من النفط إلى السلاح، مرورا بالسلع الغذائية، تتفاقم أزمة العراقيين، إزاء ارتفاع الأسعار وخشية نفاذ الكميات المطروحة من السلع الاستراتيجية نتيجة استمرار التدهور الأمني في البلاد، وحدة المعارك بين القوات الحكومية وتنظيم داعش.

 

أغلب المنافذ لاستيراد البضائع أصبحت خطرة ومقطوعة، ما أثر على حركة البضائع الواردة من المنافذ المختلفة، هذا بالإضافة إلى لجوء العراقيين لتخزين كميات كبيرة من الدقيق والأرز والسكر والزيت تحسبا لطول أمد الحرب الطائفية المشتعلة في البلاد، واحتمال حدوث تدخل دولي قد يفاقم الأوضاع هناك.

 

النفط تصدر فاتورة الكلفة الاقتصادية للأوضاع المتدهورة في العراق، حيث ارتفعت أسعار ه إلى أعلى مستوى لها في تسعة أشهر، وسط مخاوف من تأثر الامدادات العالمية من النفط، نتيجة تراجع امدادات العراق ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك.

 

وارتفعت أسعار برنت الخام بنسبة ثلاثة في المئة لتصل إلى 113,27 دولار للبرميل، واكتسب الخام الأمريكي أكثر من اثنين في المئة ليصل إلى 106,71 دولار للبرميل، في أعلى مستوى لهما منذ شهر سبتمبر العام الماضي.

 

مجلة "تايم" الأمريكية، رأت أنه ليس من الغريب أن تصل أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها فى ثلاثة أشهر، نظرًا للاضطرابات المخيفة فى العراق، وعدم الاستقرار الجغرافى السياسى، خاصة فى حالة نشوب حرب أهلية وشيكة فى واحدة من أكبر منتجى النفط الخام فى العالم.

 

وأشارت "تايم" إلى أن المتمردين اجتاحوا مدينة تكريت بشمال العراق، والتى تنتج 300 ألف برميل يوميا، فى حين فرضت القوات الكردية سيطرتها على مدينة "كركوك" الغنية بالنفط، بعد انسحاب القوات العراقية من مواقعها.

 

ونوهت بأن أعمال الإصلاحات فى مصفاة البترول التى تنتج 250 ألف برميل يوميًا، والتى تضخ البترول عبر خط أنابيب من كركوك إلى مدينة جيهان التركية، توقفت منذ مارس الماضى، بسبب أعمال التخريب.

 

ورأت المجلة، أنه إذا صمدت العراق أمام الاشتباكات وأحداث العنف، فإن الاضطرابات ستحدث خسائر على المدى الطويل على قدرة البلاد فى إنتاج النفط ،وأن تلك الخسائر ستلقى بظلالها على المستهلكين فى المستقبل، حيث تعد العراق خامس أكبر احتياطيات النفط المؤكدة فى العالم ،مما يعنى أنها تحتوى على المزيد من النفط لضخه.

وأنتج العراق فى شهر فبراير الماضى، ما متوسطه 3.6 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى لها منذ تولى صدام حسين للسلطة فى عام 1979.

 

12 ألف دينار لأسطوانة الغاز

وتشهد بعض مناطق بغداد، ارتفاعا في أسعار أسطوانات الغاز ، وارتفع سعر الأسطوانة من ستة آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار، وفي بعض المناطق إلى 12 الفا وهو ضعف سعرها السابق، كما أن أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية شهدت ارتفاعا كبيرا بسبب تلاعب التجار بالأسعار".

 

رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد "سعد سادر" أقر بالأزمة مشيرا إلى أن أسعار المحروقات والمواد الغذائية ترتفع مع اندلاع أي أزمة أمنية وهذا ما حصل في الأنبار وعدة محافظات أخرى".

 

ويشكو البغداديين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العاصمة بغداد، وقال “ليث سمير” عندما كان يتبضع في أحد الأسواق “نشعر بالقلق والخوف مما يجري في بعض المحافظات العراقية من تردي أمني وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) عليها، مضيفا: “قمنا بشراء كميات من المواد الغذائية لنخزنها خوفا من انقطاعها بشكل كامل من الأسواق”.

وأضاف “سمير” أن “هناك ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وهذا هو نهج التجار يستغلون الأزمات ليرفعوا الأسعار على المواطنين والتي باتت ترهق كاهل رب الأسرة”.

 

بدوره، قال “أبو صلاح”، صاحب محال بقالة، في منطقة الكرادة، وسط العاصمة إن “كثير من المواطنين يتابعون بقلق ما يجري في البلاد وكثيرا منهم لجؤوا إلى المحال التجارية وتبضعوا كميات كبيرة من الرز والطحين (دقيق) والسكر والزيت خوفا من انقطاعها في الأسواق”.

 

وتنتشر نقاط التفتيش في العاصمة العراقية، وتغلق المحال التجارية في بغداد عند الساعة الثامنة مساء لدواع أمنية.

 

وكانت قيادة عمليات بغداد، التابعة للجيش، قد أعلنت وضع خطة محكمة لمنع وصول تنظيم “داعش” إلى بغداد من خلال فرض السيطرة الكاملة على مداخل ومخارج العاصمة.

ودعت المرجعية الدينية (شيعية) في العراق الجمعة المواطنين إلى حمل السلاح والتطوع للتصدي لداعش ومساندة القوات الأمنية.

 

الغلاء طال الرصاص

صحيفة الاندبندنت نشرت تقريرا لباتريك كوكبيرن من العاصمة العراقية حول تطورات الاحداث بها تحت عنوان "في بغداد، مؤشر الخوف هو ثمن الرصاص الذي تضاعف ثلاث مرات".

 

ويقول الكاتب إن الحكومة قامت بقطع الاتصال بشبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في محاولة للحفاظ على معنويات الشعب العراقي بعد أن قالت إن داعش تستخدمها للتواصل إلا أن ذلك أضاف لأجواء الذعر السائدة إذ ساهم بشدة في انتشار الاشاعات نظرا لعدم وجود ثقة في التليفزيون الرسمي.

 

ويضيف أن سقوط بعض المدن وقطع طرق رئيسية ساهم في رفع أسعار سلع كثيرة بشكل كبير من بينها غاز الطهي لكن عدم وجود مصادر معلومات موثوقة وانتشار الاشاعات ساهم بشكل أكبر في زيادة أسعار الأسلحة إذ بلغ سعر رصاصة السلاح من طراز AK 47 نحو 3000 دينار عراقي وأصبح شراء بندقية كلاشنيكوف ضربا من ضروب الخيال، على حد قول الكاتب.

 

وتشهد قيمة الدينار العراقي هبوطاً مستمراً مقابل الدولار الأمريكي لتصل إلى 1.163 دينار للدولار الواحد.