"عامل وطالب وعاطل".. 3 غرباء قطعوا مئات الكيلو مترات من محافظات القاهرة والقليوبية والغربية إلى الإسكندرية بحثًا عن المتعة على شاطىء النخيل، دون أن يعرفوا أن الموت ينتظرهم بين الأمواج.
30 دقيقة فصلت بين موت هؤلاء الثلاثة، واحدًا تلو الآخر، فمع دقات الساعة السادسة صباحًا عثر على جثة الأول تتخبطها أمواج البحر، الذي شهد ضحكاته وابتسامته الأخيرة قبل ساعات قليلة.
وفي تمام السادسة والنصف طفت جثة الثاني، وبعدها بنصف ساعة عثر على جثة الثالث، ليغادر الثلاثة الدنيا من بوابة شاطىء النخيل، وتبدأ رحلة ذهابهم إلى القبور، لا إلى منازلهم.
ربما غرقوا لأنهم أرادوا الاستمتاع بمياه البحر بأسعار زهيدة، أو أنهم لا يملكون أموالًا لقضاء أيام في شواطىء أكثر أمنًا، هذا ما لم تذكره المحاضر أرقام"2، و3، و4" أحوال نقطة شرطة 6 أكتوبر.
"جرفهم التيار وغرقوا ولم يتهم أسرهم أحد بالتسبب في وفاتهم".. هكذا ذكرت محاضر الشرطة طبيعة وفاتهم دون أن تذكر أن تلك الكلمات دونت في محاضر سابقة لثمانية ضحايا آخرين في نفس الشاطىء منذ شم النسيم وحتى الآن، ليبقى السؤال إلى متى يظل شاطىء النخيل يحصد أرواح المصطافين، ويحول لحظات السعادة إلى صراخ وعويل. "محدش يروح شاطئ النخيل" شاطئ النخيل أحد أشهر شواطئ الإسكندرية يبدأ من الكيلو 20 طريق "الإسكندرية- مطروح" الساحلي بطول نحو 1600 متر ويتبع حي 6 أكتوبر.
ورغم أنه يعد من أجمل شواطئ عروس البحر المتوسط، إلا أنه بات يطلق عليه مؤخرًا "شاطىء الموت" فيكاد لا يمر يوم دون أن يشهد حالة غرق أو أكثر ليصبح مقبرة لزواره من المصطافين.
"أغلقوا شاطئ النخيل".. "محدش يروح شاطئ النخيل".. حملات تتكرر على "فيس بوك" مع بداية كل صيف لتحذير المصطافين من الذهاب للشاطئ بعد تكرار حالات الغرق بين رواده، إلا أنها لا تلق اهتمام من المسئولين أو المصطافين ليستمر الشاطىء في حصد ضحايا جدد.
ومؤخرًا تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي منشورًا جديدًا للتحذير من الشاطئ كتب صاحبه: "محدش يروح شاطئ النخيل (إسكندرية) ، بكررها تاني !! محدش يروح شاطئ النخيل، الدنيا مقلوبة في مكتب الصحة اللي أنا فيه، حالات غرق كتير بسبب الدوامات الساحبة".
وقال ياسر الكومي صاحب حملة "أغلقوا شاطئ النخيل": "مأساة شاطيء النخيل زي كل سنة ومأساة الشواطيء الرخيصة في مصر مش هتنتهي، وما زال لحد الآن ناس بتروح الشاطيء وهما أكيد ميعرفوش خطورته".
وأضاف "الكومي" أن مياه الساحل الشمالي كلها بما فيها مياه كافة شواطيء العجمي والنخيل والـ 21، تكثر فيها التيارات الساحبة، وغالبًا تكون هي السبب الرئيسي في حالات الغرق. برلماني يطالب بإغلاق الشاطىء "ممنوع الاستحمام خلف الحواجز"، "نزول البحر من الساعة 8 صباحًا وحتى الغروب"، "الأطفال دون الثانية عشر مسئولية ذويهم"، "ممنوع اصطحاب الكلاب"، عبارات دونت على لافتات ارشادية على شاطىء النخيل، أكدت عدم صلاحية أجزاء كبيرة من الشاطىء لاستقبال الزوار والمصطافين.
