الدستور المصري يرتبط بتاريخ طويل من النضال الشعبي منذ نشأته في 1882
 
   كونا-- من زكريا بدران
ارتبط الدستور المصري منذ نشأته وصدوره لأول مرة في عام 1882 وحتى مشروع تعديل الدستور في 2014 الذي تم الاستفتاء عليه الاسبوع الماضي بتاريخ طويل تتلاقى فيه الحركات الثورية والنضال الشعبي.
   ويعد مشروع تعديل الدستور في 2014 هو ثامن وثيقة في تاريخ مصر بعد دستور 1882 ثم دستور 1923 تلاه دستور 1956 ثم تلاه دستور الوحدة اثر قيام الجمهورية العربية المتحدة باتحاد مصر وسوريا عام 1958 ثم بعدها دستور 1971 وبعد ذلك جري استفتاء على تعديلات الدستور في 2007 اما الدستور السابع فكان دستور 2012 الذي كتب خلال فترة رئاسة الرئيس المعزول محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
   وشهدت مصر خلال الفترة ما بين عامي 1805 و1882 نضالا طويلا للشعب المصري انتهى بإصدار دستور للبلاد في عام 1882 واستمر النضال الشعبي وصولا إلى مشروع تعديل دستور 2014 بهدف تحقيق الكرامة والحرية والاستقرار لجموع الشعب باختلاف طوائفه ومكوناته .
   وتقول الهيئة العامة للاستعلامات المصرية بموقعها الالكتروني ان دستور 1882 اشتمل على 53 مادة بينما اشتمل دستور 1923 على 170 مادة ضمن سبعة ابواب خصص الباب الاول منه على وصف الدولة وجاء فيه ان "مصر دولة ذات سيادة وهي حرة مستقلة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه وحكومتها ملكية وراثية وشكلها نيابي".
   واشتمل الباب الثاني على (حقوق المصريين وواجباتهم) والباب الثالث (السلطات) وتضمن خمسة فصول هي احكام عامة و(الملك والوزراء) و(البرلمان) و(السلطة القضائية) و(مجالس المديريات والمجالس البلدية) وخصص الباب الرابع للمالية والخامس للقوة المسلحة والسادس احكام عامة والسابع احكام ختامية واحكام وقتية.
   وجاء دستور 1971 في سبعة ابواب وتضمن 211 مادة بينما جاء دستور 2012 في خمسة ابواب متضمنة 236 مادة اما مشروع دستور 2014 فقد جاء في ستة ابواب هي (الدولة) و(المقومات الاساسية للمجتمع) و(الحقوق والحريات والواجبات العامة) و(سيادة القانون) و(نظام الحكم و(الاحكام العامة والانتقالية) .
   ومن الناحية التاريخية بدأ تاريخ الدساتير المصرية مع اصدار مؤسس مصر الحديثة وحاكمها خلال الفترة بين أعوام 1805 و1848 محمد علي باشا اللائحة الأساسية للمجلس العالي عام 1825 ثم أتبعها في يوليو 1837 بصدور القانون الأساسي (السياستنامة) وهو يعد أول دستور مكتوب عرفته مصر في تاريخها الحديث.
   وخلال حقبة الخديوي اسماعيل صدر في 22 أكتوبر 1866 لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه وكانت هذه اللائحة تقوم على صياغة قانونية عصرية في نصوص محددة ومفصلة.
   ووفي عهد الخديوي توفيق صدر بتاريخ 7 فبراير 1882 ما سميت (اللائحة الأساسية) وهي خاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب وصدر دستور للبلاد عام 1882 الا أن سلطات الاحتلال الانجليزي قامت بإلغائه سريعا لكن الشعب المصري واصل تصميمه على التمسك بإصدار الدستور حتى نجح في اصداره في 19 أبريل 1923.
