داخل عربات المترو وعلى أعمدة الإنارة، انتشر إعلان للشركة الإنجليزية للنقل الجماعى، تضمن “مطلوب سائقين سيدات”، ربما يكون الأمر طبيعيا للبعض بعد استحواذ نسبة هائلة من السيدات على أغلب المجالات والتى منها قيلدة التاكسي، وربما يكون غريبا لكون القيادة للنقل الجماعى تحتاج لقوة عضلية وعصبية، وهذا مع جعل “التحرير” تتوجه إلى عنوان الشركة المكتوب فى الإعلان (شارع سيد الإنجليزى بالقرب من محطة كلية زراعة شبرا البلد – المظلات) لمعرفة الأسباب التى جعلت الشركة تطرح تلك الوظيفة وكيفية التقديم وكل الشروط المطلوبة.

دقائق معدودة تأخذها حتى تصل إلى شارع سيد الإنجليزي بحى شبرا البلد، والمرتبط باسم سيد عبد الفتاح صاحب شركة الإنجليزي للنقل الجماعى، والمعروف عنه أنه بدأ شركته بـ10 أتوبيسات عام 2004 حتى أصبح صاحب أكبر شركة فى النقل الجماعى فى مصر، والتى لها فروع فى عدد كبير من المحافظات.

مقر الشركة بسيط للغاية، شقة فى الطابق الثانى، تحتوي على عدد كبير من الموظفين الرجال والسيدات، مزدحمة بالمكاتب والأوراق، لا يوجد على بابها ملصق لاسم الشركة لكنها معروفة عند السؤال عنها فى أى مكان، بداخلها مكتب كبير تجلس عليه أربع فتيات، من بينهن فتاة سألتنا عن الهدف من الزيارة، وساعدتنا للوصول إلى المهندس عمر الإنجليزى، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة.

عمر الإنجليزى” شاب فى مطلع الثلاثين، جاد الشخصية وقليل الحديث، تحدث  فى دقائق معدودة عن طبيعة الوظيفة المتوفرة في شركته (سائقين سيدات)، وعن سبب طرح فكرتها، حيث قال: “الشركة عملت لجنة نزلت الشارع عشان تشوف المشاكل اللى الناس بتقابلها فى المواصلات، نزلت قعدت زى الركاب وكتبت تقريرا بكل المشاكل اللى شافتها، من أبرز المشاكل دى أن السيدات بيتعرضوا لمضايقات، ومن هنا جات فكرة أتوبيسات تسوقها سيدات ومخصصة لركاب سيدات”.

 طرح أتوبيسات مخصصة للسيدات شركة الإنجليزى للنقل، أعلنت منذ أيام عن طرحها أتوبيسات مخصصة للسيدات، وبالفعل بدأت التنفيذ بأتوبيس واحد فقط، تقوده سيدة تدعى “أم عبد الله” والتى تعتبر أول من أقدم على الالتحاق بالوظيفة، كما تنوي الشركة تفعيل الفكرة فى كل خطوط سير الأتوبيسات، يوضح هذا المهندس “عمر الإنجليزي”: “كل خط فيه مثلا 20 أتوبيسا، هيبقي فى 19 أتوبيسا سواقينه رجالة مخصص لكل الناس، وفى أتوبيس واحد فى الخط مخصص بس للسيدات والسواقة هتكون سيدة، وده هيكون على مستوى الـ50 خطا اللى بتتحرك فيهم أتوبيسات الشركة”. الواقف فى موقف الأتوبيسات وعلى أرصفة المحطات، لا يرى من بعيد اللافتات المكتوبة على الأتوبيسات القادمة عليه، خاصة كبار السن من السيدات، وحتى تسهل الشركة الإنجليزية للنقل الجماعى هذا الأمر تميز أتوبيسات السيدات التابعة لها بـ: “هيكون فيه فى واجهة الأتوبيس بالخط الكبير للسيدات فقط، والملصقات اللى هتتعمل عليه، لأننا مش هينفع نغير لونة عن لون ولوجو أتوبيسات الشركة” كما وضح المهندس عمر الإنجليزي.

