العالم كله أصبح قرية صغيرة، فى برامج التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا»، و«الفيس بوك»، أصبح سلاحاً ذا حدين، مجحف من ينكر فضله فى التقارب المجتمعى ووسيلة أتاحت الكثير والكثير، من التواصل ونقل الأخبار، لكنها للأسف استغلها الكثير من الشباب والفتيات فى التلاقى العاطفى، وخطورته تكمن فى أنه عالم افتراضى وليس واقعياً، لكن هوس الجميع جعلهم عرضة لعمليات النصب والابتزاز، بل أصبح وكراً لممارسة الرذيلة لدى بعض المنحلين أخلاقياً، وخير شاهد ودليل قصتنا، التى وقعت ضحيتها إحدى فتيات المنيا، لتلقى حتفها أمام أعين الجميع.
عاشت «فاطمة» بقرية طحا، إحدى قرى مركز سمالوط، شمال محافظة المنيا، بصعيد مصر المحروسة، وأنهت دراستها المتوسطة، تعرفت على أحد شباب الـ«فيس بوك»، وتعمق التعارف فيما بينهما بكلمات معسولة، هامت معها فاطمة، وتملكت العاطفة وجدان قلبها البرىء، وانساقت خلف عواطفها، وأصبح شغلها الشغال هو التواصل مع حبيبها «حمادة» من محافظة المنوفية، تعارفوا على بعض بكل ما تعنى الكلمة من تعارف، صور وحكايات غرامية، وكلمات تشعل نيران الحب والغريزة.
دعاها «حمادة» لرؤيته، وبدلاً من أن تدعوه فاطمة لزيارة أهلها بصعيد مصر، ليطلب يدها من أهلها، ويبارك الجميع زواجهما، عرض عليها المقابلة أولاً فى القاهرة بعيداً عن أعين الأهل وللتعارف أولاً ثم يقرران الزواج من عدمه، لتخرج فاطمة تاركة بيت أسرتها وهى هائمة على وجهها، تحت تأثير الحب الأعمى والكلام المعسول، هرولت مسرعة تاركة بيت أهلها تحت جنح ظلام الليل، إلى حبيب القلب، لم تكن تدرى بفعلتها، أنها كتبت نهاية عمرها، لم تدرك أنه سوف يضع رقبتها تحت المقصلة، حتى وإن لم تقترف شيئا يغضب الله.
هربت «فاطمة» لتلتقى بحبيبها فى القاهرة، وتزوجا عرفيا، نامت «فاطمة» فى أحضان الرذيلة، ومارسا الحياة الزوجية، وقضت «فاطمة» شهر العسل «المحرم» كاملاً، بعيداً عن موافقة أهلها، وعلى الجانب الآخر أعيا البحث عنها أسرتها والعار ألمّ بالعائلة كلها فقد توهمت أن السعادة اللحظية التى تعيشها هى حياة الحب الأبدية، استعاد الحبيبان سويا ذكريات الحب على الشات وكيف كانت بداية علاقتهما، عاشا فى سعادة وهمية شهرا كاملا، أهلها يبحثون عنها فى كل مكان، وهى غارقة فى أحضان الغريزة المحرمة، لتتفق «فاطمة» وحبيبها أو زوجها كما تعتقد على العودة ومفاتحة أهلها فى أمر زواجهما، بعدما أوهمها أنه سوف يحضر لخطبتها من أهلها وإتمام الزواج، وغاب عن «فاطمة» أن ما فعله حبيبها هو التسلية، وأنه اقتطف شرفها وشرف أهلها.
عادت «فاطمة» وبعد أن هدأت ثورة شقيقها وأسرتها روت لهم حكايتها وأين كانت طوال الشهر الماضى، «محمود» شقيقها سمع الحكاية من شقيقته، جن جنونه، بعدما عرف أنها فقدت شرفها على يد شاب بورقة لا يعترف بها الشرع أو القانون أو العائلة، اشتعلت النيران فى جسده، وشعر أن العار قد غطى رأسه بالطين، أمسك بشقيقته، وأخرجها من المنزل، وأخرج «مطواة»، وأمام أعين الناس فى الشارع، سدد لها عدة طعنات فى الصدر والرقبة، طعنات قوية بقوة الغضب، طعنات تغسل عار الرذيلة، فاطمة تصرخ، ولكن علمت أن ساعة الحساب قد جاء موعدها، بعدما سلمت نفسها وشرفها، لشاب لعب بعواطفها وقلبها البرىء، نهش جسمها ووضع شرفها تحت قدميه، تلفظ «فاطمة» أنفاسها الأخيرة وهى تودع الأب والأم، وكل من يتطلع لها فى الشارع، ونساء وفتيات القرية، تتطلع للفجيعة بحسرة وتأنيب ضمير.
لحظات ويصل الأمر للواء ممدوح عبدالمنصف، مدير أمن المنيا، ليتم القبض على شقيقها وسلاح الجريمة، وأمام رئيس النيابة، يعترف «محمود» بقتل شقيقته، قائلاً: نعم قتلتها حتى أغسل عارى، شقيقتى جابت العار للعائلة، يدخل محمود خلف القضبان مكبلاً بكلابشات وقيود السجن حول معصم يديه، يندب حظه العاثر بفعلة شقيقته، وتمنى لو أن الأمر كأنه كابوس ورؤيا منام يفيق منها، تذكر شقيقته وهى صغيرة، وتذهب وتعود من المدرسة، ماتت فاطمة شقيقتى وأنا اللى قتلتها بإيدي.
الواقعة أصبحت على كل لسان نساء ورجال القرية، الفجيعة أصابت الجميع بالدهشة والذهول، والحكاوى على المصاطب تجمع القاصى والدانى، فى النهاية الكل سيذهب إلى حال سبيله وتُنسى حكاية «فاطمة» كغيرها من الحكايات.