قال تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية إن مصر والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة واليمن وليبيا أعلنت أمس الإثنين، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر وإدخالها في حالة العزلة التامة.

وأضاف التقرير أن بيانات من (البحرين والسعودية ومصر والإمارات) جاءت متفقة فيما بينها لأسباب قطع العلاقات مع قطر ومنها إصرار الدوحة على زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي للدول العربية، فضلا عن استخدام فضائية الجزيرة في التصعيد والتحريض الإعلامي ضد الدول العربية ودعم قطر للأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران.

أسباب القطيعة
وأشار التقرير إلى أن من أسباب القطيعة بحسب مصادرها تتمثل في الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة سرا وعلنا طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف العربي والتحريض للخروج على تلك الدول والمساس بسيادتها واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة ومنها جماعة الإخوان وداعش والقاعدة والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم وإيواء قيادات جماعة الإخوان الصادر بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلا عن إصرار قطر على التدخل في الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها.


وتناولت وكالة "بلومبرج" في تقريرها حول هذه الأزمة عدة محاور أجملتها في التالي:
الصدع الدبلوماسي
قال التقرير إن الصدع الدبلوماسي الذي حدث في العلاقات القطرية الخليجية وراءها في الغالب إيران، ولكن هناك أشياء أخرى.
وكانت وكالة الأنباء القطرية نقلت تصريحات منسوبة إلى حاكم قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تنتقد المواقف الخليجية ضد إيران، وسرعان ما حذف المسئولون القطريون التعليقات، وألقوا باللائمة على قراصنة، وناشدوا الجميع الهدوء.

وبعدها انهالت الانتقادات من السعودية والولايات المتحدة وتصاعد الهجوم في وسائل الإعلام، وخصوصًا بعد أن اتصل الشيخ تميم هاتفيًا بالرئيس الإيراني حسن روحاني في نهاية الأسبوع في تحد واضح للنقد السعودي.

توتر "سني" مقابل "شيعي"
ويضيف التقرير أن جمهورية إيران الإسلامية التي يقودها "الشيعة" هي المنافس الإقليمي الرئيس للسعودية كما أن المصدرين الرئيسيين للنفط يقفان على جانبين متعارضين من الصراعات في سوريا والعراق.

وكان السعوديون اتهموا قطر، بدعم "الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران" العاملة في المقاطعة الشرقية للبحرين كما أنهم اتهموها أيضًا بدعم "الجماعات الإرهابية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، بما في ذلك جماعة "الإخوان المسلمين" و"داعش" و"القاعدة".

3- لماذا انطلق السباق الآن؟
يؤكد التقرير أن درجة حرارة التوتر ارتفعت بشكل ملحوظ بعد زيارة ترامب ووصف الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إيران بأنها الراعي الرئيس للإرهاب في العالم، كما اتهمت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، قطر بمحاولة تقويض الجهود الرامية إلى عزل الجمهورية الإسلامية.

وهاجمت الصحف ورجال الدين وحتى المشاهير الشيخ تميم القطري وقالت صحيفة "الجزيرة" إنه طعن جيرانه بخنجر إيران.

4- ماذا يقول المحللون؟
يشير التقرير إلى أن العلاقات الأمريكية السعودية توثقت تحت إدارة ترامب.. وأن السعوديين والأمريكيين يسعون إلى سحق أي معارضة من شأنها أن تضعف جبهة موحدة ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط كما تمارس الدولتان ضغوطًا على قطر لإنهاء دعمها للحركات الإسلامية مثل جماعة "الإخوان " وحركة "حماس" الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة.

5- ماذا تقول إيران؟
ويقول التقرير إنه قبل المواجهة الأخيرة، قال روحاني: "رجل الدين المعتدل"، الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية مدتها أربع سنوات الشهر الماضي، إن بلاده على استعداد لإجراء محادثات لإنهاء الخلاف. وفي الوقت نفسه، قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي، الذي يتمتع بسلطة أكثر من روحاني، إن النظام السعودي يواجه موتا لسياساته في اليمن.

