أكدت المعارضة السورية «استحالة» الدخول في مفاوضات مباشرة مع النظام، في إطار الجولة الحالية من محادثات جنيف التي يعتزم المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا تمديدها إلى 15 ديسمبر المقبل.
وقال رئيس وفد المعارضة إلى محادثات «جنيف 8» نصر الحريري، مساء أمس، انه «من المستحيل الدخول مباشرة في مفاوضات مع النظام بشأن الدستور والانتخابات» في ظل الظروف الحالية، مشيراً إلى أن دي ميستورا يعتزم تمديد المحادثات حتى 15 ديسمبر المقبل.
وأوضح أنه «يجب أن تحقق المفاوضات أولاً تقدما بشأن القضايا الإنسانية والمعتقلين»، مشيراً إلى أن نظام بشار الأسد «يحتجز 200 ألف شخص حالياً».
ودعا روسيا ودولاً أخرى إلى ممارسة ضغوط حقيقية على النظام للتوصل إلى حل سياسي، قائلاً: «نريد مزيداً من الضغوط على النظام للمشاركة في المفاوضات والاستمرار في التفاوض للتوصل إلى حل سياسي خلال ستة أشهر كما ينص (قرار مجلس الأمن الدولي) رقم 2254».
وأكد الحريري أنه لا توجد لدى المعارضة «شروط مسبقة» للمحادثات، لكنها «تعتزم الحديث عن كل تفاصيل الانتقال السياسي بما في ذلك مصير الأسد»، وهو الأمر الذي يتحفظ عليه وفد النظام بشدة.
وكان هذا الوفد الذي يرأسه مندوب سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري وصل في وقت سابق من أمس إلى جنيف، للمشاركة في الجولة الثامنة من المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، بعدما أرجأ قدومه يوماً واحداً احتجاجاً على تمسك وفد المعارضة «بشروط مسبقة»، في إشارة الى مطلب تنحي الأسد.
وكان دي ميستورا استهل المحادثات أول من أمس بلقاء المعارضة، التي تشارك للمرة الأولى بوفد موحد يضم مختلف أطيافها.
وتصطدم جولة المفاوضات الحالية على غرار الجولات الماضية بالموقف من مصير الرئيس السوري، مع تأكيد المعارضة أن «الانتقال السياسي الذي يحقق رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية هو هدفها».
وأوضح مصدر سوري مطلع أن قرار مشاركة وفد النظام جاء بعدما تعهد دي ميستورا للوفد الحكومي «ألا تتضمن هذه الجولة أي لقاء مباشر» مع وفد المعارضة، «وعدم التطرق بأي شكل من الأشكال» إلى البيان الذي صدر عن المعارضة في ختام اجتماعاتها بالرياض، الأسبوع الماضي، «والشروط التي تضمنها».
في غضون ذلك، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» أن الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة المحاصر منذ 2013 قرب دمشق، سجلت أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سورية في العام 2011.
وبعد دراسة أجرتها «يونيسيف» في الغوطة خلال شهر نوفمبر الجاري، تبين أن «نسبة الأطفال ما دون سنّ الخامسة والذين يعانون من سوء التغذية الحاد بلغت 11,9 في المئةـ وهي أعلى نسبة سُجّلت في سورية على الإطلاق منذ بداية النزاع».
وذكرت المنظمة، في تقرير أمس، أن «أكثر من ثلث الأطفال الذين شملتهم الدراسة يعانون من التقزّم، مما يزيد من خطر تأخّر نموّهم وتعرّضهم للمرض وللموت»، مضيفة «يعاني الأطفال الصغار جدّاً من أعلى معدلات سوء التغذية الحادّ».
وأشارت إلى أن الأمهات «توقّفن جزئيّاً أو كليّاً عن إرضاع الأطفال بصورة طبيعية بسبب معاناتهنّ من سوء التغذية أو العنف المستمر».
وكانت دراسة مماثلة في يناير الماضي أظهرت أن 2,1 في المئة من الأطفال في الغوطة الشرقية يعانون من سوء التغذية الحاد.
وتحاصر القوات الحكومية الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبب بنقص خطير في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة حيث يقطن نحو 400 ألف شخص.
ورغم كونها واحدة من أربع مناطق يشملها اتفاق خفض توتر الذي تم الاتفاق بشأنه في مايو الماضي برعاية روسية - ايرانية - تركية، لكن ذلك لم ينسحب تحسناً لناحية إدخال المساعدات الإنسانية.
وتعرضت الغوطة خلال الأسبوعين الماضيين لقصف جوي ومدفعي عنيف من قبل القوات الحكومية. وأعلنت الأمم المتحدة اول من امس موافقة دمشق على وقف لاطلاق النار في المنطقة. ودخلت في اليوم ذاته قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى النشابية، احدى بلدات الغوطة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان، أمس، أن هناك التزاماً إلى حد كبير بوقف إطلاق النار.
وتسبّب ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى «حرمان معظم الناس من إمكانية إعداد وجبة طعام لتناولها»، وفق «يونيسيف» التي أشارت إلى أن تكلفة الحصة الأساسية من الخبز بلغت «85 ضعف تكلفتها في دمشق».
وقال المدير الإقليمي للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خِيرْت كابالاري أن «الارتفاع الحادّ في سوء التغذية يؤّكد... أن تصاعد العنف واستخدام الحصار، تسبّبا في تدمير صحة الاطفال»، مضيفاً أن هؤلاء هم «أوّل من يعاني من العواقب الوخيمة للحصار».