أ ش أ
 
قال اللواء عدلي فايد، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع مصلحة الأمن العام، إبان ثورة يناير 2011، إن المتظاهرين تعدوا بصورة ممنهجة اتسمت بالعنف الشديد، على قوات الأمن في جميع المحافظات المصرية، مستخدمين أسلحة نارية وخرطوش وقنابل مولوتوف ضد الضباط وجنود الشرطة، وعمدوا إلى حرق المركبات والمنشآت الشرطية، على نحو كان من شأنه أن تم اكتساح القوات بصورة تماما.

ويحاكم مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ومساعدوه الستة في قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها.. كما يحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.

وتضم قائمة مساعدي العادلي الستة المتهمين في القضية كل من: اللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي الأسبق، واللواء عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق.

وأشار فايد، في معرض الدفاع عن نفسه بنفسه أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، في إعادة محاكمته ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و 5 آخرين من كبار مساعديه والرئيس الأسبق حسني مبارك - إلى أن قوات الشرطة لم تنسحب من مواقعها، ولم تصدر ثمة أوامر بهذا الشأن، وإنما كان أن بلغت قوة المظاهرات والعنف الذي صاحبها، مبلغا اكتسحت معه تلك القوات، فاضطرت رغما عنها إلى الفرار والهرب، دون صدور أوامر إليها.
وأكد فايد أن الضباط وأفراد الشرطة، فروا من مواجهات دامية بينهم وبين المتظاهرين، حماية لأرواحهم وهربا من الموت المحقق، مشيرا إلى أن المتظاهرين استخدموا كافة أنواع الأسلحة النارية في مواجهة قوات الأمن، وحرقوا نحو 4 الاف مركبة شرطية.. مستشهدا بعبارة اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية الأسبق أمام المحكمة، حينما قال (عصر 28 يناير 2011 أعلنت وفاة الشرطة تماما).
واستهل عدلي فايد حديثه أمام المحكمة باستعراض تدرجه في المناصب القيادية بوزارة الداخلية، والقول بإنه استطاع القضاء على ظاهرة الاتجار وتعاطي المخدرات عام 2010 ، ومن قبلها القضاء على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء خلال الفترة ما بين أعوام 2004 وحتى 2008 ، وتضييق الخناق ومنع ارتكاب الجرائم الجنائية بمختلف أنواعها.. مشيرا إلى أن هذه "الانجازات كانت لصالح الوطن والمواطن المصري لا النظام".
وقال فايد إن المظاهرات في يوم 28 يناير 2011 (جمعة الغضب) تحولت من السلمية، إلى العنف الشديد ضد قوات الشرطة، وأن التعديات على القوات في جميع المحافظات، اتخذ أساليب وآليات مشابهة، وأن المتظاهرين استخدموا في ارتكاب تلك التعديات الأسلحة النارية المختلفة وقنابل المولوتوف، وما أن انتهوا من اكتساح قوات الشرطة، حتى بدأوا في الهجوم على الأقسام ومراكز ونقاط الشرطة وحرقها، وأن التعديات طالت الأماكن الخدمية التابعة لوزارة الداخلية مثل وحدات إطفاء الحريق والمرور والسجلات المدنية ووحدات تراخيص المرور.
وأضاف: أن التعديات وأعمال الحرق والتدمير طالت أيضا مباني المحافظات، ومقار جهاز مباحث أمن الدولة، والمتحف المصري، ومجلسي الشعب والشورى، ومجلس الوزراء، والمحال التجارية، ومقار الحزب الوطني، والفنادق.. لافتا إلى أن وزارة الداخلية استمرت محاولات الهجوم عليها واقتحامها على مدى 3 أيام متصلة.
وأشار إلى أن قنوات الجزيرة والجزيرة مباشر مصر والحرة، ظلت تداوم على بث مشاهد تظهر قوات الأمن وهو تعتدي على المتظاهرين، على نحو أجج روح العداء بين المواطنين والشرطة، ودون أن تذيع أو أية قنوات أخرى مشاهد حرق المركبات الشرطية واعتداء المتظاهرين على الشرطة.. وكذا إذاعة بلاغات وهمية حول حدوث هجوم وتعديات على منازل المواطنين، للإيهام بأن الشرطة قد انسحبت من مواقعها تاركة المواطنين فريسة أمام عتاة الإجرام.
وقال عدلي فايد إن من بين الاتهامات التي تم تداولها، أن قيادات وزارة الداخلية اتفقوا على فتح السجون أمام المجرمين للانقضاض على المتظاهرين.. مؤكدا على بطلان هذا الاتهام.. مشيرا إلى أن السجون التي اقتحمت (وادي النطرون وأبو زعبل والمرج) كانت تقع في مناطق صحراوية وعلى مسافات بعيدة للغاية عن أماكن تواجد وتجمع المتظاهرين، في الوقت الذي يبعد فيه سجن الاستئناف الذي يضم مجموعة من أشد المجرمين خطورة والمحكوم عليهم بعقوبة الإعدام، أقل من 10 دقائق عن ميدان التحرير مكان التجمع الرئيسي للمتظاهرين.
وذكر فايد أن الاعتداءات التي لحقت بأقسام ومراكز الشرطة، جرت في وقت متزامن، وأن عناصر من حركة حماس وتنظيم حزب الله اللبناني شاركت في أعمال الاعتداءات واقتحام السجون والمنشآت الأمنية.. مشيرا إلى أن العديد من المتظاهرين قاموا بسرقة أسلحة أقسام الشرطة بعد اقتحامها، وأسلحة قوات الأمن التي تم اكتساحها، واستخدامها في أعمال سلب ونهب والاعتداء على المتظاهرين.
وأكد أن النيابة العامة اتخذت من الاتصالات التي أجريت من قبل مساعدي الوزير بمرؤوسيهم، دليلا على وجود اتفاق جنائي تضمن تحريضا على القتل.. متسائلا: "إذا لم أقم بالاتصال بمديري الأمن ومن يخضعون لإمرتي في ظل هذه الظروف العصيبة، فمتى يكون الاتصال ؟".
وقال إنه في ضوء معرفته القوية بشخصية حبيب العادلي على وجه التحديد، فإنه بافتراض إصداره لأمر باستهداف المتظاهرين وإنكارهم كمساعدين له لصدور مثل هذا الأمر، فإن العادلي ما كان له أن ينكر وكان سيتقدم ويقر بصحته على الفور دون مواربة.
وأشار فايد إلى أنه تلقى اتصالات عديدة من عدد مساعدي الوزير للمناطق الجغرافية ومديري الأمن في المناطق التي اتسمت فيها المظاهرات بالعنف الشديد، وكان بعض يبكي من فرط الحسرة جراء اكتساح القوات، والبعض الآخر كان يستغيث بسبب أن مديريات الأمن كانت على وشك أن تقتحم بمعرفة المتظاهرين، بعدما فرغت من معظم المتواجدين بها عدا عدد محدود من قياداتها، وكانوا أمام خيارين إما استخدام الأسلحة فتقع مجازر ويموت الاف القتلى، أو أن يلقى هؤلاء القيادات حتفهم.

