيرة من وسط لندن وحتى مكتب كاميرون في داوننج ستريت لإظهار التضامن مع اللاجئين تأييدا متزايدا على فيسبوك.

    ووقع ما يقرب من مائة ألف شخص على التماس منشور على موقع البرلمان لقبول المزيد من اللاجئين وزيادة الدعم المقدم لهم.

    واعتبر زعيم حزب الديموقراطيين الأحرار تيم فارون انه «من الخطأ الأخلاقي استقبال بضع مئات فقط في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون».

    من جهتها، اكدت الوزير الاول لأسكتلندا نيكولا ستارجن ان «المملكة المتحدة بمقدورها عمل المزيد والكثير» معربة عن استعداد بلادها لاستقبال عدد من اللاجئين.

    رئيس الوزراء الإيطالي: صورة الطفل الغريق تهز القلب وتؤنب الروح

    روما ـ أ.ش.أ: وصف رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي صورة الطفل السوري ايلان كردي، المنكفئ على وجهه على ساحل البحر والذي غرق قرب تركيا بأنها «تهز القلب وتؤنب الروح».

    وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» أن تصريح رئيس الوزراء الإيطالي جاء تعليقا على الصورة التي تم تداولها بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونشرتها صحف ومواقع إعلامية أوروبية أمس.

    وقال رئيس الحكومة الإيطالية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المالطي جوزيف موسكات بمدينة فلورنسا، «هناك أب يحاول العودة إلى داره في مدينة كوباني (عين العرب) شمالي سورية لدفن أفراد أسرته... وأمام هذه الصور لا يمكن لأوروبا فقدان ماء وجهها».