تواصلت الصحيفة البريطانية التليجراف مع بعض من معاصرى قائد التنظيم المسلح "داعش"، "أبو بكر البغدادى"، فى مرحلة شبابه المبكر قبل تحوله إلى طريق التطرف وتزعم التنظيم المسلح الأخطر فى العالم، لمعرفة مراحل تكوينه الفكرى التى انتقلت به من طالب خجول للعلوم الإسلامية، ولاعب موهوب لكرة القدم، إلى رأس التنظيم المرعب داعش. البغدادى، الذى ولد باسم "إبراهيم عوض إبراهيم البدرى" لعائلة من الوعاظ فى المدينة ذات الأغلبية السنية "سامراء" شمال بغداد، انتقل فى شبابه إلى العاصمة العراقية لاستكمال دراسته فى الجامعة الإسلامية، التى حصل منها على الدكتوراه فى الشريعة الإسلامية. بدأت التليجراف رحلتها بمحاورة "أبو على" صديق البغدادى فى مرحلة الشباب الأولى عند انتقاله إلى العاصمة العراقية وإقامته بالحى الفقير "طوبشى"، الذى يقع فى أطراف العاصمة، والذى يتعرض اليوم لحملات إغارة للبحث عن أى بوادر تعاطف مع التنظيم المسلح "داعش"، نظرا لاحتضانه الزعيم الحالى للتنظيم لفترة قاربت من العقد. وقال "أبو على" لصحيفة التليجراف وسط توجس من المليشيات التى تطوف بشوارع الحى، إن البغدادى منذ قدومه إلى الحى وسكنه بجوار المسجد تميز بالهدوء والطيبة والبعد عن العنف، كما أنه أثبت موهبة كبيرة كمهاجم فى كرة القدم بالمباريات، التى ينظمها المسجد كنشاط رياضى لشباب الحى."كان يعتبر مثل ميسى بين لاعبى الفرق". وأضاف "أبو على" بأن البغدادى تميز بتدينه الشديد الذى جعله فى أحد الأيام يعترض على حفل زفاف بالحى بسبب اختلاط الرجال بالنساء، ولكنه لم يبد أى اهتمام سياسى. ومن جانبه، قال "أحمد الدبش" زميل دراسة "البغدادى"، بأنه تميز بالأدب والهدوء وعدم الاختلاط مع الآخرين، واصفا إياه بأنه كان أقصر من قامته التى تصل إلى 180 سنتيمترا بقبضة، واعتاد على ارتداء نظارة بسبب ضعف نظره. ولم يلتحق البغدادى بالحزب الإسلامى، مما جعله يدخل فى شجار مع شيخ الجامع الذى يسكن بجواره، بعد أن عرض عليه الأخير الانضمام إلى الحزب، لينتهى الأمر بطرد البغدادى من منزله الذى كان يستأجره من شيخ الجامع، وفقا لما قاله الدبش لمراسل التليجراف. وأضاف الدبش بأنه مع قدوم الغزو الأمريكى البريطانى قرر أن ينضم إلى المليشيات الإسلامية، التى قامت بعمليات ضد الجنود الغزاة، وكانت نواة لتأسيس فرع لتنظيم القاعدة بالعراق تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوى، ولكنه نفى انضمام البغدادى إلى المليشيات، التى تقاتل ضد القوات الأمريكية وتنفذ العمليات الانتحارية ذات الصبغة الطائفية ضد شيعة العراق. ويقول الخبير الأمنى العراقى "هاشم الهاشمى" الذى التقى بالبغدادى من قبل، أن فترة حبس البغدادى من العام 2005 إلى العام 2009 بسجن "بوكا" الأمريكى كانت الحاسمة فى تحوّله إلى العنف والارتماء فى أحضان التنظيمات المتطرفة. وتعرض البغدادى فى فترة السجن تلك إلى موجات من التأصل والأفكار، كما صادق العديد من أعضاء تنظيم القاعدة، يكمل الهاشمى للصحيفة البريطانية. ويقول الجنرال الأمريكى "كينيث كينج" بأنه تم إطلاق سراح البغدادى بعد التأكد من عدم تورطه فى الأنشطة العنيفة، مشيرا إلى أن عند خروجه من السجن حيا الجنود الأمريكيين قائلا أراكم فى "نيويورك"، دون توضيح مغزى عباراته. وانضم البغدادى بعد خروجه من السجن بتنظيم القاعدة فى العراق ليحظى بثقة أعضائه فى وقت قياسى، وليقفز إلى زعامة التنظيم بعد مقتل "أبو عمر البغدادى" الذى خلف "أبو مصعب الزرقاوى" فى قيادة تنظيم القاعدة. ويظل وصول البغدادى إلى زعامة التنظيم، الذى تحول لاحقا إلى "داعش" لغزا يحير الخبراء، خاصة بسبب وجود من هم أقدم منه وأكثر خبرة بين صفوف التنظيم المتطرف، لكن ذلك لم يمنع أن يحصل على 9 أصوات من مجلس شورى التنظيم الذى يتكون من 11 عضوا ليصل إلى رأس التنظيم، الذى تحول إلى التنظيم المسلح الأغنى والأخطر فى العالم منذ أن ترأسه البغدادى.