«بسم الله، والحمد لله، أما بعد.. فإني أحيي شيخنا العارف بالله سيدي محمد بلقايد، وأقول له إذا صفى الود حمل الفراق البُعد، والذي يشتاق إلى رؤية أحد هو من غاب عن فكره، وأنت والحمد لله لا تغيب عن فكري، وأشهد الله أنك معي في كل لحظة، لأن الذي تحاببنا فيه هو الله، وما دمنا قد تحاببنا فيه فنحن في معيته، ومعيته لا تعرف الأزمان المتعددة، ولا الأمكنة المشتتة، واسأل الله أن يجمعني بك جمعًا فوق جمع الأشباح، حتى تتفانى الأرواح، وتصبح مؤهلة إلى خالق الأرواح».

الكلمات السابقة كانت بداية رسالة وجهها الراحل محمد متولي الشعراوي إلى الإمام الصوفي الجزائري محمد بلقايد، في رسالة مصورة نادرة منشورة على موقع يوتيوب قبل فترة من وفاته، وتعود علاقتهما من الأساس إلى العام 1963.

في هذه السنة كان من المقرر أن يترأس الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي بعثة الأزهر الشريف إلى الجزائر، لكنه اعتذر بشكل مفاجئ عن الرحلة حسب المنشور بموقع صحيفة «رأي اليوم».

وقتها فوجئ «الشعراوي» في منامه بمشاهدة رجلًا في رؤياه يسأله: «لماذا لا تريد القدوم إلينا؟»، قبل أن يطلب منه المجئ إلى الجزائر، وهو ما دفع إمام الدعاة إلى تغيير رأيه مقررًا السفر.

آنذاك توجهت بعثة الأزهر لحضور حفل الذكرى الثامنة لاستقلال الجزائر في القصر الرئاسي، حينها فوجئ «الشعراوي» بمشاهدته الرجل الذي رآه في منامه جالسًا ضمن مجموعة العلماء، وعلى الفور أسرع متوجهًا إليه وتعرف على اسمه «الإمام محمد بلقايد» من شيوخ الطريقة الشاذلية في الجزائر، ومؤسس الطريقة الهبرية، وأحد أعلام التصوف.



وامتدت العلاقة بينهما إثر جلوس الشعراوي في الجزائر لـ7 سنوات، والتزم بحضور دروس «بلقايد» التي يلقيها في المساجد، واستمر التعامل بينهما حتى بعد عودة إمام الدعاة إلى مصر، قبلها نظم قصيدة شعرية لمؤسس الطريقة الهبرية قال فيها:

نور القلوب وري روح الوارد

هبرية تدني الوصول لعابد

تزهو بسلسلة لها ذهبية

من شاهد للمصطفى عن شاهد

طوفت في شرق البلاد وغربها

وبحثت جهدي عن إمام رائد

أشفي به ظمأ لغيب حقيقة

وأهيم منه في جلال مشاهد

فهداني الوهاب جل جلاله

حتى وجدت بتلمسان مقاصدي

واليوم آخذ نورها عن شيخنا

محي الطريق محمد بلقايد

ذقنا مواجيد الحقيقة عنده

وبه عرجنا في صفاء مصاعد

عن شيخه الهبري در كنوزه

فاغنم لآلئه وجد وجاهد

دندنْ بما لقنته من ورده

بصفاء نفس متيم متواجد

Image may contain: 2 people

من المفارقة أن الإمامين وُلدا في نفس السنة 1911، كما توفيا سويًا في 1998، لكن «الشعراوي» لحق بالرفيق الأعلى قبل «بلقايد» بشهرين.

بالعودة إلى رسالة «الشعراوي» لـ«بلقايد» ختمها: «نفع الله بك يا شيخي، وزاد جاهك وزاد مددك، حتى يستوعب من الناس ما يتسع له أمرك عند الله، وحتى تصبح مدعوًا لإمامة من أحب الله فيك، وتبع الله بخشوعه إلى سلوكك الحسن بالأسوة الحسنة، (يوم ندعو كل الناس بإمامهم)، وسنكون إن شاء الله من المدعوين لك يا إمام الطريق في هذا العصر، والسلام عليكم ورحمة الله».