هناك علاقة غريبة بين قطر والإخوان، ورغم انتهاء الجماعة سياسيًا إلا أن الدوحة ما زالت متواصلة في دعمها ماليا وإعلاميًا وسياسيًا، مما لفت انتباه الجميع حول اسباب دعم قطر للجماعة في ظروفها الحالية.
حفظ ماء الوجه أمام مصر
ورأت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الدعم القطري للإخوان المسلمون من خلال حملة مقاطعة لمصر ودول الخليج هو جزء من رهان على "حفظ ماء الوجه" للدولة الصغيرة أمام القوى العربية العظمى التي تتمثل في مصر والمملكة العربية السعودية.
تأمين ضد المعارضة بالدوحة
ونوهت الصحيفة إلى أن هناك اعتبارات محلية أخرى لدعم الاخوان كنوع من بوليصة تأمين ضد المعارضة السياسية في الدوحة، مشيرة إلى أن قطر منحت مأوى لكثير من أعضاء جماعة الإخوان الذين هربوا من مصر وغيرها من البلدان وعلى الأخص الشيخ يوسف القرضاوي.
ترك بصمة على الخريطة
وتقول "واشنطن بوست" إن قطر خطت لنفسها طريقا مختلفا عن جيراناتها بدعم جماعة الإخوان لرغبتها في ترك بصمتها على الخريطة وأيضا لأنها راهنت على أن الإسلاميين سيكونون هم الرابحين بعد الربيع العربي.
إسقاط النظام الملكي بالسعودية
وأوجزت عدد من الصحف العالمية الأسباب وراء دعم قطر للإخوان، فتقول الفاينانشيال إن دعم قطر للإخوان محاولة استعراض عضلاتها فى المنطقة على حساب الدول الكبرى مثل السعودية ومصر، كما قالت ورلد سيتزن ريفيو إن قطر تدعم الاخوان لإسقاط النظام الملكى السعودي.
تعويض لضعف الإمكانيات
ويقول الدكتور محمد بن هويدن استاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة الإمارات، إن العامل السياسي الأبرز وراء التقارب القطري الإخواني هو قناعة الحكومة القطرية بأن تنظيم الإخوان لا يشكل خطراً على قطر، وتفسيرها لذلك هو أنه ليس لديها إخوان مسلمون نشطون بين رعاياها، وعليه فهي لا تخشى نفوذهم من هذا المنطلق، وهذا الأمر جعل قطر تتعامل مع الإخوان.
ويضيف: "إن قطر دولة ذات إمكانيات تصنف وفق أدبيات السياسة الدولية من ضمن الدول الصغيرة في العالم نظراً لصغر حجمها الجغرافي والبشري، لذلك فإن دولاً من مثل هذا التصنيف تسعى إلى خلق أوراق لها للتعامل مع العالم. وعليه فإن قطر تحاول استثمار الإخوان المسلمين كورقة لتحقيق مصالحها في التعامل مع العالم الخارجي، وإن الدول الصغيرة تستشعر الخطر المحدق بها فتعمل على رفع قدراتها من أجل أن تحقق درجة من التوازن في العلاقة مع الدول أو الأطراف التي تعتبر منافسة لها".
ويتابع: قطر تود تعويض ضعف إمكانياتها الجغرافية والبشرية باستثمار القوة الاقتصادية لرفع مكانتها في العالم ـ ولاسيما في محيطها الإقليمي ـ إلى مصاف الدول المتوسطة القوة في أفضل الحالات، لذلك فهي تحاول تنويع أوراقها التي يمكن أن تلعبها في صالح تحقيق هذا الهدف، والإخوان هم أحد الأوراق التي تستثمرها قطر لصالحها في البروز الإقليمي، هذا ما نسميه في العلاقات الدولية منطق فلسفة الواقعية الدفاعية بهدف تحقيق التوازن مع القوى الإقليمية الرئيسية.
واختتم: "ليس من الخفي القول بأن قطر متوجسة من وجود قوى إقليمية رئيسية في المنطقة كالسعودية في المجال السياسي والإمارات في المجال التنموي، لأن ذلك يضعف قوة بروزها للعب دور قيادي فيها، وقطر تعاملت مع هذا الوضع من منطلق السير في مجال تحقيق هدفها القيادي ومنافسة القوى الإقليمية، الإخوان المسلمون غير مقبولين في منطقة الخليج العربي، حيث إن الدول الخليجية تخشاهم بشكل واضح وبعضها يتعامل معهم بالرفض والمواجهة".