ترتبط الذاكرة كل رمضان خصوصا قبل قرآن المغرب بصوت "إمام الدعاة" الشيخ محمد متولى الشعراوى، وقضاء الدقائق التى تسبق إطلاق مدفع الإفطار على حكم ومواعظ تنتمى إلى مدرسة الأزهر الوسطية على لسان فصيح وبسيط فى نفس الوقت.

أجيال تربت عل برنامج "خواطر" الذى ظل يذاع كل عام فى الشهر الكريم فى نفس الموعد حتى بعد وفاته، فتحول من مجرد برنامج دينى إلى طقس رمضانى تعود عليه المصريين وظلوا يتذكرونه حتى وقتنا هذا، ويرددوا شرحه وتفسيره للآيات القرآنية بأسلوبه السمح الوسطى الذى تميز به.

ويعود هذا الأسلوب إلى حبه للشعر وميله إلى المصطلحات البسيطة التى تبعد عن التعقيد، والتى غلبت على شرحه للقران الكريم وتبسيط معانيه، فقد ولد فى 15 أبريل عام 1911م بميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وألتحق بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهرى، وأظهر نبوغاً منذ الصغر فى حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوى الأزهرى، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظا بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسا لاتحاد الطلبة، ورئيسا لجمعية الأدباء بالزقازيق.

وعشق "الشعراوى" اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة فى الأسلوب، وجمال فى التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعرا يجيد التعبير بالشعر فى المواقف المختلفة، وخاصة فى التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه، عندما كان يشارك فى العمل الوطنى بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضاً فى تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معانى الآيات.

ولم تتوقف إنجازاته عند أسلوبه البسيط الذى تميز به وحسب، فبعد تخرجه عام 1940 م، حصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، وعين فى المعهد الدينى بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الدينى بالزقازيق ثم المعهد الدينى بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوى إلى العمل فى السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة فى جامعة أم القرى.

وفى عام 1963عين مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. وكانت هذه الخطوة بمثابة انطلاقة له فأخذ يتنقل بين الدرجات بوزارة الأوقاف حتى وصل إلى منصب وزير الأوقاف ففى نوفمبر 1976م اختاره ممدوح سالم رئيس الوزراء وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوى فى الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.

وبالنسبة لحياته الشخصية التى لم يعرف عنها الكثيرون إلا بعد وفاته، وتناول بعض الأعمال الدرامية سيرته الذاتية، حيث تزوج فى عمر مبكر وهو فى الثانوية بناء على رغبة والده، وأنجب ثلاثة أولاد وبنتين.

وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما، لذلك تمتع بعقليه متفتحة ومتطورة جعلت فكرة وأحاديثه وحواراته يستمرون حتى الآن.