6- أين تتواجه السعودية وإيران؟
يشير التقرير إلى الحرب بالوكالة التي تضع السعودية في مواجهة إيران لا سيما في سوريا واليمن. كما يشير إلى الهجمات الإلكترونية على الوكالات الحكومية في المملكة العربية السعودية الموجهة من إيران، والتي رفعت حدة التوتر بين القوتين في أواخر عام 2016.

وأشار التقرير أيضًا إلى إعدام السعودية في وقت سابق من ذلك العام، رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر، حيث قام المتظاهرون الإيرانيون بإطلاق النار على السفارة السعودية في طهران، وقطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

7- هل في الخلافات مع قطر أي شيء جديد؟
يقول التقرير إنه في عام 2014، سحبت المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، والبحرين بسحب سفرائها مؤقتًا من قطر. وركز هذا النزاع على مصر، حيث دعمت قطر حكومة "الإخوان " في حين دعمت السعودية قيادة الجيش. كما أن قطر بحسب التقرير تستضيف قيادة "حماس" المنفية ومسئولي "طالبان". 

ويقول محللون إن السعودية وحلفاءها يريدون أن يظهروا قطر التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة أنها ترفع وزنها الإستراتيجي.

8- أليس هذا ما تحاول قطر القيام به؟
ويرى التقرير أن ذلك يقل الآن عما كان في الماضي، وخصوصًا خلال انتفاضات ما يسمى بـ"الربيع العربي"، عندما دعمت قطر بشكل كبير جماعات من أجل تغيير الأنظمة في تلك البلدان.

ويقول التقرير إن جماعة "الإخوان" عانت في الغالب منذ ذلك الحين، إلى أن أعادت قطر دعمها لها في عام 2014 عندما واجهت تهديدات دبلوماسية من جيرانها الخليجيين.

وأشار التقرير إلى طموح قطر في أن تكون وسيطًا لا غنى عنه في المنطقة. حيث إن لقادتها صلات مع طائفة واسعة من الأحزاب، مثل القبائل المتحاربة في ليبيا، فضلًا عن كل من الولايات المتحدة وطالبان. من ناحية أخرى، يؤكد التقرير أن اختيارات قطر خلال "ثورات الربيع العربي"، أضعفت مكانتها كطرف محايد.

9- ما هو المعروف أيضًا عن دولة قطر؟
ويقول التقرير إنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، كما أنها صاحبة أعلى دخل للفرد في العالم (700.129 دولارا في السنة)، وستستضيف كأس العالم لكرة القدم 2022. وعندما قامت المملكة العربية السعودية بإخراج مركز العمليات الجوية الأمريكي في عام 2003، أخذته قطر.

وتستضيف الإمارة حاليًا 10 آلاف جندي أمريكي، وهي مقر القيادة المركزية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وتمتلك صندوق ثروة سيادي يقدر بـ335 مليار دولار وحصص في شركات "باركليز، ومجموعة كريدي سويس".

10- ما هي التداعيات على الأسواق؟
يؤكد تقرير "بلومبرج" أن أي نزاع في المنطقة سيؤثر على أسواق النفط، ويمكن للمنازعات الداخلية بين دول الخليج أن تحد من جاذبيتها للمستثمرين الأجانب. ويضيف أنه حتى قبل زيارة ترامب، قالت "سيتي جروب" إن التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يكون لها أيضًا انعكاسات "كبيرة" على النفط والأسواق المالية.

وانخفضت أسهم قطر بنسبة 7.3 % عند إغلاق السوق يوم الإثنين، وانخفضت قيمة السندات بالدولار حيث ارتفعت عائدات السندات في 2016 بزيادة 23 نقطة أساس. غير أن النفط أزال المكاسب السابقة لأن التصادم الدبلوماسي كان له تأثير محدود على سياسة الأوبك.

11- لماذا قد يكون هذا النزاع مختلفا؟
يقول مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة "جورج تاون" في قطر: "الاختلافات والخلافات الداخلية ليست شيئًا جديدًا، ولكن ما يثير الاهتمام هو التوقيت ومستوى الضغط الذي لم يسبق له مثيل"، مشيرًا إلى زيارة ترامب الأخيرة، وهذا يشير إلى أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لا يريدون سوى تنازل كامل من قطر، وإذا قاومت قطر، فإن ذلك سيزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة متقلبة بالفعل.