ليس
الجامع الكبير في منطقة القابون بدمشق، المستهدف أمس من قبل القوات النظامية،
الأول الذي يتم قصفه وتسوية مبانيه بالأرض منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا؛ إذ
تشير إحصاءات إلى تضرر نحو 1450 مسجدا، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي
أفادت بتدمير كلي أو جزئي في مختلف أنحاء سوريا بسبب القصف والاشتباكات العنيفة.
وفي
هذا السياق، يشير الشيخ المنشق عبد الجليل السعيد، مدير مكتب مفتي سوريا سابقا، لـ«الشرق
الأوسط»، إلى أن «استهداف المساجد من قبل القوات النظامية يأتي لكونها الحاضن
الرئيس للثورة وللمتظاهرين»، موضحا أن «الجوامع في نظر النظام متهمة بأنها تستقبل
الجرحى والمصابين، مما يستدعي قصفها وهدم مآذنها».
ورغم
الإدانات التي صدرت عن عدد من المنظمات الدولية لما تتعرض له بيوت العبادة
والمواقع الدينية من استهداف وتدمير في سوريا بسبب العمليات العسكرية المستمرة - فإن
القوات النظامية واصلت استهداف المساجد، إذ بث ناشطون على موقع «يوتيوب» شريط
فيديو يظهر استهداف القوات النظامية لمئذنة مسجد السرجاوي في حماه أثناء اقتحام
المدينة بداية العام الماضي، إضافة إلى استهداف مسجد البلالية في الغوطة الشرقية،
ومسجد أبو بكر الصديق في معضمية الشام، والمحاسن في حرستا.
وطالت
صواريخ القوات النظامية مسجد بني أمية في حلب، الذي هدم منبره ومئذنته التي بناها
نور الدين زنكي، منذ مئات السنين. وإضافة إلى أهميتها الدينية، تكتسب المساجد في
سوريا أهمية تاريخية، وتثير مسألة استهدافها مشاعر الأكثرية السنية المنتفضة على
نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية. وكانت المنظمة
الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) قد أشارت إلى أن «استهداف المساجد
والمعالم الإسلامية في المدن والقرى السورية يدل على الروح الطائفية المقيتة التي
تحرك القوات النظامية، وإصرارها على تدمير كل ما له صلة بتاريخ الحضارة الإسلامية».
وأكدت
«إيسيسكو» أن «عشرات المساجد والمعالم الإسلامية تم تدميرها كليا أو جزئيا جراء
القصف العنيف بالصواريخ والدبابات والطائرات الحربية والمدافع الثقيلة، التي تؤرخ
لفترات متتالية من الحضارة الإسلامية العريقة»، داعية «الدول الأعضاء والمجتمع
الدولي إلى اتخاذ إجراءات سريعة لوقف هذا العدوان الهمجي على الإنسان والعمران في
سوريا».وغالبا ما يتخذ مقاتلو المعارضة من المساجد مواقع عسكرية لهم، مما يشجع
القوات النظامية على قصفها، كما حصل أخيرا في مسجد خالد بن الوليد بحمص الذي يعود
تاريخ بناؤه إلى أكثر من 1300 عام.
وكان
المسجد الأموي في دمشق قد احتضن أولى مظاهرات الثورة السورية قبل أن تقوم قوات
الأمن بقمع المتظاهرين الذين لم يتجاوز عددهم الـ200 شخص، في حين اكتسب المسجد
العمري الذي بناه الصحابي عمر بن الخطاب في مدينة درعا شهرة كبيرة في انطلاقة
الثورة، حيث حوله المعارضون إلى مشفى ميداني، مما استدعى من القوات النظامية
اقتحامه لتعود في الشهر الثالث من العام الحالي فتقصف مئذنته.