"أنا عرفت السر.. هفضحك"، لم تدر ربة منزل أن تلك الجملة ستتسبب في اختطاف طفلها، لتعيش 5 ساعات في كابوس مميت انتهى بتحرير نجلها على يد ضباط مباحث بولاق الدكرور، لكن المفاجأة أن العقل المدبر ليس غريبا.
كعادته كل صباح، يخرج الطفل "يوسف"، عامين ونصف، للعب مع الأطفال بمنطقة أبو قتادة الشعبية رفقة شقيقه الأكبر "سيف"، 5 سنوات، وقضاء معظم الوقت بمحيط المنزل تحت مراقبة الأم، حتى أنهما قد لا يعودان إلى المنزل إلا في المساء لتناول وجبة العشاء، والاستعداد للنوم للاستيقاظ مبكرا لبدء جولة جديدة من اللهو في الشارع.
الحادية عشرة صباح السبت، ترك "سيف" شقيقه الأصغر لشراء سندوتش طعمية من مطعم مجاور للمنزل، غاب على إثرها 15 دقيقة، فوجئ لدى عودته باختفاء "يوسف" في ظروف غامضة، هرع بعدها إلى والدته "ماما.. يوسف ضاع".
عقب مرور ساعتين من البحث عن الطفل المفقود، تلقى والده صاحب الـ 29 سنة اتصالا من مجهول أخبره باختطاف نجله، وطلب منه فدية مليون جنيه محذرا إياه "لو بلغت الشرطة مش هتشوف ابنك تاني"، مع انتهاء المكالمة التي لم تمتد لأكثر من دقيقة، سقطت الأم مغشيا عليها محاولة استيعاب ما يدور حولها، متمنية أن يكون الأمر محض كابوس ستستفيق منه.
جلس بائع مشروب العرقسوس البسيط مع شقيقه وأفراد العائلة، يحاول البحث عن طريقة للخروج من تلك الأزمة، وبدأ الحضور يفتشون عما بحوزتهم من أموال ومشغولات ذهبية لتجهيزها، وتقديمها للخاطف، إلا أن حالتهم المادية المتدهورة حالت دون إتمام الأمر.
العاشرة مساءً، توجه والد الطفل يوسف إلى قسم شرطة بولاق الدكرور، طالبا مقابلة رئيس المباحث المقدم محمد الجوهري "عاوزه في حاجة حياة أو موت"، فسمح له بالدخول وروى له تفاصيل ما حدث، الذي أخطر على الفور اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة.
بينما يضع العقيد طارق حمزة، مفتش مباحث غرب الجيزة، اللمسات الأخيرة لخطة تأمين لجان الانتخابات الرئاسية، تلقى هاتفا من رئيس مباحث بولاق أخبره خلالها بتفاصيل الحادث، ليوجه بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى "الواد لازم يبات في حضن والدته النهاردة".
انطلق الرائد طارق مدحت، معاون مباحث بولاق الدكرور، إلى منزل والد الطفل، وبدأ في مناقشته وزوجته وشقيقه الذي كان يلازمه، للوقوف على وجود خلافات بينه وآخرين من عدمه، خاصة إذا ما كانت إحداها ترقى لحد الانتقام.
خلال حديثه مع والدة الطفل، التقط الرائد طارق مدحت جملة تشير إلى وجود خلفات بينها و"جيهان" زوجة شقيق زوجها، فراح يجمع المعلومات حول طبيعة الخلاف، حتى وجد ضالته، وتوصل إلى أن والدة الطفل المختطف اكتشفت أن "سلفتها" على علاقة غير شرعية مع شاب، وهددتها بالفضيحة، في وقت سابق.
بتضييق الخناق على المتهمة، أقرت بارتكاب الواقعة، مشيرة إلى أنها اختطفت الطفل أثناء لهوه أمام المنزل بمنطقة أبو قتادة، ثم خدرته، وتركته بشقة عشيقها "حسن"، 30 سنة، فرد أمن، تربطه علاقة صداقة مع والد الطفل.
الثالثة فجر الأحد، داهمت مأمورية بقيادة الرائد طارق مدحت والنقيب أيمن سكوري، معاوني مباحث بولاق الدكرور، شقة العشيق بمنطقة الطالبية، وأمكن ضبطه وتحرير الطفل الذي كان في حالة إعياء شديد، نُقل على إثرها إلى المستشفى.
"كانت عاوزة أنتقم من أمه.. وأحرق قلبها عليه ونطلع بمصلحة" بهذه الكلمات بدأت المتهمة اعترافاتها التفصيلية، مؤكدة أن عشيقها كان يرش مخدر للطفل كل ساعتين خشية استيقاظه من النوم، واستغاثته بالجيران، ومن ثم تنكشف فعلتهما، مما تسبب في إعياء الطفل الذي خضع لغسيل معدة في المستشفى.
وقدم والدا الطفل الشكر لرجال المباحث على الجهود المبذولة لتحرير صاحب العامين والنصف في غضون 5 ساعات، لترسم كلمات الأب ودعوات الأم البسمة على وجوه ضباط المباحث الذين شاركوا في القضية، وحُرر محضر بالواقعة، أحاله اللواء عصام سعد، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، إلى المستشار محمود الأنصاري، مدير نيابة بولاق الدكرور، بحبسهما 4 أيام على ذمة التحقيق.