fiogf49gjkf0d
 

الربابة تصنع من جلد الخروف بعد إزالة شعره وتجفيفه، حيث يشد الجلد على مربع مستطيل من الخشب من ناحيتي الوجه والظهر، وتدخل في هذا المستطيل عصا مستديرة، ويمد على الجلد شعر من ذيل الفرس (السبيب)، وهو الوتر، ويرفع عن الجلد بقطعة صغيرة من الخشب مثلثة الشكل تدعى «الديك». وللحصول على الأنغام يجر على الربابة بوتر صنع من شعر الخيل.

عرفت الربابة عند العرب قديما وكانوا يغنون أشعارهم على صوتها ومعهم انتقلت إلى الأندلس ثم إلى أوروبا وكان ذلك حوالي القرن الحادي عشر الميلادي، وكانت هذه الآلة العربية هي الجد الشرعي لجميع ما يعرف اليوم من الآلات الموسيقية الوترية التي يعزف عليها بواسطة الأقواس، والبدوي كأي إنسان يطرب للصوت والموسيقى فهو أحيانا يأنس حتى بصوت الرمال التي تسوقها الزوابع، وتارة لرغاء الناقة والجمل، وثغاء النعجة والخروف، إنه يضع الأجراس في أعناق الأغنام ويطرب لصوتها وهي تتحرك، ويتغزل بتغريد العصافير، ونغمة صوت الفتاة الجميلة، وأهازيج العرب وصلصلة السيوف ولعلعة الرصاص. هذا البدوي يحب الموسيقى بطبعه، ومنها جرات الربابة أو صوت الناي وأحيانا بالهدوء والصمت، لأن الهدوء لغة وموسيقى، والصمت لغة وموسيقى أيضا، والبدوي فهمها وأحبها قبل غيره.

إن صوت الطبيعة من الريح إلى الهدوء، وحفيف أوراق الأشجار وحتى نعيق الغراب، كل ذلك موسيقى دون آلات مصنوعة. وقد اضطر البدوي للتكيف مع هذا الوضع، فأوجد الكلمة التي تناسب هذا اللحن الموسيقي، سواء الذي يشعر به من الطبيعة أو الذي أوجده هو متناسبا مع الحركات الصادرة عنه، وأوجد الآلة التي تناسب اللحن والوزن والحركة، فكانت آلات الحركة وآلات الثبات.

إن الطرب شيء أساسي في حياة الإنسان وفي الوجود، حتى المخلوقات تطرب لشيء معين، فالإبل تطرب كالإنسان للحداء، كما تطرب الأغنام والماعز لأصوات الأجراس وتطرب الخيل لأصوات الفرسان وصيحاتهم. وقد بدأ البدوي أداة طربه من الجلد والشعر، وهو المتوافر لديه فوضع جلدا على عظم، ثم ربط شعرا طويلا، فحركه فكان له صوت، واستعاض عن يده بشعر آخر مشدود إلى قوس، وباحتكاك الشعر بعضه ببعض يتجاوب الصوت الصادر من تجويف الجلد، فتكون بذلك الجرة. ويمكن لنا أن نتصور كيف أن الإنسان قد أحب الأشياء والحيوانات من حوله، وكيف أنه بالصدفة طرب لاحتكاك الأوتار بعضها ببعض، وتطور ذلك إلى صنع الآلات الموسيقية والوترية، حتى تم التوصل إلى آلة الربابة، بما فيها من ذوق وترتيب واختيار جلد الغزال وشعر الفرس والحصان، بدلا من الجمل والناقة. وهذه الأوتار من الشعر لابد لها أن تكون قوية مترابطة مشدودة لا تخلو من الرطوبة شبه الجافة، لذا استعملوا «اللبان» وهو عبارة عن صمغ وشب معا، مما يزيد في شد الأوتار، فتخرج منها أصوات جميلة ولطيفة، وتحتاج هذه الأصوات أو الأنغام الى لترتيب وهو ما يتم بطريقة التنقيط من اليد الموجودة في الطرف العلوي للربابة أي قرب نهاية الوتر من الأعلى، فتتناسب الموجات الصادرة عن تصادم اليد بتلك الصادرة عن احتكاك وتر القوس بوتر الربابة فيخرج الصوت المسمى «الجرة» وهو وزن شعري ولحن موزون. وتمتاز الربابة بأن صوتها مميز عن بقية أدوات العزف، ويمكن جر اللحن البطيء أو السريع عليها، والهادئ والصاخب، والقصير الوزن والطويل والوزن من الشعر واللحن. وبصوت الربابة تجود قريحة الشاعر البدوي، فيقول الشعر الحزين أو الحماسي أو الغزلي، وكثيرا ما كانت الربابة أداة يدافع بها البدوي عن نفسه، وهي أن يطلب العزف عليها، وهذا في الحالات التي يكون في الأمر تحد حيث يقول شعرا على الربابة يرد به على الاتهام. وربما يكون الطعن بعشيرته أو حبيبته أو شخصه أو صديقه.

متى اكتشفت الربابة.. وما قصة اكتشافها؟

&<645; قصص كثيرة تداولتها الأجيال حول قصة اكتشاف الربابة إلا ان اقرب هذه القصص للواقعية كانت قصة ذلك الرجل وزوجته، حيث نشب خلاف بينهما اتهم الزوج زوجته اتهاما باطلا وأدرك فيما بعد أنه مخطئ، مما حدا بالزوجة للنزوح لأهلها رافضة محاولات زوجها في استرجاعها حتى بلغ بها ان اشترطت للعودة.. فقالت «لن أعود حتى يتكلم العود» وهي تقصد عود الشجر او الخشب، احتار الرجل في أمرها فذهب لعجوز حكيمة من أهل قبيلته وقص عليها ما حدث فقالت له الأمر بسيط، وطلبت منه إحضار عود من «عوشزه» نبات صحراوي يسميه البعض «عوسج» فأحضر ما طلبت وقالت له اخرق رأس هذا العود من الأطراف وفعل ذلك، وطلبت منه ايضا إحضار جلد «حوار» والحوار ابن الناقة فأحضره ثم قامت بحشو هذا الجلد بأوراق نبتة «العرفج» واخيرا طلبت منه إحضار سبيبا من ذيل الخيل وقالت اجعل هذا السبيب في العود الذي خرقته ثم قالت له اعزف الآن فعزف فإذا بالعود يتكلم اي (يصدر لحنا) ثم اسرع به الى أهل زوجته وطلب مقابلتها ليقول لها انه فعل المستحيل لإرضائها وها هو يلبي شرطها في العودة ويجعل العود يتكلم ثم أنشد بعدها هذا البيت:

يا بنت لا يعجبك صوت الربابة

تراه جلد حوير فوق عيدان

اذن هذه هي نشأة الربابة.. كانت بسبب شرط امرأة كما يقال:

وما هي الا عود عوسج وجلد حوار.. وقيل ان افضل الجلود لصنع الربابة هو جلد «الذيب». لكن في الأمر خطورة بالغة لذلك كان جلد ابن الناقة انسب وأأمن ومن حيث هذه القصة نستشف مكان نشأة الربابة وهي بادية الجزيرة العربية الا ان هناك من قال انها هندية الأصل لكن فيما ورد من أبحاث علامة الجزيرة «عبدالله بن خميس» انها نجدية الأصل والمنشأ وتختلف ألحان الربابة حسب امكانيات العازف والذي يكون ملما ببحور الشعر حيث يوجد الهجيني، والمسحوب، والصخري، والسامري.