أهتمت الصحف الأجنبية بشكل واسع بخبر القبض على الأمير الوليد بن طلال على خلفية قضايا فساد مالية، وسلطت الأضواء على ابن طلال أكثر من الأسماء التي وردت في قائمة طويلة ضمت 11 أميرًا، وأربعة وزراء، وعشرات المسؤولين السابقين والحاليين، وهي الحملة التي وقعت ليلة السبت الماضي.
كان الاهتمام الغربي يصب معظمه في تفسير أثر هذه الخطوة على الاقتصاد السعودي، والتأثر الذي ستشهده أسهم شركات عالمية، فمثلًا أعدت شبكة "بلومبرج" تقريرًا تفسر التتبع الذي سيلحق بشركات مثل "تويتر" و"سيتي جروب" و"آبل"، على خلفية هذا الاتهام الذي لحق بابن طلال، إذ إنه يملك أسهمًا في كل من تلك الشركات، وغيرها من شركات شارع البورصة الأمريكي "وول ستريت".
فيما أعدت صحف أخرى غربية تقارير تتحدث حول ابن طلال وثروته وعلاقته بالحملة الأخيرة، وتقف على تفسيرات للقبض عليه بموجب لجنة محاربة الفساد، وهي الهيئة التي شكلها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتم الإعلان عنها بعد أوامر القبض على هذه الشخصيات.
وتقول صحيفة التليجراف البريطانية أنه حتى لو كنت لا تعرف الكثير عن الأمير السعودي الوليد بن طلال قبل اعتقاله يوم السبت في ما يعتبر إما مكافحة الفساد أو حملة سياسية – فلا بد أنك قد سمعت عن حجم ثروته.
وُلد الأمير الوليد بن طلال عام 1955؛ وهو حفيد أول ملك في السعودية، وتمتد ثروته الهائلة لتشمل حصصًا في موقع تويتر، وشركة ليفت للنقل، ومدينة ديزني الأوروبية وشركة Twentieth Century Fox للإنتاج الفني؛ بالإضافة إلي فنادق فاخرة في جميع أنحاء العالم؛ وبرج تحت الإنشاء في السعودية سيكون قريبًا أطول ما بنى في العالم، أو قصره الفخم.
هذا ليس كل شيء عن الوليد بن طلال، إذ إن شخصيته التي جمعت هذه المليارات من الدولارات لا تقل استثنائية عن حجم ثروته، فهو حفيد الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس السعودية، لكن ما يخفى عن الكثيرين وتكشفه مجلة "فانيتي فير" هو أن والد الوليد تمرد ضد الملكية في الستينات، وأضر بفرص اعتلائه العرش، بيد أن هذا لم يمنع الوليد من التلميح أنه قد يجلس عليه يومًا.
قصة جمع ثروته
يدعي الوليد أن والده أعطاه 30 ألف دولار،وفي غضون عام، كان قد خسر المبلغ، فعاد إلى والده الذي أعطاه 300 ألف دولار.
هذه المرة، استغرقه الأمر ثلاث سنوات لخسارتها، وفي المرة الثالثة وقع السحر فقد أعطاه والده منزلًا بدلًا عن النقود، وقال له "اعمل بنفسك"، فأخذ قرضًا، ومع بعض الاستثمارات الذكية (وتلقيه 200 ألف دولار إرثًا)، تعلم الأمير أن يصبح رجلًا عصاميًا.
تكهن آخرون بأنه يدين لسيطرة العائلة المالكة على قطاع النفط في السعودية في جمع ثروته، كما ذكرت الصحيفة ، صعد الأمير إلى أعلى قائمة المليارديرات في أوائل التسعينات وهذا ليس بسبب أية مؤسسة داخل السعودية، ولكن من خلال الاستثمار في بنك في امريكا كان على وشك الإفلاس يُعرف باسم "سيتي كورب".
ومنذ ذلك الحين، سطع نجم الوليد بلا حدود، وقد عمل مع ستيفن ك. بانون في أواخر التسعينات، وباع يختًا إلى دونالد ترامب.
وتشير الصحيفة إلى تبرع الوليد بمبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة نيويورك بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر عام 2001، خاصة بيد أن عمدة المدينة رد المبلغ بعد أن أصدر الأمير بيانًا صحافيًا انتقد فيه الموقف الأمريكي حول الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
لم تكن علاقة الوليد بن طلال بالإعلام جيدة على الدوام، فقد رفع دعوى قضائية ضد مجلة "فوربس" بزعم التشهير، مدعيًا أن المجلة قدرت ثروته بحوالي 20 مليار دولار فقط.
كان الوليد ضيفًا على شاشة شبكة CNBC بنظارته الشمسية في عام 2008 بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي العام نفسه، وفقاً لفوربس، استقل طائرته الخاصة من طراز بوينج 747 إلى مدينة جدة، حيث كشف لعمه، الملك الراحل عبد الله، عن خطته لبناء ناطحة سحاب بارتفاع أكثر من كيلومتر، وقال الأمير للمجلة: إن المبنى سيكون مركز جدة، ومن المقرر افتتاح البرج في عام 2019.
ويقول التقرير إن مهمة الأقزام لم تكن الترفيه عنه فقط، بل إنه قد دعاهم ذات مرة إلى اجتماع عمل، حيث علمهم كلمتي «"بوينج" و"إيرباص" وجعلهم يختارون نوع الطائرة التي سيضيفها إلى أسطوله الشخصي، وفي مواجهة هذه الاتهامات الغريبة، تظاهر الوليد دومًا باهتمامه بحقوق الإنسان، وخاصة بين الفقراء والنساء.
"هل تصدق هذا؟ إنه أمر فظيع"، قال هذا لـ"فوربس"، عندما كان يسلم مظاريف محشوة بالنقود في الأحياء الفقيرة في الرياض.
-لماذا يلاحقه محمد بن سلمان؟
يتساءل البعض عما إذا كان يتوق لاعتلاء عرش حكم المملكة فهذا هو السبب المنطقي الوحيد الذي يجعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعتقله إلى جانب 10 أمراء آخرين لمكافحة الفساد، وسط شائعات بأن الملك يستعد للتنحي.
وجرى تداول السلطة في السعودية منذ فترة طويلة بين أبناء الملك المؤسس، لكن خط الخلافة أصبح معقدًا؛ لأن هذا الجيل يقترب من نهاية عمره، فهل يمكن للملياردير ابن أحد الأمراء المنشقين الجلوس يومًا ما على العرش؟ بالتأكيد هكذا رد الوليد بن طلال على هذا السؤال، وأضاف إن سلسلة الأشخاص الذين يمكن أن يصبحوا ملوكًا في هذا البلد هم أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز وأنا منهم.
وقالت فوربس أن الوليد هو دونالد ترامب السعودية لعله يكون رمزًا للنجاح بالنسبة إلى بعض السعوديين، لكن آخرين ينظرون إليه على أنه مبذر جدًا، ويتساءل التقرير في ختام تقريره كان هذا قبل سنوات عديدة، وقد أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الآن، فمن يدري ما الذي يخبئه القدر للأمير الوليد بن طلال؟.