صوت انهيار ضخم، انتبه له كل سكان حارة الحنفية بمنشأة ناصر، لم تكن الساعة قد جاوزت الواحدة من ظهر أمس الخميس، تحرك السكان مسرعين إلي مصدر الصوت، ليكتشفوا انهيار عقار سكني مكون من 4 طوابق علي سكانه، اختلط صوت سقوط الأحجار والأثاث بصوت استغاثات النساء والأطفال القابعين تحتها في انتظار النجدة، ورسم الغبار المتطاير في الأجواء مشهدا يبدوا أقرب إلي المشاهد السينمائية.
استغاث السكان بقوات الحماية المدنية عبر الهاتف، لكنهم لم ينتظروا وصول المدد، بل تكاتفت جهودهم لرفع الحجارة ومحاولة إخراج من يستغيثون به من سكان العقار المنكوب، بالكاد مرت نصف ساعة قبل أن تصل قوات الشرطة ورجال الإنقاذ، وبصحبتهم سيارات الإسعاف، وبدأوا عملهم باحترافية، لإنقاذ المنكوبين في الحادث.
جهود مضنية لإنقاذ المنكوبين
بعد ساعة واحدة من العمل الجاد، الذي قام به رجال الحماية المدنية، بمساعدة الأهالي، تم إخراج أول شخص من سكان العقار، وتوالي بعدها إنقاذ رفقائه في السكن، ليصل عدد الذين تم إنقاذهم في أول ساعتين عمل لـ7 أشخاص كلهم في حالة جيدة، إلا إصابات طفيفة ألمت بهم، بين سحجات وكدمات من جراء انهيار العقار، واستقبلهم علي الفور رجال الإسعاف، ونقلوا إلي المستشفي، لتلقي الإسعافات الأولية والاطمئنان علي صحتهم.
إخلاء العقارات المجاورة
فرض رجال الحماية المدنية كردونا أمنيا حول العقار المنهار، لمنع الأهالي من دخول منطقة عملهم، نظرا لرغبتهم الشديدة في مساعدة رجال الإنقاذ، التى كادت تعيق العمل علي إنقاذ الأرواح، بعدها تواصلت الجهود لانتشال المنكوبين أسفل الركام. كما عملوا علي إخلاء العقارات الملاصقة للعقار المنكوب، مخافة تأثرها بالحادث، وتعرضها للانهيار، من بينها عقار مكون من 8 طوابق، وآخر من طابقين تقيم به أسرتان، تضررا من الحادث.
صوت الأطفال من تحت الأنقاض
علي الرغم من مرور أكثر من 3 ساعات من العمل الشاق، فإن الصوت القادم من أسفل الركام لسيدتين و3 أطفال دفع رجال الإنقاذ للعمل بضعف طاقتهم، رغبة في إنقاذهم، وتمكن رجال الأمن من استخراج طفل رضيع في البداية، وبعدها أنقذوا سيدة وطفلة أخريين.
الجثة الوحيدة لطفل
واصل رجال الإنقاذ جهودهم في انتشال المنكوبين بكل دقة، مخافة سقوط الأحجار علي الأشخاص الموجودين تحت الأنقاض، وبعدها بقليل انتشلت أول جثة لطفل من موقع الانهيار، وتواصلت عملية انتشال المصابين الواحد تلو الآخر، ليتم استخراج 6 آخرين، كلهم أحياء، آخرهم كان في قرابة التاسعة مساء، بعضهم حالته كانت جيدة، وتلقي الإسعافات الأولية بمنطة العقار، والبعض الآخر نقل للمستشفي لتلقي العلاج.
انتهت 8 ساعات من العمل المضني والشاق والدقيق لرجال الإنقاذ، وأسفرت جهودهم عن استخراج 16 شخصا مصابا، تلقوا العلاج، وجميعهم بصحة جيدة، وجثة وحيدة لطفل فارق الحياة، من ركام المنزل المكون من 6 أدوار، طابقه الأرضي عبارة عن ورشة، إضافة إلى أربعة أدوار أخرى يضم كل دور منها شقتين، وتقيم فيه 8 أسر.
النيابة تحقق في الواقعة
انتقل فريق من النيابة العامة لموقع الحادث، لمعاينة العقار المنهار، واستعلمت النيابة من حي منشأة ناصر عن كون العقار المنهار صادرا بحقه قرار إزالة من عدمه، وأمرت كذلك بتشكيل لجنة هندسية من الحي، لفحص العقار المنهار، وإعداد تقرير حوله، وكذلك العقارات المجاورة. كما استمعت لإفادات المصابين، للوقوف علي تفاصيل الحادث وملابسات انهيار العقار.
توفير إعاشة للمنكوبين
من جانبها، وفرت وزارة التضامن الاجتماعي سكنا مؤقتا للمتضررين من الحادث، وكذلك وجبات ساخنة، من خلال جمعية "جنات الخلود"، وسيمتد ذلك على مدى الأيام الثلاثة القادمة. كما أمدتهم بـ 25 بطانية، بالإضافة إلى الأثاث، من مراتب وأغطية، وتم صرف مساعدة مؤقتة للإعاشة بواقع 100 جنيه للفرد في اليوم.