مع دقات العاشرة مساء، اهتز ميدان «المحطة» بمدينة بني سويف، على وقوع جريمة قتل بشعة، بطلها «قهوجي» في العقد الخامس من العمر، معروف بين زبائن المقهى وقاطني المنطقة بـ«أبوسلمى» الذي دفع حياته ثمنًا لمحاولته الحفاظ على هدوء وأمن زبائنه، من رواد المقهى، من مشاجرات البلطجية والمسجلين خطر.
بداية الواقعة
بدأت الواقعة، عندما حضر مجموعة من الشباب للمقهى وجلسوا على مقاعدها، وتناوبوا في طلباتهم، ودار بينهم نقاشًا حادًا حول مشكلة بينهم، ومع تعالى أصواتهم تحول النقاش إلى مشادة بالألفاظ، وكادت أن تتطور لمشاجرة اشتباك بالأيدي، لولا تدخل زبائن المقهى و«أبوسلمى» محاولًا الحفاظ على هدوئها وإبعادهم عن محيطها بقوله «ده مكان أكل عيش مش مكان خناقات وكلام فاضي».
وبعد ما يقرب من ساعتين فوجئ رواد المقهى والعاملون بها بـ3 عاطلين ممن كانوا بالمشاجرة يقتحمون المقهى، حاملين في أيديهم أسلحة بيضاء «سنج ومطاوى» قاموا بالإجهاز عليه بضربات متتالية في أماكن متفرقة بجسده «الرأس والرقبة والبطن» وسط ذهول زبائن المقهى، مبررين لهم ذلك بحجة اعتراضه على مشاجرتهم مع أحد الزبائن وإبعادهم عن المقهى!!
وسقط «أبوسلمى» غارقًا في دمائه يتألم من ضرباتهم، ولم تستعطف توسلاته لهم قلوبهم، وداوموا على ضربه، إلى أن فقد الوعي تمامًا ففروا هاربين، وقام الأهالي بنقله لمستشفى بني سويف العام، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله متأثرًا بإصابته الخطيرة التي أودت بحياته.
أسرة القتيل
انتقلت «فيتو» لمسكن أسرته، والتقينا مع أفرادها الأربعة، الزوجة وتبلغ من العمر 40 عامًا وابنتين «سلمي 19 سنة» و«سهيلة 16 عامًا» و«عبدالرحمن 15 عامًا» حيث كست حالة الحُزن على المنطقة بأكملها لبشاعة نهاية قصة كفاح أبو سلمى، حسب وصف الجيران، على الرغم من ندرة رؤيتهم له، لانشغاله الدائم بعمله «كان من شغله لبيته ومن بيته لشغله».
وجلست الزوجة «أم سلمى» ربة منزل، متشحة بالسواد بمدخل شقة الأسرة، رافضة تلقى العزاء في زوجها، مطالبة بالقصاص من قتلة زوجها، وتطبيق الحكم العادل عليهم، لتسببهم في حرمانها وأبنائها من رب الأسرة، الذي كان العائل الوحيد لها، إضافة لوالدته المسنة، التي دخلت في صدمة عصبية منذ علمها بمقتل أبنائها أفقدتها القدرة على النطق.
القصاص 
وطالبت «سلمى» الأبنة الكبرى للمجني عليه، بالقصاص من قتلة والدها الذي دفع حياته ثمنًا لحفاظه على أكل عيشه وأمن زبائن المقهى الذي قتل وسطهم، دون أي محاولة منهم للدفاع عنه، وتركوه بمفرده وسط مجموعة من البلطجية والمسجلين خطر، مطالبة بحكم عادل من قتلته، لكنها تخشى أن يكون هذا حلما كونه رجل بسيط ينتمي لطبقة فقيرة ليس من بينهم أصحاب نفوذ، حسب قولها.
وأضافت «سلمى»: «نطالب القضاء العادل بالقصاص»، مشيرةً إلى أنها تنتظر نتيجة محاكمة المتهمين بقتل والدها، مؤكدة أنه إذا أصدرت المحكمة حكمًا غير الإعدام، فإنها وشقيقتها وشقيقهن «عبدالرحمن» سيقتصون لأبيهم، قائلة: «لو القانون مجبش حقه هناخده بإيدينا».
تفاصيل الواقعة
وكان اللواء جرير مصطفى، مدير أمن بني سويف، تلقى إخطارًا من العميد محمد خشبة، مأمور قسم شرطة بني سويف، يفيد بتلقيه إشارة من مستشفى بني سويف العام بوصول «محمد إبراهيم رمضان» مصابًا بعدة إصابات خطيرة بالرأس والرقبة والبطن، ولفظ أنفاسه فور وصوله نتيجة التعدي عليه بآلات حادة.
وكثفت إدارة البحث الجنائي بقيادة اللواء ممدوح أبوزيد، مدير إدارة البحث الجنائي العميد خالد عبدالسلام، رئيس المباحث الجنائية جهودها لسرعة كشف غموض الحادث وأسفرت تحريات المقدم محمد إبراهيم رئيس مباحث بندر سويف عن أن كلًا من: «هيثم محمد إبراهيم» 33 عاما، عاطل وشهرته «هيثم الدب» و«مصطفى فؤاد عبدالعزيز» 26 عاما، عاطل، وشهرته «كريم» كانوا على خلاف مع شخص يدعى جابر كبر «كبابجي» وحضروا إلى المقهي ليتشاجروا معه إلا أن عامل المقهي «محمد إبراهيم رمضان» وشهرته «حنكش» اعترضهم وتدخل رواد المقهى وفضوا المشادة وتركوا المقهى منصرفين.
وأضافت تحريات المقدم محمد إبراهيم، رئيس مباحث القسم، إلا أنهم عادوا مرة أخرى حاملين السنج ووسط ذهول رواد المقهمى قاموا بالتعدي على عامل المقهى وأجهزوا عليه بالسنج وفروا هاربين.
وتمكن النقباء أحمد بهجت وشريف جمال وعبدالرحمن هديب، معاوني المباحث من القبض على الجناة وضبط الأسلحة المستخدمة في الحادث وبمواجهتهم اعترفوا تفصيليًا بارتكابهم للحادث وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق.