أكدت النيابة العامة أن محكمة الجنايات، أصدرت في 9 مايو 2015 حكمًا حضوريًا بحق الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجليه بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات وتغريمهم متضامنين فيما بينهم 125 مليونا و779 ألف جنيه، وإلزامهم متضامنين بأداء مبلغ قدره 21 مليونا و197 ألف جنيه، وقد طعن المتهمون على الحكم أمام محكمة النقض التي قضت في 9 يناير 2016 برفض الطعن موضوعا.
كما ذكرت النيابة العامة، أنه يضاف إلى ذلك حكم الإدانة الصادر ضد محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق، حيث قضت محكمة النقض بجلسة 21 ديسمبر 2016 بتأييد حكم محكمة الجنايات الصادر ضده بجلسة 21 سبتمبر 2015، وإلزامه برد مبلغ 194 مليونا و140 ألف جنيه، ورد مبلغ 54 مليون جنيه، ورد مبلغ 6 ملايين و934 ألف جنيه، وتغريمه مبالغ مساوية للمبالغ المقضي بردها.
وأشارت النيابة العامة، إلى صدور حكم بالإدانة ضد رجل الأعمال محمد مجدي راسخ، حيث قضت محكمة الجنايات غيابيا بجلسة 29 مارس 2012 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، ورد مبلغ 970 مليونا و700 ألف جنيه، و81 مليون جنيه، و13 مليونا و869 ألف جنيه مع تغريمه مبالغ مساوية، ولم يقم المتهم باتخاذ إجراءات إعادة المحاكمة في هذا الحكم سواء بنفسه أو عن طريق محام عنه، اكتفاء منه بهروبه من الملاحقة القضائية.
وأضافت النيابة، أنه صدر أيضا حكم بالإدانة بحق حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، حيث قضت محكمة الجنايات حضوريا بجلسة 15 أبريل الماضي بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، وإلزامه برد مبلغ 196 مليون جنيه وتغريمه مبلغا مساويا.
وأكدت أنه في ضوء ما تقدم، فإنه يتضح أن الجانب السويسري يحاول التنصل من تطبيق القانون السويسري الجديد على الحالة المصرية تحت زعم فشل المساعدة القضائية، حيث يتضمن النص القانوني "أنه يجوز للمجلس الفيدرالي بالإضافة إلى ما تقدم أن يأمر بتجميد الأموال بهدف مصادرتها إذا كان قد سبق تجميدها بناء على طلب مساعدة قضائية في حالة ما إذا أضحى هذا الطلب غير متصور قبوله لعدم احترام الإجراءات الجنائية بالدولة الطالبة للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنة 1950 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966".
وأوضحت النيابة، أنه فى مثل هذه الحالة، كان ينبغي بمقتضى القانون السويسري أن تقوم الحكومة السويسرية بإصدار قرار إداري بالتحفظ على الأموال في ضوء نص المادة 14 من القانون تمهيدا لمصادرتها إداريا وإعادتها إلى الدولة المعنية، ووفقا لنص المادة 15 من ذات القانون، فإنه يفترض عدم مشروعية مصدر هذه الأموال في حالاتي، الأولى: إذا كانت أموال الشخص المعنى محل زيادة كبيرة بالمقارنة مع دخل وظيفته العامة، والثانية: حالة ارتفاع درجة الفساد فى الدولة المعنية، وفى الحالتين ينتقل عبء الإثبات إلى مالك المال ليقوم بإثبات مشروعية مصدر أمواله متى توافرت أدلة على فساده.
وذكرت النيابة أن استحداث هذه المادة في القانون الجديد كان يتمثل في عدم السماح للأشخاص الفاسدين من استرداد أموالهم، لمجرد إخفاق الدولة المعنية في تحقيق شروط التعاون القضائي في المجال الجنائي، خاصة وأن في ذلك تأثير على سمعة سويسرا الدولية.
وأشارت النيابة العامة إلى أن السبب الحقيقي وراء غلق الجانب السويسري للتعاون القضائي، هو حكم المحكمة الفيدرالية الجنائية الصادر في 12 ديسمبر 2012، والذي كان قد علق الإنابات القضائية المصرية، وإن كان لم يتم ذكره صراحة فى أسباب غلق التعاون القضائي.
وأوضحت النيابة، أن هذا الحكم الصادر في ديسمبر 2012 (إبان فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية في مصر)، كان قد استند إلى عدم وجود استقرار مؤسسي بسبب قرارات رئيس الجمهورية في ذلك الوقت بعزل النائب العام، وعدم احترام الأحكام القضائية، وتحصين قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، الأمر الذي ارتأت معه المحكمة أن هناك توغلا من السلطة التنفيذية (وقتئذ) على السلطة القضائية، وهو ما يترتب عليه عدم الاعتداد بالتعهدات المقدمة من السلطة المصرية.
وأوضحت النيابة، أن هذا الحكم افترض استمرار وضع قانوني معين في مصر يتصل بملف استرداد الأموال المصرية، وهو وضع أتى مخالفا للواقع، حيث استقرت حاليا مؤسسات الدولة المصرية بوجود رئيس منتخب، وتشكيل برلمان منتخب، بالإضافة إلى الاستقرار المؤسسي للدولة، وذلك على خلاف الوضع السابق خلال فترة حكم جماعة الإخوان، والذي اتسم بعدم الاستقرار المؤسسي وعدم احترام القانون وحصار المحكمة الدستورية العليا وعزل النائب العام من منصبه.
وأكدت النيابة العامة، أن تمسك مصر بتطبيق القانون ليس اعترافا منها بعدم احترامها لحقوق الإنسان، إذ أن الوضع الحالي لملف استرداد الأموال هو وضع قانوني وليس فعليا بصدور حكم المحكمة الجنائية الفيدرالية، والذى أصبح نهائيا وباتا لفوات مواعيد الطعن عليه من قبل النيابة السويسرية، والذى استند في أسبابه إلى الأوضاع التي مرت بالبلاد عام 2012، ومن ثم لم تنفذ سويسرا طلبات المساعدة القضائية المصرية ولم تمكن مصر من الاطلاع على تحقيقاتها الداخلية، الأمر الذى فرض على مصر وضعا قانونيا وليس فعليا في مطالبتها بتطبيق القانون.
وفتحت مصر ملف استرداد الأموال المهربة مرة أخرى مع جهات التحقيق في سويسرا منتصف شهر اغسطس الماضي، وكل من لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ولجنة حقوق الإنسان تواصلا مع جهات سويسرية ولجنة حقوق الإنسان الدولية، ولم يتم غلق الملف من قبل سويسرا بشأن أموال الرئيس الأسبق مبارك وعائلته ورجال أعمال نظامه.
وشكل أول لجنة مسئولة عن ملف أموال مصر المهربة منذ ثورة يناير وعقب سقوط نظام مبارك وهم في تواصل مع الجهات الخارجية قد انضموا إلى لجنة استشارية بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان، والتي تضم عشرات الخبراء يعملون عليها.