ومع تزايد الاستغاثات والتحذيرات من خطورة الشاطىء، طالب حسني حافظ، عضو مجلس النواب عن دائرة سيدي جابر بالإسكندرية، الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، بغلق شاطئ النخيل بمنطقة العجمي، عقب تكرار حوادث خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وشدد عضو مجلس النواب على ضرورة تزويد شاطئ النخيل بأفراد مدربين في عمليات الإنقاذ، وسرعة تطوير العيادات والإسعافات الأولية بالشواطئ، ووضع إرشادات وعلامات على الشاطئ لتوضيح المناطق الخطرة. جمعية 6 أكتوبر: الغرقى مخالفين وردًا على تكرار حالات الغرق، دافعت جمعية 6 أكتوبر، المسؤولة عن إدارة شاطئ النخيل، عن نفسها في بيان رسمي، وقالت إن ما يتم هو جزء من مخطط العام الماضي وتعاد بنفس الأسلوب والأرقام، من بعض ضعاف النفوس من الذين يريدون إعادة من أسمتهم بالفاسدين مرة أخرى والاستيلاء علي الشاطئ بشكل غير مشروع.
وأضافت الجمعية أن هناك هجمة شرسة علي شاطئ النخيل، ونشر بيانات غير حقيقة من العام الماضي بهدف عرقلة جهود الجمعية في رفع مستوى الشاطئ وتطوير الجمعية ومحاربة الفساد. وأوضح البيان أن حالات الغرق الثلاث التي شهدها الشاطئ في يوم واحد كانت في الصباح الباكر وفي غير أوقات العمل الرسمية لشركة الإنقاذ والتي تبدأ عملها من الساعة الثامنة صباحًا وحتي آخر ضوء للنهار طبقًا لتعليمات المحافظة والأجهزة الأمنية.
ونشرت جمعية 6 أكتوبر، صورًا على صفحتها الرسمية بـ"فيس بوك" لعمال الإنقاذ ومعدات "بيتش باجي" و"جيت سكي" تستخدم في تأمين المصطافين، وأخرى لمصطافين يقفون على حاجز صخري وكتبت عليها رغم أن البحر عالي وممنوع النزول إلا أن عدم الالتزام هو السائد. "السياحة والمصايف": 11 غريق منذ شم النسيم وعلى الجانب الآخر، قال اللواء أحمد حجازي، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية، إن شاطئ النخيل يخضع لإدارة جمعية 6 أكتوبر منذ سنوات طويلة، وأن المحافظة نبهت على جميع الجمعيات ومديري الشواطئ الخاصة بضرورة الالتزام بمنظومة إنقاذ متكاملة.
وأشار "حجازي" إلى أن إدارة الشواطئ والمصايف تتابع الموقف الحالي، مشيرًا إلى أن عدد حالات الغارقة المسجلة منذ شم النسيم الماضي وحتى منتصف يوليو بلغت 11 حالة منها 8 حالات غرقت في أوقات العمل غير الرسمية، التي تبدأ من 7 مساء وحتى 7 صباحًا.
وأضاف رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، أن تقرير الشاطئ يكشف أنه يمتلك أعلى منظومة إنقاذ على مستوى شواطئ الإسكندرية، ويضم 24 غواصًا على مساحة 1600 متر، رغم أن شروط المحافظة 16 فقط، كما يمتلك 3 جيت سيكي ونقطة إسعاف مجهزة بسيارة إسعاف وطبيب وبه علامات إرشادية.
وأصدر المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية الأسبق، قرارًا بإحالة ملف شاطئ النخيل إلى إدارة الشئون القانونية في المحافظة، العام الماضي، تمهيداً لإصدار قرار بفسخ التعاقد مع جمعية 6 أكتوبر المسئولة عن إدارته إلا أنه ذلك لم يحدث حتى الآن.