الصحيفة تتلاعب في حوار السيسي مع الوكالة الأمريكية لافتعال أزمة دبلوماسية
التشكيك في النوايا المصرية لمحاربة داعش.. و"أموال مبارك" سقطة تاريخية
تجاهلت زيارة الرئيس لضحية التحرش وتشكك في قدرته على حل الأزمة

من الوهلة الأولى، لا يستطيع أكثر المتفائلين، أن ينكر انحياز صحف الغرب بصفة عامة والبريطانية بصفة خاصة، لجماعة الإخوان الإرهابية، فـ"الجارديان" وهي أكبر الصحف البريطانية وأشهرها، دائما ما تحاول أن تدخل في منافسة مع نفسها في سباق الحيد عن المهنية والبعد عن واقع الأمور والشئون المصرية، ساعية أن تصنع من أكاذيب مبتكرة بإتقان تام، حقائق ظاهرية، لا يلمسها سوى أعضاء جماعتها الإرهابية.

ومنذ بداية الاضطرابات بمصر، تبنت الصحيفة البريطانية معايير لا تمت للمهنية الصحفية بصلة، بدافع من التمويل أو المصلحة، متناسية رغبات المصريين، في تحقيق استقرار بلادهم، وتطلعاتهم نحو الرخاء، والأوضاع المثلى.

ودائما ما تتخلى "الجارديان" عن مهنيتها كأحد أشهر الصحف على مستوى العالم، فيما يتعلق بتناولها لأحداث مصر، ففي تغطيتها لحوار الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت الماضي مع وكالة أنباء "أسوشيتد بريس" الأمريكية، لم تذكر الصحيفة تصريحات الرئيس المصري بدقة، أو بشكل مفهوم يمكن القراء من الإلمام بفكر السيسي فيما يتعلق بإمكانية مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، في محاولة فاشلة لإكسابها بعض الخلل، فالسيسي الذي أكد أن مواجهة التنظيم الإرهابي تحتاج إلى إستراتيجية كاملة وليس قرار بنشر قوات برية فحسب، والذي أوضح أن السلطات العراقية بالكفاءة المطلوبة لمواجهة داعش، تعرض لمحاولة فاشلة من الصحيفة البريطانية لإظهار تصريحاته غير مفهومة، حيث ذكرت "الجارديان" هذا الجزء فقط "المسألة ليست نشر قوات برية من الخارج"، فالتصريحات الكاملة فيما يخص هذا الأمر، هي "السلطات العراقية بالكفاءة الكافية لمواجهة داعش، فالمسألة ليست نشر قوات برية من الخارج".

وبالطبع هذا النوع من التقصير والتهاون، أظهر تصريحات السيسي ناقصة وغير مكتملة، على الرغم من كونها جزء أصيل من التقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية السبت.

وإذا كانت الصحيفة البريطانية، لا ترى في مصر غير السيئ، فإن من الطبيعي أن تحتل الأحداث التي مرت بها مصر خلال الأعوام الثلاثة السابقة نصيب الأسد من تقاريرها ومقالاتها، فمن بداية ثورة 25 يناير، وتبنت الصحيفة البريطانية، آراء العديد من المحللين والخبراء، الذين أثارت آرائهم البلبلة، فيما يخص العديد من القضايا والأزمات.

وجاءت ثروة الرئيس الأسبق حسني مبارك على رأس تلك القضايا، حيث ذكرت "الجارديان" على لسان أحد الخبراء بالشرق الأوسط، أن مبارك يملك ما يزيد عن 70 مليار دولار، في حسابات سرية ببنوك أمريكية وسويسرية، غير أن الأزمة لا تكمن في تخمينها ثروة الرئيس الأسبق، إلا أن المشكلة الحقيقية تتلخص في اعتذارها عن هذا التقرير على لسان كريس إليوت مدير تحرير تعليقات القراء في صحيفة "الجارديان"، الذي اعترف بالخطأ الذي ارتكبته الصحيفة في صياغة الخبر الذي نشرته في 4 فبراير 2011، بأن ثروة المخلوع تصل إلى 70 مليار دولار.

واعترف إليوت بأن مشكلة الخبر كانت في المصادر التي اعتمد عليها، حيث اعتمدت الصحيفة على آراء اثنين من الخبراء، حيث قام أحدهما بتقدير حجم الثروة، فيما لم يستطع الآخر أن يحدد يعطي رقما محددا لها، مؤكدا أن إليوت أن الصحيفة استعانت برأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة برينستاون، والذي أشار إلي أن الثروة تراوحت مابين بين 40 و70 مليار دولار.

وأوضح أن الصحيفة أخطأت عند وضع كلمة "خبراء" في العنوان والمقدمة وليس "خبير"، موجها شكره إلى القراء المصريين لاستدراكهم الخطأ الذي وقعت فيه الصحيفة البريطانية، كون الأخيرة وضعت عنوانا عاما، مما أعطى انطباعا مضللا بأن الرقم الذي ذكرته كان الرأي السائد، وليس معبرا عن رأي الخبير فقط.

ولم تلتمس الصحيفة البريطانية، أي عذر لمصر التي حذرت من خطر الإرهاب بصورة عامة ، وخطر داعش بصورة خاصة منذ أكثر من عام، حيث اتهمت مصر التي تحارب الآن الإرهابي متمثلا في تنظيم أنصار بيت المقدس، بالتقاعس عن محاربة داعش من خلال رفضها الانضمام للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لضرب التنظيم الإرهابي.

وأشارت إلى أن مصر لا تفكر سوى في توسيع الدعم الدولي لها في محاربتها لتنظيم إرهابي بسيناء، للحصول على طائرات الأباتشي الأمريكية، التي دائما ما ينظر لها على أنها السلاح الرئيسي لمصر لمحاربة داعش.

ولم يقتصر انتقاد الصحيفة البريطانية، على الأحداث السياسية بمصر، إلا أنها امتدت إلى انتقاد الظواهر الاجتماعية في البلاد مثل التحرش وظهور بعض المثليين في البلاد، حيث رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن علي الرغم من إصدار قانون لتجريم التحرش الجنسي، إلا أن هناك مخاوف حول قدرة الرئيس عبد الفتاح السيسي على تطبيقه، مشككة خلال تقريرها الذي نشرته بعنوان "شكوك حول قدرة السيسي على إنهاء التحرش"، في قدرة الرئيس المصري المنتخب حديثا حينها، على إنهاء تلك الظاهرة، حيث قالت الصحيفة إن أول ظهور للسيسي كان في المستشفي لمواساة ضحية التحرش الذي حدث في التحرير ليلة تنصيب السيسي في 10 يونيو.

فعلى الرغم من كون السيسي هو أول رئيس مصر يزور ضحايا واقعة تحرش، إلا أن هذا لم يشغل اهتمام الصحيفة البريطانية، التي فضلت الاستمرار موقفها المعادي لكل ما هو مصر، و كل ما يؤيده الشعب، حيث تبدو مطالبتها الرئيس المصري بتنفيذ إستراتيجية شاملة للقضاء على الظاهرة منطقية، إلا أن التشكيك في قدرة السيسي على إنهاء التحرش تماما في مصر، على الرغم من زيارته ضحايا التحرش الجنسي في ميدان التحرير، بعد يوم واحد من إعلان فوزه برئاسة الجمهورية، يبدو عجيبا وليس مجردا من نواياها السيئة.