أوُقف 11 أميرا وعشرات الوزراء الحاليين والسابقين في السعودية، في حملة تطهير غير مسبوقة في المملكة العربية السعودية، يفترض أن تسمح لولي العهد الشاب بتعزيز سلطته.
وصدرت أوامر ملكية بإعفاء وزير الحرس الوطني، ووزير الاقتصاد والتخطيط، وإحالة قائد القوات البحرية إلى التقاعد، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
وسلم المسؤول في الحكومة "فرانس برس"، لائحة تضمنت أسماء 14 شخصية تم توقيفهم، فيما أعلنت السلطات لاحقا أنها ستقوم بتجميد الحسابات المصرفية للشخصيات التي أوُقفت.
وقالت وزارة الإعلام عبر مركز التواصل الدولي، المخول بالتواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية، إن "المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة السعودية".
وأشارت شبكات التواصل الاجتماعي إلى تكهنات حول مكان احتجاز المشتبه بهم، مع التركيز على فندق "ريتز كارلتون" قرب الرياض.
وبدا الفندق الفخم مغلقا أمام الزبائن، الأحد، وأشار موقعه على الإنترنت إلى أن الحجوزات كاملة.
وقال النائب العام، الشيخ سعود بن عبدالله بن مبارك المعجب، في بيان، إن "المشتبه بهم يملكون الحقوق ذاتها والمعاملة ذاتها كأي مواطن سعودي"، مضيفا: "منصب المشتبه به أو موقعه لن يؤثر على تطبيق العدالة".
وصرح كريستيان أولريكسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر بجامعة رايس الأميركية، لـ"فرانس برس": "يبدو أن نطاق ومدى هذه الإجراءات لم يسبق لهما مثيل في التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية".
وجرت الحملة بعد ساعات على تشكيل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأوقف في إطارها 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين، بحسب ما ذكرت قناة العربية التي تمولها السعودية.
وأصدر العاهل السعودي، مساء السبت، أمرًا ملكيًا قضى "بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة".
وبحسب الأمر الملكي الذي نشرت نصه وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، فإن اللجنة مكلفة بـ"حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام"، وقد باشرت التحقيق في السيول التي شهدتها مدينة جدة الواقعة في غرب المملكة على البحر الأحمر في 2009، وأدت إلى مقتل 123 شخصا وتشريد الآلاف.
ومنح الملك "سلمان" اللجنة صلاحيات "التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال".
وعلقت هيئة كبار العلماء بالسعودية على موقع "تويتر"، مؤكدة أن "محاربة الفساد لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب".
وأقال الملك "سلمان" بموجب أوامر ملكية، وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وعيّن بدلا منه الأمير خالد بن عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن، كما أعفى وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وعين مكانه محمد التويجري، بحسب ما ذكرت وكالة "واس".
وكذلك أصدر الملك "سلمان" أمرا ملكيًا قضى بإنهاء خدمة قائد القوات البحرية الفريق الركن عبدالله بن سلطان بن محمد السلطان بإحالته إلى التقاعد، وترقية اللواء البحري الركن فهد بن عبدالله الغفيلي إلى رتبة فريق ركن، وتعيينه قائداً للقوات البحرية.
ويسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى إحكام قبضته في السياسة والاقتصاد، بحسب ما يرى محللون عبر استراتيجية مزدوجة، وهي التصدي لأي معارضة، واستقطاب الجيل الشاب إلى حلقة طموحاته.
وتعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في نهاية أكتوبر بقيادة مملكة معتدلة ومتحررة من الأفكار المتشددة، في تصريحات جريئة شكلت هجوما عنيفا ونادرا من قبل مسؤول سعودي رفيع المستوى على أصحاب الأفكار المتشددة في المملكة المحافظة، التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة بوادر انفتاحا اجتماعيا.
وقال "بن سلمان" خلال منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي أقيم في الرياض: "نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب".
وأضاف: "70% من الشعب السعودي أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سوف ندمرها اليوم وفورا".
وتسارعت بوادر الانفتاح الاجتماعي في المملكة منذ بروز دور الأمير محمد في العام 2015 حين كان وليا لولي العهد.
وفي 2016، أعلن الأمير عن خطة اقتصادية شاملة تحت مسمى "رؤية 2030"، تقوم على تنويع الاقتصاد المرتهن للنفط، وتركز على قطاعي السياحة والترفيه، وعلى تفعيل دور المرأة في الاقتصاد.
وعلى صعيد الإصلاح الاجتماعي، اتخذت السعودية مؤخرا خطوة تاريخية إذ سمحت للمرأة بقيادة السيارة اعتبارا من يونيو المقبل، وألمحت إلى إمكانية السماح بإعادة فتح دور السينما قريبا، وأعادت بعض الحفلات الغنائية إلى دور الموسيقى في الرياض وعلى شاشة القناة الرسمية الثقافية.
وشهدت السعودية في سبتمبر، حملة توقيفات شملت أكثر من 20 شخصا بينهم رجال دين بارزون وشخصيات معروفة.