وصفت الحكومة العراقية قرار لجنة قضائية شكلها البرلمان بالسماح لمئات المستبعدين بخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بأنه غير قانوني، بينما تحول القرار إلى محور جدل حاد داخل البلاد ولجأت مفوضية الانتخابات إلى أعلى سلطة قضائية لإبداء الرأي بشأن قرار اللجنة القضائية.
وكانت هذه اللجنة المؤلفة من سبع قضاة من محكمة التمييز قد قررت اليوم تأجيل النظر في الطعون المقدمة من قبل أكثر من خمسمائة مترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، قررت هيئة المساءلة والعدالة استبعادهم من الانتخابات بزعم صلاتهم بحزب البعث المحظور.
وسمحت اللجنة القضائية التمييزية لهؤلاء بالمشاركة في الانتخابات، على أن يجري النظر بطعونهم وتثبيت أو رفض استبعادهم بعد الانتخابات.
وصدر رفض فوري شديد للقرار من الحكومة وبعض القوى السياسية، حيث وصفه الناطق بلسان الحكومة علي الدباغ بأنه غير قانوني، قائلا "تأجيل قانون المساءلة والعدالة لما بعد الانتخابات غير قانوني وغير دستوري".
وقال المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي إن الأخير يعتزم دعوة مجلس النواب لعقد جلسة طارئة لمناقشة قرار إعادة المستبعدين.
من جانبها طلبت المفوضية المستقلة للانتخابات من مجلس القضاء الأعلى إصدار حكم نهائي في قراراللجنة التمييزية، وقال رئيس المفوضية فرج الحيدري إن طلبا قدم لمجلس القضاء للنظر في قرار للاستئناف سمح لنحو 500 مستبعد بخوض الانتخابات على أن يجري النظر بعد ذلك في طعونهم.
مؤيد ومعارض
من جهته وصف النائب بالبرلمان عن حزب الدعوة حسن السنيد قرار الهيئة التمييزية بأنه " قرار مستغرب وسيسمح للكثير من فدائيي صدام والمطلوبين للمشاركة بالانتخابات".
كما انتقد الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم القرار، وقال في بيان "إننا في الوقت الذي نؤكد فيه حرصنا على استقلالية القضاء نعتبر ما رشح عن الهيئة التمييزية
في قرار هيئة المساءلة والعدالة أنه غير مستند إلى مبدأ دستوري أو قانوني" إذ أن مهمتها تنحصر في النظر في مدى انسجام إجراءاتها مع القانون وعدم التوجه لإعطاء آراء ذات بعد سياسي.
أما الرئيس التنفيذي للهيئة علي اللامي فقال "تم إبلاغنا من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأن قرارا صدر من هيئة التمييز يسمح بعودة المستبعدين للمشاركة بالانتخابات، وهذا القرار صدر ولم يعلم به سوى مكتب الأمم المتحدة في العراق والسفارة الأميركية ومفوضية الانتخابات والهيئات الرئاسية، الثلاث في البلاد ليس لديها أي علم بهذا القرار".
قرار إيجابي
وفي المقابل وصفت النائبة ميسون الدملوجي عضو القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي القرار بأنه "إيجابي ويعكس استقلالية ومهنية القضاء العراقي وشرعيته".
وأضافت "علينا عدم إبعاد أي شريحة، وعلى الجميع المشاركة في الانتخابات
وفق الضوابط ونحن نقف صفا واحدا مع الجميع من أجل إبعاد المجرمين عن
الانتخابات" مشيرة إلى أن إبعاد أكثر من 500 مرشح عن الانتخابات قرار غير مهني وكان بحاجة إلى المراجعة".
من جهته اعتبر عضو جبهة التوافق العراقية النائب سليم الجبوري أن "القرار جاء لحاجة الهيئة التمييزية البرلمانية الماسة للمزيد من الوقت لحسم ملفات المستبعدين من قبل الهيئة العليا للمسألة والعدالة بغية التوصل إلى قرار حاسم فتم الاتفاق على مشاركة الجميع في الانتخابات".
وأضاف "نحن غير ملزمين بقرار هيئة التمييز وإنما بقرار النظر
بالطعون، والقرار جاء بحالة مغايرة وهي السماح للمبعدين بالمشاركة في
الانتخابات وهو قرار لم يكن ناتجا عن دراسة قرارنا، والمطلوب من الهيئة
هو الرد على الطعون".
وفي إطار ردود الفعل أيضا وصفت جامعة الدول العربية الخطوة التي اتخذها البرلمان بإلغاء قرارات هيئة المساءلة والعدالة بأنها "خطوة جيدة يمكن لها أن تهييء فرصة مناسبة لتحقيق انتخابات عراقية حرة ونزيهة وشفافة يحتكم فيه لاختيار الشعب العراقي، وأن يحكم العراق فى المستقبل من يختاره الشعب ويرضى عنه".
وقال مدير الإدارة العربية بالجامعة السفير على الجاروش إن الجامعة
العربية "تساند العراقيين بمختلف فئاتهم ومكوناتهم وليست مع الإقصاء
والتهميش لأي طرف مهما كان درجة الاختلاف أو المعارضة".
يُذكر أنه سبق للهيئة العليا للمسألة والعدالة أن طلبت من المفوضية العليا
المستقلة للانتخابات إبعاد 511 مرشحا وتسعة كيانات سياسية من المشاركة في الانتخابات على خلفية انتمائهم إلى حزب البعث المحظور، وسارع البرلمان إلى تشكيل هيئة تمييزية للنظر في الطعون ودراستها بدقة واتخاذ القرارات القطعية بحق المبعدين.