حق الدفاع عن النفس
وأكد عدلي فايد أن العديد من الضباط الذين قدموا لمحاكمات بتهمة قتل المتظاهرين في محيط أقسام الشرطة، مارسوا حق الدفاع الشرعي عن أنفسهم، وذلك في ضوء ما قررته الأحكام القضائية التي صدرت بتبرئتهم في 12 محافظة، وهي الأحكام التي قالت إن هؤلاء الضباط كانوا محاصرين في أقسام الشرطة وكانوا مهددين بالقتل واقتحام مراكزهم وسرقة ما بها من أسلحة وذخائر وتهريب سجناء، فتصدوا لتلك الأفعال الإجرامية دفاعا عن أرواحهم وعن منشآتهم المعهود لهم بحمايتها وتأمينها.
واستعرض عدلي فايد أمام المحكمة العديد من الوقائع المتعلقة بحرق الأقسام والمراكز الشرطية والمنشآت العامة في العديد من المحافظات، وإشعال النيران بها.
وأضاف: أن كافة مديري الأمن ممن جرى سؤالهم بتحقيقات النيابة العامة أو أمام المحكمة، نفوا تماما أن تكون قد صدرت إليهم تعليمات بقتل المتظاهرين، وأنه على العكس من ذلك أقروا بأن التعليمات التي وردت إليهم قبل اندلاع التظاهرات، كانت بضبط النفس وعدم الخضوع للاستفزاز.
وأشار إلى أن 29 مدير أمن و 9 مساعدين للوزير بالمناطق الجغرافية، لم يقل أيا منهم بوجود تعليمات، شفوية أو كتابية، بقتل المتظاهرين أو التعامل معهم باستخدام العنف.
وقال إنه بالنسبة لمحافظة السويس، فقد كان بها تشكيلات أمنية تضم 1200 مجند، وأن هؤلاء لو كانت قد صدرت إليهم أوامر بإطلاق النيران، ما كان يتصور عقلا أن ينتج عن تلك الأوامر مقتل 6 أشخاص فقط.. مشيرا إلى أن أحد ملاك معرض سيارات ونجليه كان بحوزتهم 3 مسدسات فقط استخدموها ضد المتظاهرين فقتلوا 18 شخصا، وهناك قضية متداولة بهذا الشأن ضدهم.
وأكد عدلي فايد أنه حينما سئل بالتحقيقات حول وقائع قتل المتظاهرين في الميادين والساحات، كان أن رد على محققي النيابة بأنه يمكن الرجوع إلى أوامر الخدمة وأوامر العمليات بهذا الشأن، بعد تحديد أماكن سقوط القتلى ومواقيتها، باعتبار أن تلك الأوامر موضح بها أسماء الضباط وتوزيعهم في المناطق على وجه التحديد، وأن تلك الأوامر وضعت خصيصا من أجل تحديد وحصر المسئوليات ومعمول بها من قبل يناير 2011 بسنوات طويلة.
وأكد عدلي فايد أنه لو كانت هناك ثمة أوامر بفتح النيران على المتظاهرين لكانت أعداد القتلى بالالاف، لا بالعشرات.
وأضاف أن النيابة العامة لدى بدء التحقيقات معه وبقية مساعدي العادلي المتهمين، أسندت إليهم الاتهام بأنهم اتخذوا قرارا عقب اجتماع مصغر جمعه (عدلي فايد) بحسن عبد الرحمن وإسماعيل الشاعر وأحمد رمزي، بقتل المتظاهرين، وأنه تم عرض المقترح على وزير الداخلية فوافق.. مشيرا إلى أنه نفى ذلك الاتهام أمام النيابة، مؤكدا أمامها أنه لا وجود من الأصل لمثل هذا الاجتماع المصغر، موضحا أنه تم عقد اجتماعين بين الوزير ومساعديه، الأول في 24 يناير والثاني في 27 يناير، لبحث كيفية التعامل مع المتظاهرين، وأن الاجتماعين تم خلالهما الاتفاق على تأمين التظاهرات، واستخدام الطرق والأساليب القانونية المعتادة في فض التظاهرات.