بدأت في القاهرة أمس أولي جلسات الحوار السوداني بصورة مغلقة بين شريكي الحكم في السودان‏,‏ حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان‏,‏ في إطار الجهود المصرية لتعزيز الاستقرار والسلام والوحدة في السودان‏.‏

وقال الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني‏:‏ إن اللقاء والحوار الذي يجمع وفدين رفيعي المستوي من الحزبين الحاكمين في السودان برئاسة كل من الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني عمر البشير‏,‏ والسيد باجان أموم الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان يأتي في إطار الجهود المصرية لمعالجة المشكلات العالقة بين شريكي الحكم في السودان‏.‏

وقال دينق ألور وزير الخارجية السوداني والقيادي البارز بالحركة الشعبية في تصريحاته إن دعوة مصر لشريكي الحكم للحوار في القاهرة هي محاولة لتأمين وحدة السودان‏,‏ وهو دور إيجابي في تقديرنا‏,‏ حيث طرحت مصر رؤيتها حول أهمية وحدة السودان‏,‏ ثم طرح كل طرف منا رؤيته حول الوحدة‏,‏ وأكد أن الطرفين يتفقان في ضرورة الوحدة‏,‏ ولكنهما يختلفان حول كيفية تحقيقها‏,‏ حيث إن الحركة الإسلامية ـ في إشارة إلي حزب المؤتمر الوطني ـ تتمسك بالشريعة‏,‏ بينما تطرح الحركة الشعبية برنامجها للوحدة علي اسس جديدة‏.‏

وقال إن الجولة الأولي من الحوار امس كانت مبشرة‏,‏ حيث تحدث كل طرف بصراحة‏,‏ ونحن في الحركة الشعبية نريد من مصر أن تحث المؤتمر الوطني علي مراجعة برنامجه الإسلامي الذي سيعطل وحدة السودان‏.‏

وحول أهم نقاط الخلاف التي يستهدف حوار القاهرة تجاوزها قال ألور‏:‏ انها تدور حول النقاط الأساسية التي لم يتم تنفيذها في اتفاق السلام والمتعلقة بتنفيذ استفتاء الجنوب وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب‏,‏ والمسألة الخاصة بإنشاء مفوضية الاستفتاء في الجنوب‏,‏ وأيضا الخلافات بشأن إبيي بعد التحكيم في لاهاي والمتعلقة بترسيم الحدود والمواطنة‏,‏ إضافة إلي الإشكالية المتعلقة بالمشاركة في الانتخابات في كردفان وتمثيل الجنوب في البرلمان‏.‏

وأوضح أن الحركة الشعبية ليست مسئولة عن عدم تحقيق الوحدة‏,‏ وان تصريحات بعض قياداتها التي تؤخذ عليهم بشأن الوحدة هي ردود افعال لما يأتي من الخرطوم‏,‏ وقال‏:‏ انه مازال هناك امل في تحقيق الوحدة لكن علي اسس جديدة من العدالة والمساواة‏.‏

وقال انه في حال حدوث تقدم في الحوار بين الشريكين برعاية مصر يمكن اشراك باقي القوي السودانية فيه‏,‏ وحذر من وجود مخاطر حقيقية في حال حدوث أي تلاعب بنتائج الانتخابات أو بقيام استفتاء تقرير المصير‏.‏

وقال‏:‏ إن الاتفاق الإطاري الذي سيوقع في الدوحة بعد غد بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بدارفور يعد خطوة جيدة‏,‏ مشيرا إلي ان المؤتمر الوطني توصل إليه بمفرده دون مشاركة من شريكه في الحكم الحركة الشعبية‏.‏

ومن جانبه‏,‏ قال إدوارد لينو‏,‏ القيادي البارز بالحركة الشعبية ومرشحها لولاية الخرطوم ورئيس استخباراتها السابق‏,‏ إن رعاية مصر للحوار بين السودانيين ليست جديدا‏,‏ بل هي أمر قديم متجدد‏,‏ مؤكدا أن مصر تريد تهدئة الأوضاع بالسودان وتصرفات أكثر عقلانية من جميع الأطراف‏,‏ وهو ما وصفه بأنه موضع تقدير الجميع ولمصلحة السودان كله‏.‏

ويستغرق الحوار ثلاثة أيام‏,‏ ويري المراقبون أنه يعكس حرصا مصريا علي احتواء التداعيات التي يشهدها السودان حاليا‏,‏ وخشيتها أن يتم استنزاف الجهود داخل السودان وإهدار ما تبقي من وقت في الفترة الانتقالية وعدم استغلال الأجواء الحالية في بناء وحدة السودان‏.‏

ويتوقع المراقبون أن يكون نجاح حوار القاهرة بمثابة دفعة قوية نحو دعم الاستقرار في السودان وحل قضاياه العالقة‏.‏

ويقدر المراقبون أن مخاوف مصر تتعاظم في المرحلة الراهنة التي يقبل فيها السودان علي استحقاقين مهمين سيكون لهما أثر في صياغة مستقبله وأوضاعه وبقائه كوطن موحد‏,‏ وهي الانتخابات المقررة في ابريل المقبل‏,‏ واستفتاء حق تقرير المصير المقرر في مطلع العام المقبل‏.‏

ومن ناحية أخري‏,‏ يقوم السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية بزيارة الي السودان اليوم‏,‏ يرافقه وفد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي المؤسسات الاقتصادية العربية لعقد مؤتمر الاستثمار والتنمية بجنوب السودان المقرر عقده في جوبا غدا‏.‏

وقال السفير سمير حسني مبعوث الأمين العام في إفريقيا ومدير ادارة إفريقيا والتعاون العربي الإفريقي‏,‏ إن المؤتمر يهدف لفتح نافذة للاستثمار أمام رجال الأعمال والصناديق والمؤسسات العربية في الجنوب‏,‏ وهو يأتي عملا بما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل من ضرورة جعل الوحدة خيارا جاذبا في السودان‏,‏ عبر توفير الخدمات والتنمية بالجنوب‏,‏ وأشار الي أن المؤتمر سيوثق الصلات بين رجال الأعمال والمؤسسات العربية والجنوب‏.‏

وردا علي سؤال حول التأخير في عقد المؤتمر الي العام الأخير من الفترة الانتقالية‏,‏ قال حسني إن السبب في ذلك لا يعود الي الأمانة العامة‏,‏ وانما الي الخلافات بين شريكي الحكم في السودان التي أدت الي هذا التأخير‏,‏ مشيرا الي اصرار الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي الي عقد المؤتمر قبل الانتخابات العامة في السودان‏,‏ وقبل استفتاء تقرير المصير‏,‏ في إطار مساعيه لتعزيز الوحدة في السودان وجعلها خيارا جاذبا‏.‏

من جانبه‏,‏ أكد السفير محمد منصف مبعوث الجامعة العربية للسودان أن حكومة الجنوب ستقدم مشروعات للمستثمرين في جميع مجالات الصحة والتعليم والثروة الحيوانية والصناعة والتجارة‏.‏