كادت أم محمد أن تلحق بركب المطلقات بعد أن استجابت لنصيحة صديقتها بنقش الحنّاء في مناطق «حساسة» من جسدها.
وما إن أطلعت زوجها على ما أقدمت عليه حتى قرر تطليقها، إلا أن ضغوطاً ووساطات منعت تحويل قراره إلى واقع.
وخرجت أم محمد من تجربتها بقرار مقاطعة الحناء و «التاتو» نهائياً.
إلا أن قرار أم محمد، وهي سيدة في العقد الثالث من العمر، لا يسري على السعوديات اللواتي بات يستهويهن نقش «التاتو» في المناطق الحساسة من أجسادهن، أو بالقرب منها وخصوصاً الفتيات دون الـ20 أو ما بعدها.
إذ يعتبرن نقوش «التاتو» من وسائل «التميّز» بين صديقاتهن، حتى أن بعضهن لا يجدن حرجاً في تصوير تلك النقوش، ووضع صورها على حساباتهن في «فايسبوك» و «إنستغرام».
وتعد المناطق الحساسة من الجسد، إضافة إلى الرقبة والخصر والأكتاف والصدر والبطن، محط النقش والرسوم التي «شطح» بعضها ليصل إلى الجماجم والأشباح والحيوانات.
ولا تشكّل المواد الكيماوية التي تضاف إلى الحناء، لتعطي لوناً غامقاً وسريعاً، مانعاً لمُحبات صرعة «التاتو».
وتبدي هدى التي تحترف نقش الحنّاء منذ عقود استغرابها من طلبات بعض السيدات، «ففي السابق كان الحنّاء مقتصراً على الأيدي والأرجل، أما الآن فتخطت بعض السيدات ذلك، ليصبح الحنّاء في أماكن يفترض أنها بعيدة من الأنظار، ولا يوضع إلا ليراه الزوج فقط».
وذكرت: «توضع في الحنّاء مواد كيماوية ليأخذ الحنّاء لونه سريعاً على الجلد، وهذه طريقة تتبعها معظم الحنّايات لاختصار الوقت على الزبونة والحنّاية... فيما لا تتحملها المصابة بحساسية الجلد لأنها تترك أثرها الشبيه بأثر الحرق على الجلد».
فيما أشارت زميلتها ملاك إلى طلبات عدة تتلقاها لنقش الحنّاء في أماكن حساسة «إلا أنني أقابلها بالرفض، لأن الأمر مخجل جداً وذلك لا ينفي وجود من تقبل ذلك في مقابل المال، لأن كلفته تفوق مبلغ النقش على اليدين والرجلين، التي تصل إلى ألف ريال للعروس و500 ريال لغيرها»، مضيفة: «تخطت نقوش الحناء مرحلة الزخارف التي كانت مفضلة بين الفتيات. وهناك اليوم طلبات غريبة أنفذها لأنها لا تقع في أماكن محظورة، منها الطيور وهذا رائج جداً وأقفاص وعلاّقة ملابس، إضافة إلى حيوانات».
وقالت الناقشة مناهل: «معظم الحنّايات لديهن القدرة على الرسم، وما ينقش على الأجساد بـ «التاتو»، أصبح الآن مطلوباً في الحنّاء لأنه أقل كلفة ويخلو من الألم، ولا يقابل من الأهل بالرفض. فيما تعمد النساء إلى وضع الحنّاء على الأكتاف من الخلف في المناسبات، ولا تخلو الرسوم من خط أسماء وأحرف، وبعضهن يطلبن نقشها على الأماكن الحساسة، وبالطبع يكنّ متزوجات. وبعضهن يؤكدن أنه بطلب من الزوج. وحين تستنكر الحنّاية طلبهن، يؤكدن أن ذلك حرية شخصية، وهو على غرار أية زينة ترتديها المرأة».
وأكدت نورة يوسف (معلمة في المرحلة الثانوية)، تفشّي ظاهرة الرسم بين الطالبات. وقالت: «تلجأ الطالبات الى الحنّاء كبديل للوشم لأنه مرفوض لدى عدد كبير من الأسر». وأضافت: «شهدنا في المدرسة حالات لطالبات عمدن إلى رسم جماجم على الرقبة. إضافة إلى طيور ونقوش أخرى غير واضحة المعالم يضعنها وكأنه قاسم مشترك بينهن. ويزداد ذلك في المناسبات»، لافتة إلى توافر «أقلام تباع في محال التجميل ولها اسم الحنّاء السريع، ساعدت في تفشي ظاهرة النقوش أخيراً. إذ تستخدمها الطالبات وتؤدي الغرض ذاته، لكن استخدامها يحتاج الى من تتقن الرسم»، ودعت الأسر إلى الالتفات إلى هذه الأمور.
يذكر أن الوشم أصبح رائجاً بين النساء لرسم الحاجب والعين والشفاه أيضاً. ويعتبرنه بديلاً من وضع الماكياج في شكل يومي. وتصل كلفة الجلسة الواحدة إلى 700 ريال للحاجب. فيما يتضاعف المبلغ للوجه كاملاً.