fiogf49gjkf0d

مصطفى السلماوي يكتب عن حملة التحويل بالدولار: بالأرقام المسكوت عنه في تحويلات المصريين بالخارج


صور تحويلات المصريين لدعم الدولار جاءت من قطر وبعضها جاء من شركات وليس افراد
صحيفة يومية بالكويت أجرت تحقيقا بين شركات الصرافة حول التحويلات مع بداية العام فكانت المفاجأة انها تراجعت
التحويلات في تراجع بالفعل بسبب الخوف من مستقبل البنوك المصرية.. والتراجع جاء مع اهتزاز الثقة في قنديل

كتب : مصطفى السلماوي

قبيل الثورة لم تتجاوز تحويلات المغتربين 9 مليارات دولار سنويا ثم قفزت عقب الثورة الي 12 ثم 18 مليار دولار من دون ان يوجههم احد , ومن دون محفزات حكومية مغيبة , او حتي اليات عمل تشجعهم علي التحويلات , شعروا بان وجودهم في الخارج اقتصر علي مشاهدة محطات التلفزة والدعاء للثورة والترحم علي شهدائها فجاءت التحويلات عرفانا بالجميل, فتضاعفت التحويلات من 9 الي 18 مليارا , ومن المؤسف ان رئيس الوزراء حين اراد ان يدغدغ المشاعر الدولارية والتغني بدور المغتربين- الذي فرقهم الرئيس بين مغتربين يتبعون جماعته يحظون باهتمامه الشخصي وبين مغتربين منبوذين مهمتهم التحويلات - ذكر ارقاما خاطئة عن التحويلات وبات وكأنه يتحدث عن مغتربين اخرين غير المصريين .

منذ ايام انطلقت حملة التحويل بالدولار ووقعت الصحف المصرية – من دون ان تتحري – في المحظور بعد ان نشرت صورا للتحويلات ولم تدر انها كلها حولت من قطر وبعضها حول من شركات لتأكيد ان الاستجابة لحكومة قنديل علي قدم وساق ولتقديم النموذج لبقية المغتربين وحثهم بسرعة على تحويل فائض مدخراتهم , ولكن الحقيقة المرة ان الواقع في الخليج مخالف لزفة تحويلات قطر فقد اثبتت تقارير البنوك المركزية في 3 دول خليجية ان حجم ودائع المقيمين في البنوك الخليجية ارتفع في نهاية شهري نوفمبر وديسمبر بنسب كبيرة مواكبة لاهتزاز الثقة في السياسات القنديلية ,واجرت صحيفة يومية – في الكويت – علي سبيل المثال تحقيقا موسعا بين شركات الصرافة المعنية بالتحويلات فكانت المفاجأة ان التحويلات تراجعت كمياتها , وظلت في حدود المعقول بكميات قليلة لاتسمن البنك المركزي في رفع الاحتياطي النقدي ولاتغني من استمرار تراجع الجنيه امام " الأخضر الاميركي , ومفاجأة التحقيق كانت في الساعات الاولي من اول شهر يناير حيث حسابات العاملين تضم رواتبهم الشهرية كاملة , وبدلا من تحويل فائض مدخراتهم كما فعلوا عقب قيام الثورة تكفيرا عن غيابهم , اكتفوا بتحويل الضروري لأسرهم او لسداد اقساط او تسديد ارتباطات مسبقة , واثروا الاحتفاظ ببقية الراتب الي حين يقضي الله امرا كان مفعولا , وقد لعبت تصريحات ال 27 من ديسمبر- اثناء تحويل الرواتب للحسابات - دورا سلبيا اضاعت ما تبقي من الثقة ,ففيما كان الرئيس د مرسي يعدد بالأرقام مدى تعافي الاقتصاد كان بيان المركزي المصري يقول: عفوا سيادة الرئيس قف ... فالاقتصاد في خطر , والنقد الاجنبي يتآكل .

وجاء الاحد التالي لخطاب الرئيس ليبدأ المركزي في التعويم الحقيقي للجنيه رغم نفيه منذ ان عرف الشعب المصري ان هناك صندوقا دوليا للنقد يتربص به ,فانهار سعر الجنيه امام الدولار , وتزامنا مع التخبط الاقتصادي واعتراف قنديل في تصريح مثير :" انه لاحل امامنا لخفض عجز الموازنة الا بالاقتراض " فكر عدد من المغتربين في التحويلات العكسية ,بسحب اموالهم من البنوك المصرية وايداعها في بنوك خليجية رغم تكبدهم خسائر كبيرة في اسعار الصرف , ورغم ان البنوك المصرية نفت ذلك الا ان ما فاتها ان الغالبية العظمي من المغتربين حساباتها بالجنيه فجري سحبها , لان سحب الدولارات كان موقوفا .

وسط هذه التقاطعات المثيرة , لا يقترب احد من المسكوت عنه في التحويلات , فلا السفراء يهمهم الامر لانهم لايعرفون به او يعرفون به ويتجاهلونه , ويكمن ذلك في ان جانبا ضخما من فائض مدخرات المصريين تحول خارج الجهاز المصرفي من خلال شبكة مترامية الاطراف من مضيق هرمز حتي العراق مهمتها ان تقبض من المغترب بعملة الدولة الخليجية وتسلم اهله مقابلها بالجنيه المصري , ويلجأ الكثير من المغتربين لتلك الوسيلة لسببين , اولا لسرعة انجاز التحويل في اقل من 60 دقيقة حيث تصلك رسالة من اسرتك تقول ان فلانا حضر ومعه مثلا 50 الف جنيه , وهنا يقوم المغترب بدفع المقابل بالريال او الدينار ,وثانيا"لفك ازمة مغترب " حيث يجد البعض نفسه في حاجة ماسة الي تحويل 10 الاف جنيه لامر مهم لكنه لا يملك منها الا نصفها وهنا يقوم الرجل الذي يتعامل معه باقراضه قرضا حسنا لمده شهر ويعطي اهله فعلا ال 10 الاف جنيه, وعبر تلك الوسائل بنيت -بضم الباء - الثقة بين هؤلاء والمغتربين, والوسيلة الثانية تتم بشكل نصف رسمي حيث تذهب لمكتب صرافة وتقدم هويتك لتحول مثلا 60 الف جنيه تسلم لاسرتك خلال ساعة نقدا ,ورغم انك تاخذ ايصالا الا ان تلك الوسيلة تتم خارج الجهاز المصرفي , ويستفيد مكتب الصرافة وممثل الشبكة في مصر من فروق سعر الصرف , ورغم ان كثيرين حذروا من ذلك الا ان الامر عاد لايهم احدا سواء من البعثات الديبلوماسية او المسؤولين عن السياسات النقدية .

وقد نمت هذه التجارة في تحويلات المغتربين في ظل غياب مريب للبنوك المصرية التي لم تقدم وسيلة واحدة لجذب تلك المدخرات اللهم تطبيقها لسياسة متعسفة فحين تحول مثلا 100 دولار تصل 84 دولارا لان البنك حصل علي 16 دولارا كعمولة .

ملف تحويلات المغتربين مسكون بتداعيات وسياسات فاشلة ومسؤولين تنقصهم الارادة في حماية مدخراتهم رغم ان درسها بعين واعية يحول الاحتياطي النقدي الي 50 مليار دولار خلال عامين فقط .

صحفي رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة السياسة الكويتية