fiogf49gjkf0d
فى 28 سبتمبر 72 ومع ذكرى مرور عامين على وفاة عبدالناصر، كتب مبارك مقالا متوسط المساحة حول هذه المناسبة.. والمثير أن المقال لم تستضفه أحد الإصدارات الصحفية المتعددة التى تصدرها القوات المسلحة ولكن تم نشره بشكل بارز فى صدر إحدى الصفحات الداخلية المتميزة لجريدة الجمهورية تحت عنوان «عبدالناصر.. وتطور القوات الجوية» بقلم: لواء محمد حسنى مبارك.. الذى احتلت صورته مساحة بارزة لافتة للنظر داخل بروازين.

المقال المنشورة صورته أعلى هذه السطور والذى ستطالعون نصه كاملا فى نهاية الكلمة، لم يتميز بصياغة صحفية أو بصمة أدبية ولكنه امتاز رغم ازدحامه بالعبارات الرنانة والحماسية المصاحبة للتجربة الناصرية التى لم يكن إعلان وفاتها رسميا - مثل صاحبها - قد تم بعد، امتاز المقال بالبساطة الواضحة وأظهر إعجابا لا يمكن إخفاءه بالزعيم الراحل ولكن لم يفت مبارك أن ينهى هذا المقال سواء كتبه هو كاملا - وهذا مستبعد - أو عاونه فى صياغته أو حتى مراجعته شخص أو جهة ما، لم يفته فى النهاية أن يشير إلى الرئيس السادات ويشيد به مؤكدا - فى غالب الأمر دون أن يعى - أنه مواطن صالح وموظف كبير تقليدى ومن ثم فإن ترحمه على عبدالناصر واسترجاع دوره المهم لا يعنينا أبدا أن يغفل عن ذكر القائد الملهم والرئيس المؤمن الذى يتولى ملك مصر وتجرى أنهارها من تحت عرشه غير مدرك - ولا حتى حالم - أنه بعد تسع سنوات لا تزيد سوى أيام سوف يخلفهما معا - ناصر والسادات - وأن النيل مثلما غير مساره من منشية البكرى إلى الجيزة سوف يعود ليغير نفس المسار - إلى حين - متوجها إلى العروبة!

والآن إلى نص المقال:

«مضى عامان على وفاة الرئيس الخالد جمال عبدالناصر الذى فجر الثورة وقاد مسيرتها وجسد آمال شعبه وأعطى العرق والدم وحياته كلها من أجل أن تكتب لأمته الحياة وكان من أعز أمانيه أن يرى جيشا وطنيا قويا لمصر يحمى عملية بناء المجتمع الجديد ضد الأخطار التى تتربص به ولذا لم يألُ جهدا فى تحقيق هذا الهدف طارقا كل باب من أجل الحصول على السلاح الحديث وقد نالت قواتنا الجوية حظا وافرا من رعايته إيمانا بدورها الرئيسى فى المعركة الحديثة وحقق نجاحا كبيرا فى تطورها وازدهارها الأمر الذى أقلق العدو وجعله يكرس جهده فى محاولة لتدميرها وقد توهم العدو أنه قد تحقق له ما أراد بحرب يونيو 1967 ولكن الزعيم عبدالناصر أعلن على العالم كله كلمة شعبه فى رفض الهزيمة والإصرار على مواصلة النضال مهما كانت التضحيات.

وبدأت عملية البناء على أساس من قول عبدالناصر فى أحد لقاءاته مع أبناء القوات المسلحة (إن الحرب الحديثة تتطلب استيعابا كاملا للعلم والتكنولوجيا) وحينما تظاهرت إسرائيل أمام العالم برغبتها فى السلام أعلن الزعيم «إن السلام ليس معناه الاستسلام ولا يمكن أن تتعايش دعاوى العدو عن السلام مع مخططات التوسع ولم يعد طريق للخروج مما نحن فيه إلا أن نشق الطريق نحو ما نريد عنوة وبالقوة فوق بحر من الدم وتحت أفق مشتعل بالنار ومهما بدت هذه النتيجة قاسية فيما تحمله معها من تكاليف وتضحيات فإننا لا نجد أمامنا غير ذلك بديلا نصون به الشرف والحرية والمستقبل جميعا».

واستمر نضال الزعيم حتى فجعت الأمة بوفاته ولكن الشعب أقسم على مواصلة الرسالة وتحقيق آماله فى حريته وعزته وكرامته وحمل الراية الزعيم محمد أنور السادات ابن هذا الشعب المصرى الأصيل الرمز الحى للمطالبة بالحرية كما كان يصفه القائد الخالد، لقد التزم نفس الطريق طريق الحرية والاشتراكية والوحدة وتمسك بنفس الخط: الإصرار على أن تنبع القرارات من الإرادة المصرية ومن الشخصية المصرية ومن تراب مصر.. الحفاظ على عقائدنا وسيادتنا وعدم التخلى عنها مهما كلفنا ذلك.. الحرص على الوحدة الوطنية والوقوف بحسم فى وجه أى محاولة لتفريق الصفوف.. حشد كل الطاقات من أجل تحرير الأرض واستعادة الحق ثقة فى النصر بإذن الله مهما كانت التحديات.

إن خير ما يمكن أن نحيى به ذكرى وفاة الزعيم جمال عبدالناصر هو استيعاب المبادئ التى أعلنها والتمسك بها والمضى على نفس الدرب وتجديد العهد على مواصلة النضال حتى النصر ولنتذكر دائما قول الرئيس محمد أنور السادات «إننا مطالبون أن نعطى الحياة لكى تكون لنا حياة.. مطالبون أن نضحى بالروح لكى تبقى وحدة ترابنا الوطنى مصونة على طول الزمان».