مندوب مصر بمجلس الأمن: وضع "القُدس" كمدينة مُحتلة لم ولن يتغير

أعرب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمرو أبو العطا عن بالغ القلق من التداعيات المحتملة للقرار الأمريكي بشأن القدس على استقرار المنطقة؛ لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية، نظراً للمكانة الروحية والثقافية والتاريخية الكبيرة لمدينة القدس في الوجدانين العربي والإسلامي.

وأشار السفير عمرو أبو العطا- في كلمة مصر اليوم الجمعة خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن القدس- إلى تأثيرات القرار الأمريكي السلبية للغاية على مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تأسست مرجعياتها على اعتبار أن مدينة القدس تعد أحد قضايا الوضع النهائي التي سيتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية.


وقال أبو العطا: "ما نشهده اليوم هو انعكاس للتخوف الشديد الذي انتاب المجتمع الدولي خلال الأيام القليلة الماضية إزاء إحدى القضايا التي أدرجت على جدول أعمال مجلس الأمن منذ إنشائه، وهي القضية الفلسطينية.. بل يعكس أيضا التخوف من عواقب وآثار القرارات الأحادية التي تخالف القانون الدولي وتهدد منظومة العلاقات السياسية، والتي تأسست على ميثاق الأمم المتحدة منذ أكثر من 70 عاماً للحيلولة دون تكرار مآسي الحروب، وضمان تنظيم العلاقات بين الشعوب في عصر من المفترض أنه يراعي الحقوق الأساسية لتلك الشعوب على أساس من المساواة".

وأكد مندوب مصر أن مجلس الأمن يجتمع اليوم في جلسة طارئة بناءً على طلب أغلبية أعضائه الذين ينتابهم، وعددا كبيرا من دول وشعوب العالم، القلق إزاء مسألة تتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، وذلك في سابقة مهمة وغير تقليدية تستدعي التوقف عندها.

وأضاف "ما نحن بصدده اليوم هو اختبار لتك المنظومة واختبار لسيادة القانون، ولن يتحقق النجاح في هذا الصدد إلا من خلال العمل الجماعي في إطار الشرعية الدولية، أما إذا استسلمنا للفشل فسيكون علينا التعامل مع عواقب وخيمة، بقضية اليوم أو غيرها من القضايا الدولية، ولسنوات طويلة مقبلة".

وتابع أبو العطا "إن عمر مسألة القدس الشريف يمتد إلى جذور التاريخ، وتعلق قلوب أجيال من شعوب العالم من الأديان السماوية الثلاثة بها يرجع لمئات السنين، قد تمكن المجتمع الدولي في العصر الحديث من خلال الأمم المتحدة من وضع محددات قانونية للتعامل معها منذ أن قررت تلك المنظمة إنشاء دولتين على أرض فلسطين وفقاً للقرار رقم 181".

وقال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمرو أبو العطا - خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن القدس - إن المنطق الوحيد، والحقيقة الثابتة الوحيدة في التعامل مع القدس الشريف في إطار القضية الفلسطينية، هو هذا المنطق وتلك الحقيقة التي انعكست في القانون الدولي المتمثل في قرارات الأمم المتحدة، لاسيما قرارات هذا المجلس، والتي رفضت بما لا يدع مجالاً للشك احتلال القدس الذي بدأ عام 1967.

وأضاف "بما أن مجلس الأمن يجتمع اليوم لتأكيد خطورة المساس بالمحددات القانونية التي تم التوصل إليها على مدار عشرات السنين، فلعله من المناسب هنا استذكار أهم قرارات مجلس الأمن الملزمة، القديم منها والحديث، بشأن القدس؛ فالقرار 242 نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 ومن ضمنها القدس، كما رفض القرار 478 احتلال المدينة بالقوة، واعتبر ما يُسمى بـ (القانون الأساسي) الذى فرضته إسرائيل انتهاكاً للقانون الدولي ولا يغير من الوضع القانوني للمدينة، ولا يؤثر على تطبيق اتفاقية جنيف المعنية بحماية المدنيين في وقت الحرب على القدس الشريف".

وشدد السفير عمرو أبو العطا على أنه "من المهم أيضاً استذكار آخر قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن، والتي لم يتخط عمرها العام الواحد، وهو القرار 2334 الذي أكد عدم اعتراف المجلس بأي تغير في خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشريف، إلا من خلال التفاوض بين الأطراف".

وأشار إلى أن القرار 478 طالب أيضا بسحب جميع البعثات الدبلوماسية من مدينة القدس كون المجتمع الدولي لا يعترف بها عاصمة لإسرائيل، وجاء القرار 2334 ليطالب بوضوح جميع الدول بالتفرقة في تعاملاتها بين الأراضي الإسرائيلية وتلك الأراضي التي احتُلت عام 1967 وهي الأراضي التي تتضمن القدس.

وأوضح أبو العطا أن تلك هي قرارات مجلس الأمن المتسقة في محتواها منذ عشرات السنين وحتى الآن، والتي تعد بمثابة القانون الذي يحكم الوضع بالقدس، وتلك هي قرارات مجلس الأمن الملزمة والتي تعهدت جميع الدول وفقاً للميثاق بتنفيذها والالتزام بها حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، وهي تمثل الحقيقة والمنطق الوحيد فيما يتعلق بالقدس الشريف.

وأعرب عن استنكار مصر- من منطلق ما سبق- لقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وكذلك رفضها لأي آثار مترتبة على ذلك.

وأكد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمرو أبو العطا أن اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفاً للشرعية الدولية؛ وبالتالي فإنها قرارات غير ذات أثر على الوضع القانوني لمدينة القدس كونها مدينة واقعة تحت الاحتلال ولا يجوز قانوناً القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة.

وقال أبو العطا "إن الدعوة للحفاظ على مرجعيات الشرعية الدولية والقانون الدولي ليست من قبيل الترف، لاسيما في منطقة تموج بالنزاعات وعالم يتعرض لتحديات جمة ولا يحتاج لمزيد من الفوضى غير المبررة؛ بل هي دعوة تراعي ما نراه واضحاً أمام أعيننا من مخاطر شديدة تستتبع انهيار المنظومة القانونية الدولية".

وشدد مجدداً على أن وضع القدس الذي حددته قرارات مجلس الأمن مدينةً محتلة لم يتغير، ولن يتغير، إلا إذا اتفقت الأطراف على ذلك من خلال المفاوضات، ودعا الأمم المتحدة إلى التعامل مع التحديات الناشئة بالقضية الفلسطينية بالأسلوب الذي يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لحدود الرابع من يونيو عام 1967.

وفي ختام كلمته، أكد السفير عمرو أبو العطا "مصر ستظل على عهدها الذي قطعته في سبيل التوصل إلى سلام دائم وشامل وعادل في المنطقة.. سلام مبني على محددات الشرعية الدولية".