الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من طاعته من طاعة الله وبيعته من بيعة الله والله يرتضى من ارتضاه قال تعالى فى سورة الشرح : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) وفى تفسيرهذه الآيات اجتهد الكثير من العلماء والمفسرين للوقوف على المعنى المراد من توسط العسر بين يسرين وجاء في الحديث " عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة أنه قال: (لن يغلب عسر يسرين) وعلى تكرار تأكيد الله لنا باليسر بعد العسر وقال القرطبى هذا وعد لجميع المؤمنين، لايخرج أحد منه، أي إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرا في الآخرة لا محالة. وربما اجتمع يسر الدنيا ويسر الآخرة والذي في الخبر:" (لن يغلب عسر يسرين)" يعني العسر الواحد لن يغلبهما، وإنما يغلب أحدهما إن غلب، وهو يسر الدنيا، فأما يسر الآخرة فكائن لا محالة، ولن يغلبه شيء وسبب نزول هذه الآيات لما عير المشركون المسلمين بالفقر وأخرج ابن جرير عن الحسن قال لما نزلت هذه الآية إن مع العسر يسرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشروا أتاكم اليسر لن يغلب عسر يسرين وما اردت الحديث عنه الجزء الثانى من الآيات (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) وقد اجتهد الكثير فى المعنى المراد من هذه الآيات وخاصة المراد من كلمة (فَرَغْتَ ، فَانصَبْ ) واليكم ما قيل فيهما قال ابن عباس وقتادة: فإذا فرغت من صلاتك فانصب أي بالغ في الدعاء وسله حاجتك. وقال ابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل. وقال الكلبي : إذا فرغت من تبليغ الرسالة (فانصب)أي استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. وقال الحسن وقتادة أيضاً: إذا فرغت من جهاد عدوك، فانصب لعبادة ربك. وعن مجاهد: (فإذا فرغت) من دنياك، (فانصب) في صلاتك. ونحوه عن الحسن. وقال الجنيد: إذا فرغت من أمر الخلق، فاجتهد في عبادة الحق وقيل ان المراد اذا فرغت من الفرائض فانصب للنوافل والبعض الآخر ذهب الى ان المراد منها (الفراغ) وان المراد انه لابد من استثمار الوقت بحيث يكون كله لله حتى وقت الفراغ فكل اوقاتنا يجب ان تكون فى عبادة قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) والحقيقة ان مثل هذه الآيات التى يختلف المفسرون فى معناها تختلف ايضا ويكون لها معان اخرى كثيرة فى نفوسنا عند قراءتها وهذه النعمة جعلها الله فى القرأن ومهما تكررت قراءتنا له نجد فى كل مرة معان جديدة والمؤمن لابد ان يدرك انه لم يجعل الله كتابه فى ايدينا الا للعمل به وتصديق ما جاء فيه ولن نعمل به الا بعد تصديق ما جاء فيه وكلنا عند نزول شدة اوضيق وعسر سواء كان الشخص نفسه او ناصح لغيره نجد السنتنا لا تذكر الا الجزء الآول من الآيات (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) على الرغم من الآهمية الكبيرة للجزء الثانى(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) والتى ان نجح فى القيام به سيتحقق ما وعدنا الله به فى الجزء الآول ولهذا يجب علينا ان نزل بنا عسر ان نفعل ما امرنا الله به فى هذه الآيات (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) فنحن نصدق ماجاء بكتاب الله واليقين عند العمل بيسر أكيد إن شاء الله وهذا اجمل ما قيل عن اليسر بعد العسر فلا تجزع وإن أعسرت يوم فقد ايسرت في الزمن الطويل ولا تظن بربك ظن سوء فان الله أولى بالجميل ولا تيأس فإن اليأس كفر لعل الله يغني عن قليل فإن العسر قد يتبعه يسر وقيل الله أصدق كل قيل ولو ان العقول تسوق رزقا لكان المال عند ذوي العقول وقال احد العباد الزهاد إذا أشتد عسر فارج يسراً فإنه قضى الله أن العسر يتبعه يسر وقال لقيط بن زرارة التميمي قد عشت في الناس أطوارا على خلق وقاسيت فيها اللين والقطعا شتى كلا لبست فلا النعماء تبطرني ولاتخشعت من لأوائها جزعا لايمل الهول صدري قبل وقعته ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا ما سد لي مطلع ضاقت ثنيته إلا وجدت وراء الضيق متسعا وقال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه إني أقول لنفسي وهي ضيقة وقد أناخ عليها الدهر بالعجب صبرا على شدة الأيام إن لها عقبى وما الصبر إلا عند ذي الحسب سيفتح الله عن قرب بنافعة فيها لمثلك راحات من التعب وقال شاعر يضيق صدري بغم عند حادثة وربما خير لي في الغم أحيانا ورب يوم يكون الغم أوله وعند آخره روحا وريحانا ما ضقت ذرعا بغم عند نأئبة إلا ولي فرج قد حل أو حانا وقال أبراهيم الصولي ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج والسلام عليكم ورحمة الله
 doaamwn@gmail.com