في التاسعة صباح الثلاثاء الماضي سمع الضابط بسلاح الجو الليبي، محمد
الأندلسي السوسي، طرقًا على باب بيته في منطقة سوق الجمعة بالعاصمة، طرابلس
الغرب، وما إن فتحه حتى ظهرت أمامه شقراء متمنطقة بكلاشينكوف، فعاجلته
بزخة استقرت منها 7 رصاصات في أنحاء عدة من جسمه، وأردته للحال.
ثم دخلت البيت ووجدت فيه والدته، فضربتها وسددت إليها طعنات بحربة كانت
معها، فأدمت يدها وكتفها، وتركتها تئن من الألم على الأرض، لا تقوى حتى
على الصراخ وأمامها ابنها "مكوّمًا" بدمه عند الباب.
واستعانت الشقراء بعدها بكوب ملأت بعضه بدم القتيل البالغ عمره 58
عامًا، وبه كتبت على جدار ملاصق للبيت Death To Rats كترجمة منها
بالإنجليزية لعبارة "الموت للجرذان" التي كان العقيد الليبي، معمر القذافي،
يرددها في خطبه كوعيد منه لمن قال إنه سيطاردهم "دار دار.. زنجا زنجا" ممن
انتفضوا عليه في ثورة مسلحة انتهت قبل عامين بمقتله وسقوط النظام.
وما كادت القاتلة "يكاتيرينا أوستيوجانينوفا" تهم بمغادرة المكان حتى
حاصره مسلحون ومعهم بعض أهالي الحي، بعد أن دوّى إليهم أزيز الرصاص، فحاولت
مقاومتهم وشهرت رشاشها وضغطت على الزناد لتطلق الرصاص ترهيبًا، لكنه تعطل
بين يديها، فأدركوها وسلموها للأمن الليبي الذي زجها في سجن بطرابلس
تمهيدًا لمحاكمتها عما عقوبته الإعدام الأكيد.
أما الأم الثكلى فنقلوها إلى مستشفى لعلاجها مما أصابها من الفتاة
وانتشر خبرها في اليوم نفسه سريعًا، وملخصه بحسب- "العربية.نت"-أنها روسية
"مولعة" بالقذافي إلى حد الجنون، ما حملها على قتل الضابط انتقامًا
لمشاركته بالثورة عليه، وأنها كانت تعرفه شخصيًا وتتردد على بيت أسرته في
طرابلس.
في يوم الجريمة نفسه قال رئيس اللجنة الأمنية العليا المؤقتة الليبية
فرع طرابلس، هاشم بشر، إن الفتاة اعترفت وأكدت في أقوالها لمن حقق معها على
السريع أنها تعمدت قتل السوسي الذي تلقى تدريبه في روسيا بالثمانينيات
"وخططت لذلك منذ مدة" طبقًا لتأكيده لوكالة أنباء الأناضول التركية. كما
نفى شائعات بأنها زوجة الضابط القتيل، وقال: "لا علاقة له بها على الإطلاق"
لكنه لم يشرح لماذا اختارته هو بالذات.
وجمعت "العربية.نت" ما تيسر من معلومات عن يكاتيرينا مترجمًا من وسائل
إعلام روسية، وغيرها بالإنجليزية، وأهمها صحيفة "سيبيريا تايمز" التي أوردت
عنها أمس الجمعة أنها تحمل لقب أستاذة برفع الأثقال، وولدت قبل 24 عامًا
في مدينة "نوفوسيبيرسك" بسيبيريا، حيث كان لقبها "امرأة سيبيريا
الأمازونية" كما "عذراء قبيلة القذافي" لشدة تعلقها بالعقيد القتيل.
وقالت معلومات إنها اختفت من المدينة التي كانت تدرس اللغات الأجنبية
في إحدى كلياتها قبل عامين، ولا أحد يعرف أين حطت بها الرحال سوى قلة
مقربين ذكروا بأنها غادرتها "لتنتقم ممن قتلوا القذافي" على حد ما نقلت
عنهم الصحيفة التي أوردت أيضًا أنها كانت تكتب قصائد تشير فيها إلى ولعها
أكثر مما ينبغي بمعمر القذافي.
وقالت معلومات أيضًا إن يكاتيرينا "كانت في السنوات الأخيرة مديرة
لمشروع إلكتروني مؤيد للقذافي، كما شاركت باحتجاجات كثيرة ضد تدخل الناتو
في ليبيا" وأن السلطات الليبية كادت تقبض عليها وتسجنها، لولا تدخل
لمساعدتها دبلوماسيون، ومنذ ذلك الحين تمكنت من التسلل إلى ليبيا من جديد،
بمساعدة مالية من جمعية مؤيدة للقذافي.