لا يتوقع من ينظر لأكوام عشوائية من “الحديد الصدئ” والأجهزة الكهربائية التالفة الملقاة أرضاً بأنها المكون الرئيس لحفّارات ثقيلة يرسم مخططاتها ويصنعها العجوز الفلسطيني حسن حسنين (63 عاما).
ونجح الفلسطيني حسنين أو “المهندس الأُمي” كما يحب أن يطلق على نفسه في تحويل أكوام من “الخردة” إلى حفارات ثقيلة “تنافس ما تنتجه الشركات العالمية”، كما يقول لمراسلة “الأناضول”.
ووفق حسنين فإنه تمكن قبل أربعة أشهر من صناعة حفار يتحرك في الاتجاهات الأربعة بحرية كاملة ويمكن استخدامه في أماكن البناء الضيقة ما يجعله مميزاً عن غيره من الحفارات المستوردة.
وقال العجوز الغزي إن حفاره يتميز بمعدات ومهام “لا تتوفر في تلك المصنوعة من قبل الشركات العالمية”.
وأضاف في حديثه للأناضول: “صنعت هذا الحفار من حديد الخردة واستغرقت في ذلك ستة أشهر، ولو أن قطاع غزة غير محاصر والإمكانات متوفرة لانتهيت من صناعته في أشهر ثلاثة فقط”.
ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، وشددته عقب سيطرة الحركة، على القطاع في صيف العام 2007.
وأشار إلى أنه تمكن من صناعة ثلاثة حفارات كبيرة قبل خمسة أعوام، إلا أن الحجم الصغير والحركة في كافة الاتجاهات هي ما يميز حفاره الجديد الذي انتهى من صناعته قبل أربعة أشهر.
وقال إن حفاره الجديد أثبت كفاءته في العمل بعد تجربته في مواقع بناء ومعاينة من قبل مهندسين مختصين.
وتابع: “في قطاع غزة كان المقاولون يواجهون مشاكل في عملية البناء في الأراضي ذات المساحة المحدودة والموقع الضيق، وهذا الحفار تمكن من حل تلك المعضلة في ظل عدم تمكننا من استيراد حفارات تصلح للأماكن الضيقة”.
وأوضح الفلسطيني، الذي حصل على خبرته من عمله طوال (30 عاماً) في مجال “الخراطة” (مهنة الصناعات المعدنية)، أن جميع الحفارات الموجودة في قطاع غزة لا يتجاوز عمق ما تحفره في الأرض الـ “17” مترًا، بينما نجحت آلته الجديدة الحفر حتى عمق يصل إلى “37” مترًا على حد قوله.
وأشار حسنين إلى أن الحصار المفروض على قطاع غزة منع إسرائيل لتوريد معدات البناء وقطع غيار الآلات الثقيلة كان السبب وراء صناعته للحفار الذي استخدمه العشرات من مقاولي البناء، على حد قوله.
وأكد أن ظروف الحصار وعدم توفر قطع الغيار والمواد الخام أجبرته على بذل ضعف مجهوده ليتمكن من صناعة الحفارات.
ولفت إلى أن العمل في مصنعه متوقف حاليًا بسبب اشتداد الحصار على قطاع غزة وإغلاق أنفاق التهريب التي كان يدخل من خلالها بعض قطع الغيار اللازمة في صناعة المعدات الثقيلة.
وأقصى ما يتمنى حسنين هو توفير حياة كريمة لأسرته، وتطوير آلاته والسماح بإدخال المواد الخام لإنتاج المزيد من الحفارات.
وتم تجميد العمل في نشاط تهريب البضائع ومواد البناء من مصر إلى قطاع غزة، عقب حملة الهدم المستمرة للأنفاق من قبل الجيش المصري وذلك منذ إطاحة قادة الجيش، بمشاركة قوى شعبية وسياسية ودينية، بالرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز من العام الماضي.