مات في حضن أخيه الأكبر، ابتسم قبل أن تفيض روحه، ألقى بنظره الوداع على الجميع أصحابه، وخطيبته التي كان موعد زفافهما بعد أسبوعين من حادث مقتله على يد «عاطل» طعنه بسلاح أبيض، بسبب دفاع المجنى عليه «مصوراتى»، عن طالب جامعي اتهمته صاحبة محل بقالة بالسرقة، الجمعة الماضى.
حزن كبير يخيم على منطقة بئر أم سلطان في القاهرة، التي شهدت الواقعة، بعد فقدان صاحب الـ20 عامًا، ذا الأخلاق العالية، كتب الأهالى على جدران المنازل اسم شهرته «محمود القط»، أجبروا صاحبة محل البقالة على مغادرة المنطقة «هىّ سبب قتل محمود اللى كان يدافع عن صاحبه المظلوم»، يقول الجيران، لـ«المصرى اليوم»، إن صاحبة المحل لم تكتف بذلك فحسب «اتهمت القط بمعاكستها».
عندما التقينا «عادل»، والد القط، 60 عامًا، كان في حالة يرثى لها، وابنه الأكبر «محمد» لا يختلف عنه كثيرًا، حتى أن الأب أصبح يعيش على المهدئات، منذ الحادثة أنهارت الأسرة، واستسلمت لحزنها، يروى الأب المكلوم، أنه تلقى خبر مقتل نجله «محمود»، وهو في محل عمله، ورشة تصنيع أحزمة: «الناس قالت لىّ ألحق ابنك مضروب بمطواة»، دارت الدنيا بالأب:«لم أتصور موت ابنى العريس قبل زفافه بـ15 يومًا»، قالها عادل، وبكى تألمًا على فقدان أصغر أولاده.
يفند الأب الاتهامات التي وجهتها صاحبة محل البقالة «أم محمد» عن ابنه المجنى عليه، إذ لم يتصور أن يتحرش ابنه بسيدة في عمر والدته الراحلة، وأن تكون تلك السيدة جارة خطيبته:«إزاى يعاكس وحدها بجوار بيت نسايبه»، فيؤكد عادل أن خطيبة ابنه محمود أخبرته بطعن الابن بمطواة إثر مشاجرته مع «فوزى سمارة»، إذ دافع «الأخير» عن «أم محمد»:«اتهمت واحد اسمه هشام كان ابنى مصوره بسرقة 800 جنيه».
زار «هشام»، الطالب الجامعى، منزل محمود القط، يوم الواقعة:«كان محمود عامل له فوتوسيشن، وجاى له البيت يأخذ الصور»، بحسب حسام حسن، شاهد الواقعة، وبينما كان «القط» يعد له طلبه أخبره الزائر بإرادته في شراء «شيبسى»، وما أن وصل «هشام» إلى محل البقالة حتى أمسكت به البائعة:«حرامى.. الواد دا سرق فلوس من المحل»، وهكذا تجمهر الأهالى، ومن بينهم المتهم «فوزى».
سريعًا خرج القط من منزله على أصوات الضجيج، وتقدم صفوف المتجمهرين:«يا جماعة دا صاحبى ومش حرامى»، يحكى «حسن»، طالب، أن محمود نجح في تخليص هشام من إيدى فوزى سمارة وشباب المنطقة:«بس كانت هدوم الشاب المظلوم اتقطعت»، يؤكد الشاهد أن فوزى اعتدى على «القط» بالضرب، وقال له «أنت مش راجل».
عبثًا حاول الأهالى الصلح بين «فوزى»، و«القط»، فكان الأخير محتقنًا:«كان مضروب ووجه ينزف دمًا»، يقول علام عيد، مشرف معماى، الشاهد الثانى، أن القط أنهار وضرب كتف المعتدى عليه، فما كان منه إلا أن أخرج «مطواة» من طيات ملابسه وطعن المجنى عليه في قلبه «قعد يضربه في قلبه 3 مرات لحد ما تأكد من سقوطه على الأرض»، وفقًا للشاهد الثانى فإن «سمارة» هدد الجميع:«اللى هيقرب منى هقتله».
فاجأت صاحبة محل البقالة الجميع:«الواد اللى ضربناه في الأول مش الحرامى»، فتح الجميع فاهه من هول ما سمعوا، واصلت «أم محمد» كلامها:«من 3 أيام ولد سرق زوجى وأنا اشبهت في صاحب محمود»، تُمصص أم أحمد، إحدى الجيران، شفتاها، قبل أن تؤكد:«إحنا أجبرنا البقالة على الرحيل بعد الخراب، وبعد ذلك اتهمت القط بمعاكستها».
تقدم المجنى عليه نحو 15 مترًا من مكان الواقعة، حيث ورشة تصليح دراجات بخارية، يعمل بها أخيه الأكبر «محمد»، انضم إلى حضنه، ومات، ويقول شقيق المجنى عليه:«رددت له الشهادتين».
عقب الواقعة، كتب الأهالى اسم المجنى عليه الجدران، وأكدوا حسن سيره، واجتهاده وأنه في أوقات فراغه كان يعمل عامل رخام:«علشان يعرف يتزوج».
ولم يتسن لنا الحصول على رد من صاحبة محل البقالة. وأمرت نيابة البساتين بحبس «سمارة» 4 أيام، ووجهت له تهمة القتل، وحيازة سلاح أبيض.