   وظل دستور عام 1923 قائما حتى ألغي في 22 أكتوبر 1930 وبعد خمسة أعوام عاد العمل بدستور سنة 1923 وهو الدستور الذى استمر معمولا به الى ديسمبر 1952.
   وبعد ثورة الضباط الأحرار صدر أول اعلان دستوري في 10 ديسمبر 1952 أعلن فيه باسم الشعب سقوط دستور عام 1923 وفي 13 يناير 1953 تم تكوين لجنة لوضع مشروع دستور جديد على أن تراعي الحكومة في أثناء تلك الفترة الانتقالية المبادئ الدستورية العامة.
   وفى 10 فبراير 1953 صدر اعلان دستوري ثان متضمنا أحكام الدستور المؤقت للحكم خلال فترة الانتقال.
   وعند نهاية الفترة الانتقالية صدر في 16 يناير من 1956 اعلان دستوري مبشرا بدستور جديد الا أن العمل بالإعلان الدستوري الصادر في 1953 ظل مستمرا حتى أجري استفتاء في 23 يونيو من ذاك العام كما تم اعداد دستور جديد بعد اتحاد الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وهو دستور الوحدة في مارس من نفس العام.
   وفي بدايات حكم الرئيس الراحل أنور السادات أعلن عن دستور 1971 وتم تعديل هذا الدستور في 30 ابريل 1980 بقرار من مجلس الشعب وفي سنة 2005 تم تعديل الدستور مرة أخرى لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة حيث تم اجراء تعديل المادة 76 والتي جرت على اثرها أول انتخابات رئاسية في مصر وفي 26 مارس 2007 جرى استفتاء بموجبه تم تعديل الدستور مرة أخرى وعرف بدستور قانون الارهاب (المادة 179) .
   وبعد قيام ثورة 25 يناير وتخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتولي ادارة شؤون البلاد وشكل لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية بلغت 63 مادة وتم الاستفتاء عليه في 19 مارس 2011 وبعد موافقة الشعب المصري في الاستفتاء أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في يوم 30 مارس 2011 اعلانا دستوريا شمل أغلب التعديلات التي تم اقرارها في الاستفتاء بالإضافة الى بعض المواد الأخرى.
   وبناء على الاعلان الدستوري في مارس 2012 فان الجمعية التأسيسية هي الهيئة المنوط بها اعداد دستور جديد لجمهورية مصر العربية وقد نصت التعديلات الدستورية التي تمت في مارس 2011 على أن يقوم البرلمان المنتخب باختيار أعضاء هذه الجمعية لوضع الدستور الجديد كما نصت على أن يبدأ العمل على صياغة دستور جديد لمصر بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأولى في مصر بعد الثورة.
   وقام حوار وجدل عميقين استمر لمدة ستة أشهر حول مشروع دستور مصر الجديد (مشروع دستور مصر 2012) بعد انتخابات الرئاسة التي جرت في عام 2012 وتباينت ردود افعال الشارع المصري بين مؤيد ومعارض للمسودة النهائية لمشروع الدستور الذي أقرته الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور حيث انتقدتها قوى المعارضة في حين أيدتها فئات شعبية أخرى.
   وتم استفتاء الشعب المصري علي مرحلتين يومي 15 و 22 ديسمبر 2012 على الدستور الجديد لمصر (دستور 2012) وفي 25 ديسمبر 2012 حسم الشعب المصري خياراته مع الدستور وتم اقراره بموافقة نحو 64 في المئة واعتراض 36 في المئة من الذين شاركوا في الاقتراع بنسبة 9ر32 في المئة.
   ومن المقرر الإعلان في وقت لاحق اليوم نتائج استفتاء أجري يومي 14 و15 يناير الجاري على تعديل دستور 2012 الذي أعلنت قيادة الجيش تعطيله عقب عزل مرسي في الثالث من يوليو الماضي على خلفية احتجاجات شعبية واسعة ضد حكمه الذي لم يدم سوى عام واحد.