‏ في أول انتخابات تعددية تشهدها البلاد منذ‏24‏ عاما‏,‏ يتوجه اليوم‏16‏ مليون ناخب سوداني للإدلاء بأصواتهم لإختيار رئيس جديد للبلاد وممثليهم البرلمانيين وولاة الأقاليم.

ويتوقع مراقبون أن يزيد الجدل السياسي المتصاعد بين المشاركين في الإنتخابات والمقاطعين لها إرباكا جديدا للإنتخابات يضاف إلي النظام الإنتخابي المعقد‏,‏ حيث يتعين علي أي فرد من شمال السودان إنتخاب‏8‏ أشخاص يمثلونه علي جميع المستويات‏,‏ في حين يتعين علي أي جنوبي إختيار‏12‏ شخصا‏,‏ بينهم‏8‏ مطلوبين علي المستوي القومي والولاية إضافة إلي ممثليه في حكومة الجنوب وبرلمانه‏.‏ كما توقع المراقبون حدوث العديد من الأخطاء بسبب هذا النظام المعقد‏,‏ وعدم خبرة الناخب السوداني به‏,‏ حيث تعد هذه أول إنتخابات تعددية منذ‏24‏ عاما‏,‏ فضلا عن حرارة الجو التي تصل إلي‏45‏ درجة‏,‏ ونسبة الأمية العالية‏.‏

و برغم المخاوف والتحذيرات من حدوث أعمال عنف‏,‏ خاصة في بؤر التوتر في دارفور والجنوب وابيي وغيرها من المناطق المتأثرة بالنزاعات في السودان‏,‏ فإنه لم يتم تسجيل اي أنباء عن وقوع اعمال عنف‏.‏

وقد انقسمت الساحة السودانية إلي فريقين‏,‏ أحدهما يخوض الإنتخابات ويضم حزب المؤتمر الوطني والحزب الإتحادي الديمقراطي وأحزابا أخري صغيرة‏,‏ والآخر يقاطعها ويضم حزب الأمة والحزب الشيوعي وأحزابا أخري‏,‏بينما تخوض الحركة الشعبية الإنتخابات في الجنوب فقط وتقاطعها في الشمال‏.‏

وعلي الصعيد الأمني‏,‏ عززت قوات الامن السودانية والقوات الدولية والمنظمات الدولية انتشارها حيث يخشي ان تشكل الانتخابات ذريعة لاندلاع موجة من العنف في بلد لا يزال يعاني من النزاع الدائر في اقليم دارفور غرب البلاد‏,‏ ومن مواجهات قبلية في الجنوب‏.‏ وتنشر الامم المتحدة نحو عشرة الاف جندي وشرطي في جنوب السودان والمناطق الحدودية بين الجنوب والشمال‏.‏

وعشية الإنتخابات شن مقاطعو الإنتخابات أعنف هجوم لهم علي الرئيس السوداني عمر البشير وحزبه‏,‏ منتقدين بشدة ما وصفوه بتشبثه بالسلطة في محاولة للحصول علي شرعية جديدة لمواجهة المحكمة الجنائية الدولية‏,‏مؤكدين أنهم لن يعترفوا بنتائجها‏,‏ التي قالوا إنها ستؤدي حتما إلي تمزيق وحدة البلد‏,‏ وفي الوقت نفسه لم تنف قادة هذه الأحزاب المقاطعة وجود تباينات داخل أحزابهم بشأن الموقف من هذه الإنتخابات‏.‏

وقال ياسر عرمان في إجتماع للأحزاب المقاطعة للإنتخابات بدار حزب الأمة‏:‏ إن قرار الحركة بشأن الإنتخابات هو أصعب قرار تتخذه منذ ربع قرن‏,‏ وأن قيادات الحركة لم تشهد تباينا وإرتباكا في وجهات النظر مثلما حدث مع هذا القرار‏.‏

و حذر عرمان من عواقب كارثية في حالة إستمرار المؤتمر الوطني والرئيس البشير في الحكم‏..‏متهما الحزب بخوض حرب جهادية في الجنوب وبإعلان الحرب علي دارفور‏.‏ وقال‏:‏ إن قرار المقاطعة جنب السودان دماء عزيزة كانت ستسيل لو خاضت هذه القوي الإنتخابات وتم تزويرها وحدثت مواجهات‏,‏ ولكنه حذر من أن الشعب السوداني لن يعترف بنتائج هذه الإنتخابات وسيقاومها‏.‏ ومن جانبه‏,‏ قال الصادق المهدي‏:‏ إن المؤتمر الوطني لم يرد هذه الإنتخابات كأداة للتداول السلمي للسلطة‏,‏ بل لمباركة إستمراره في الحكم‏,‏ وقال‏:‏ إن حزبه كان حريصا علي الإنتخابات كأمل للتغيير‏,‏ لكنه وجد غلوا وتشددا من حزب المؤتمر الوطني وعدم إستجابة للحد الأدني من مطلوبات تحقيق نزاهة وشفافية العملية الإنتخابية‏.‏

الراديو‏..‏ الوسيلة الوحيدة لمتابعة الانتخابات في الجنوب

جوبا ـ أ‏.‏ف‏.‏ب‏:‏

في عصر وسائل الاتصال الرقمية‏,‏ لاتزال الاذاعة الوسيلة الاعلامية الرئيسية في جنوب السودان حيث يتابع السكان واغلبهم اميون اخبار الحملة الانتخابية عبر الراديو‏.‏

وفي الولايات الجنوبية العشر الفقيرة يعتبر سكانها البالغ عددهم‏9‏ ملايين نسمة الراديو الوسيلة الاعلامية الاولي ففي جوبا وحدها توجد عشر محطات كما يقول جان كلود لابريك المحرر الرئيسي في اذاعة الامم المتحدة راديو ميرايا‏.‏

ويضيف الاذاعي الكندي الذي عمل‏35‏ عاما في اذاعة كندا هناك بعض محطات التليفزيون ولكن معظم الناس ليس لديهم جهاز تليفزيون‏,‏ بل لاتوجد لديهم كهرباء اما عن الصحافة المكتوبة فتقول باولا موجي‏,‏ التي تدير شبكة اذاعة جنوب السودان الكاثوليكية ان‏80%‏ من سكان جنوب السودان اميون‏.‏

وفي غياب المطابع في جنوب السودان‏,‏ تطبع صحف الجنوب في الخرطوم علي بعد‏1200‏ كلم شمال جوبا‏,‏ وتنقل بالطائرة إلي بعض مدن الولايات الجنوبية‏.‏

وعدا عن بعض التجمعات الجماهيرية‏,‏ فإن الإذاعة كانت الوسيلة الانتخابية الأساسية‏,‏ حيث إعتاد الناس علي وضع جهاز الترانزستور الصغير قرب آذانهم‏.‏