حالة من السخط والغضب انتابت رواد مواقع التواصل الاجتماعي فور عرض فيديو مصور يظهر فيه بعض الأطباء وهم يجردون قتيل قسم المقطم «محمد عفروتو» من ملابسه وتصويره عاريا للتأكيد على عدم وجود إصابات خارجية، قبل أن تصرح النيابة بالدفن في القضية التي حملت رقم 88 لسنة 2018 المقطم، وهو الفيديو الذي اعتبر انتهاكا متعمدا لحرمة الموت.
أصابع الاتهام تشير معظمها إلى المستشفى الخاص الذي كان يودع فيه جثمان «عفرتو» قبل تشريحه، وهو ما يبدوا من خلال المقطع من اللباس الأبيض والجوانتي الطبي الذي يرتديه الشخص الذي يجرد به جثة الشاب المتوفي من الملابس فضلا عن السرير الطبي وغرفة الفحص. عن الشق القانوني والأخلاقي في تسريب الفيديو يقول ياسر سيد أحمد، المحامي، إن الفيديو على ما يبدو محاولة لإظهار أنه لا يوجد تعذيب بدني واضح علي جثة المتوفي، لافتا إلى أنه ليس معنى هذا تبرئة لساحات المتهمين، إلا بعد معرفة الأسباب الحقيقية من الناحية الطبية.
ولفت المحامي إلى أن الفيديو المصور والمعروض من الناحية الأخلاقية يعد أمرا محرما في جميع الأديان فهي ترفض تصوير جثة المتوفى، وعرضها محاولة تبرئة رجال الأمن من التعذيب، والهدف منه خلق مردود أنه لا يوجد تعذيب بدني واضح، والفيديو أوضح أنه لا يوجد آثار كدمات أو كهرباء.
ولفت إلى أن التصوير تم قبل دخوله التشريح، والمسئول عن المطالبة بفتح التحقيق فيما تم عرضه، والده ووالدته وعليهما بالشكوى والمطالبة بمحاسبة من قام بالبث الأول للفيديو.
جريمة أخلاقية من جانبه أكد محمد رمضان، ناشط حقوقي، أن مفهوم دولة القانون والإجراءات الجنائية ينص على أنه لا يجوز تسريب تحقيقات قسم الشرطة أو مقابلة والده أو أقاربه وأصدقائه، لأنها تعتبر محاولة للتأثير على العدالة، حيث إن من المفترض أن تكون اليد مطلقة للنيابة العامة لإجراء تحقيق عادل. وتساءل كيف أن المتوفى في عهدة الطب الشرعي والداخلية، يتم من تسريب ذلك الفيديو الذي يؤكد مدى انتهاك حرمة الإنسان بعد وفاته، معتبرا مثل هذا الفيديو جريمة إنسانية وأخلاقية ومحاولة للتأثير على العدالة، مطالبا بمحاسبة من قام بهذه الإجراءات، واتخاذ خطوات ضده.
من ناحيته قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إنه لا يجوز أن تصور جثة المتوفى وذلك لأن للموت حرمة وبالتالى لا يقبل الشرع أن تنتهك حرمة الأموات. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء للتحرير أن الشرع أباح تصوير الجثة فى حالة الضرورة القصوى سواء الضرورة الأمنية أو التشريحية أو ضرورة أخلاقية، مؤكدا أنه فى غير تلك الحالات فلا يجوز التشهير بالجثة ولا بد أن تُغسّل فى مكان أمين ولا يدخل عليه «كل من هب ودب»، حسب وصفه.
وتابع: «ماذا سيستفيد الرأى العام من تصوير جثة المتوفى؟ لافتا إلى أن المتوفى يختلف عن المجرم، فنشر صور للمجرم حال وفاته يستهدف تنبيه الآخرين ومن باب نشر العظة والعبرة، أما المتوفى فلا يجب أن تنشر صور جثته بل وجب دفنه وفقا للأمور الشرعية، كما لا يجوز دخول المقابر على الأموات إلا عند وضع متوفٍ آخر. في السياق نفسه نفى الدكتور علي محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والمؤسسات الخاصة مسئولية إدارة المستشفى التخصصي عن تسريب ذلك الفيديو، قائلًا: «الحالة الوحيدة التي تُسئل فيها إدارة المستشفى لو الحالة دخلت هناك ولم تتم معالجتها أو كتابة تقرير طبي غير التقرير الحقيقي والذي يراجع فيه كل كبيرة أو صغيرة».
وأكد محروس أن «عفروتو» ليس مريضًا عاديًا، ولكنه جاء إلى المستشفى في حراسة الشرطة وبالتالي فإنه يستبعد أن يكون أحد أعضاء الفريق الطبي هو من صور الفيديو دون علم الشرطة أو النيابة التي تقف على باب المستشفى. مدير إدارة العلاج الحر لم يستبعد أن يكون هذا الفيديو سُرِب من قبل أحد أفراد الشرطة لإظهار أن القتيل لم يتم تعذيبه ولا يظهر على جسده أي آثار ضرب أو تعذيب كما يدعي البعض ووارد أيضًا أن يكون أحد أفراد أسرته من قام بتصويره. وأضاف أن إمكانيات ذلك المستشفى متواضعة جدًا ولا يوجد لديهم أفراد أمن يقفون في وجه قوات الشرطة أو أي شخص يسمح لهم بتصوير مريض داخل المستشفى. كانت نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية، قد أمرت اليوم الاثنين، بحجز معاون مباحث قسم شرطة المقطم وأمين شرطة آخر، 24 ساعة على ذمة تحريات المباحث، على خلفية واقعة مقتل محمد عبد الحكيم “عفروتو”، وحبس 43 آخرين بتهمة التعدي على قوات الأمن وقسم المقطم.
وصرَّحت النيابة بتشريح جثة المتوفى، وإعداد تقرير الصفة التشريحية للوقوف على أسباب الوفاة وملابساتها، وأخذ عينة من دمه لبيان تعاطيه المواد المخدرة من عدمه، وفتحت الأجهزة الأمنية بالقاهرة، تحقيقا في الأحداث التي شهدها قسم شرطة المقطم ومحاولة اقتحامه. وفى السياق ذاته تحفظت الأجهزة الأمنية على عدد من كاميرات المراقبة، في محيط القسم وتفريغها لسرعة معرفة هوية مقتحمى القسم تمهيدًا لضبطهم. كانت المتابعات الميدانية قد رصدت تجمهر عشرات من المواطنين أمام قسم المقطم عقب وفاة متهم على ذمة قضية مخدرات.