التقدم إلى الوظيفة حتى تستطيع الفتاة أو السيدة الالتحاق بتلك الوظيفة إذا كانت فى حاجة لها مثل “أم عبد الله” الأرملة والمسئولة عن 5 أطفال، هناك بعض الشروط وأيضا المميزات، يقول عنها المهندس “عمر الإنجليزي”: “نقول الأول المميزات.. المرتب 3 آلاف جنيه، هيكون فى تعيين وتأمين ومكافأة على نسبة الإيراد، ساعات العمل من 8 إلى 10 ساعات، شيفت صباحى بس السن المطلوب من 25 سنة إلى 50، أما بالنسبة للأوراق المطلوبة، فمطلوب رخصة مهنية..

بطاقة وشهادة ميلاد وفيش جنائي باسم الشركة ووصل كهرباء أو نور”. صورة أرشيفية التقديم يكون كالتالى: تتصل الفتاة أو السيدة بالأرقام المتوفرة فى الإعلان، أو تذهب إلى مقر الشركة، تملأ طلب توظيف وتقدم صورة من الرخصة، بعد ذلك يتم تحديد موعد للمقابلة الشخصية، “بتيجى تعمل إنترفيو وأول حاجة بنشوفها الرخصة، بعدين بتنزل الموقف نشوفها وهي بتسوق، لو فى مشاكل بندربها أسبوعين أو أكثر على حسب إمكانياتها، وبنعرفها إرشادات الأمان والأساسيات، وخلال التدريب بنشوف هتقدر تسيطر على الوضع ولا لأ.. وبعدين بتستلم الشغل” على حد قول المهندس “عمر الإنجليزي”.

أغلب الشركات الكبرى ترفض توظيف السيدات والفتيات، مبررة بأن تركيزهن يسيطر عليه البيت أكثر من العمل، بجانب مرورهن بمراحل زواج وإنجاب وعناية بالأطفال، وهذا لا يتناسب مع طبيعة أغلب الوظائف، خاصة إن كانت “سائقة” وهذا ما سألت عنه “التحرير” المهندس عمر الإنجليزي، الذى لم يفكر حتى الآن فى كل تلك المعوقات: “الفكرة لسه تحت التنفيذ، والحاجات دى ماحصلتش عشان نحطلها بنود، وعامة فى إجازة حمل وولادة، وشيفتات شغلهم هتكون الصبح بس”.

 رغم أن وظيفة “سائقين سيدات” مميزة للبعض من السيدات، كون راتبها ثلاثة آلاف ومكافأة وتأمين، فإن المتقدمات لها قليلات، فمنذ طرح الإعلان من عشرة أيام لم تتسلم فتاة أو سيدة الوظيفة إلا “أم عبد الله”، وعن هذا السبب يقول: “في اليوم الواحد بنستقبل 3 مكالمات لسيدات عايزة تعمل إنترفيو وتشتغل، بس كل اللى بتقدم معاها رخصة خاصة وإحنا طالبين رخصة مهنية، فلازم تروح المرور الأول تطلع رخصة مهنية الأول، يعنى أم عبد الله عشان كان عندها إصرار إنها تشتغل، راحت عملت رخصة مهنية وجت اشتغلت”.

السائقون الرجال، كان لهم رد فعل ساخر عقب انتشار الإعلان، ورد فعل غاضب أيضا عندما علموا أن للسائقة نسبة من الإيرادات، لكن الإنجليزي يهدئهم بـ: “رد فعل الرجالة سواء كان داخل الشركة أو خارجها، رد فعل ساخرا وبيتريقوا لقناعتهم أن السيدات مابتعرفش تسوق، وبالنسبة للإيرادات فهما ليهم نسبة برضه، بس بتكون على حسب الإنتاج، يعنى مش هحاسب واحد اشتغل الشهر كله زى واحد اشتغل 15 يوما، وحطينا نسبة للسيدات تشجيعا لهن”. صورة أرشيفية منذ وضع شركة الإنجليزى للنقل الجماعي قدميها فى السوق، استطاعت فى غصون سنوات أن تنال شهرة واسعة، بسب تفكيرها كما نقول “خارج الصندوق”، وهذا ما تنوى السير عليه في السنوات القادمة، فقد أكد المهندس عمر الإنجليزي أن هناك خطة فى 2018 ستكون استكمالا لفكرة أتوبيسات السيدات.