لم يكن قرار استبعاد اللواء محمد إبراهيم من منصبه مفاجأة بالقدر الذى يحاول البعض الترويج له، إنما كان معلومًا بالضرورة، و"اليوم السابع" انفرد فى 11 فبراير الماضى، بقرار الإطاحة الذى كان على مكتب المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وأن زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أجلت القرار.
اللواء محمد إبراهيم لم يعلم بخبر إقالته إلا بعد أن أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية
اللواء محمد إبراهيم، لم يعلم بخبر إقالته، إلا بعد أن أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكان الرجل قد استدعى مساعديه أول أمس الأربعاء، وأكد لهم أنه فى مهمة سرية لمحافظة السويس لزيارة معسكر الأمن المركزى هناك، والاحتفال بيوم المجند، وسط ضباطه وجنوده.
والدليل أيضا على عدم علم اللواء محمد إبراهيم بقرار إقالته، ما صرح به اليوم أمام ضباطه وجنوده فى المهمة السرية حيث قال: "إن أبناء الشعب المصرى العظيم يعولون ويعلقون الآمال على رجال الشرطة فى الاضطلاع بمهامهم تجاه أمن الوطن، الأمر الذى يتطلب اليقظة العالية والاستعداد الدائم لمواصلة الحرب على الإرهاب وملاحقة شراذمة المأجورة والضالة والقضاء على هذه الآفة واستئصالها من أرض الوطن".
لم يكن أمام الرئيس خيار إلا إقالة اللواء محمد إبراهيم
الحقيقة المؤكدة، أنه لم يكن أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى أى خيار آخر، إلا استبعاد اللواء محمد إبراهيم من منصبه، وأن المرحلة الحالية تتطلب دماء جديدة تُعيد للشرايين الأمنية حيويتها، خاصة الشرايين فى الأجهزة المعلوماتية، بجانب أن هناك حالة سخط عام فى الشارع ضد الرجل، وطال هذا السخط المؤيدين للنظام قبل خصومه.
أسباب السخط متعددة، فالرجل تحيط به الشكوك منذ توليه المسئولية فى أوائل عام 2013 فى حكومة هشام قنديل الإخوانية ومنذ هذا التاريخ ونار الأسئلة مستعرة، حول شخصيته، وانتمائه السياسى، وعدم تمتعه بأى شهرة بين زملائه الضباط، والإجابة تصب معظمها فى خانة أن الرجل إخوانى الهوى، وأن لولا تمتعه بهذا الشرط ما كان له أن يحمل حقيبة الوزارة السيادية فى عهد الجماعة الإخوانية. أيضا لم يقدم الرجل حلولا أمنية مبتكرة، وغابت الخطط الأمنية الواعية، سار الأداء بشكل نمطى، وفشل فى الإمساك بكل خيوط وزارته، مما قلل من هيبته بين ضباطه، فالقائد الناجح لكى يتمكن من قيادة مرؤسيه لا بد أن يتمتع بقدرات إبداعية تدهش رجاله، وتقنعهم بأنه يتفوق عليهم، ومن بين المعالجات الأمنية الخاطئة، والتى كشفت حجم الارتباك والتخبط، فض مظاهرة لم يتجاوز عددها 50 فردا، ونجم عنها سقوط شيماء الصباغ، ضحية، وأيضا التعامل مع أزمة استاد الدفاع الجوى، الذى راح ضحيته العشرات من جمهور «الوايت نايتس» بشكل سىء للغاية، ومقتل المحامى فى قسم المطرية نتيجة التعذيب، مما أجج الشارع بنار الغضب، وأحرج النظام بقوة.
أيضا، هذه المرحلة المهمة من عمر الوطن، ومواجهة عدو ضار، لا يعرف للأخلاق، والوطنية شيئا، من عينة جماعة الإخوان الإرهابية وأتباعها، وما تموج به المنطقة وليس مصر فحسب من مخاطر الإرهاب الباحث عن إثارة الفوضى وإحباط كل خطط التنمية للبلاد، إنما تتطلب رجلا له باع طويل فى كيفية التعامل مع الأمن المعلوماتى، وكيفية مواجهة الجماعات والتنظيمات المتطرفة، ويُقدر المعلومة، تقديرا كبيرا، ويستثمر جهوده فى هذا الملف الأمنى الجوهرى، ومن ثم فإن اللواء محمد إبراهيم، لا تنطبق عليه هذه الشروط، فالرجل طوال حياته يعمل فى إدارة السجون، ولديه خلفية بالأمن الجنائى.
حالة فرح شديدة سادت الضباط بمختلف الرتب بعد قرار الإطاحة بمحمد إبراهيم
التأكيد على كل ذلك، حالة الفرحة العارمة التى اجتاحت معظم الضباط بمختلف الرتب، وفى جميع الإدارات الشرطية، عقب قرار الإطاحة باللواء محمد إبراهيم، ويجزم الغياب التام للثقة بين الوزير السابق ورجاله، وأن وزارة الداخلية فى عهده افتقدت للخطط الأمنية فى المواجهة والحسم مع كل المخاطر التى واجهت مصر، وإنها تسير وفقا للقول المأثور "على ما تفرج".
المرحلة الحالية تحتاج من الدولة، التوسع بقوة فى الاستثمار الأمنى المعلوماتى، وإعادة هيكلة حقيقية، للدفع بالكفاءات، ونسف النظام القديم الذى يعتمد على الأقدمية فى الدفع بالعناصر للمناصب القيادية، عن طريق تغيير القوانين واللوائح التى تمكن من الدفع بالكفاءات دون الاعتبار بالتقليد القديم البالى، فى عملية الاختيار وهو عنصر "الأقدمية".