أدوار كثيرة جسدها الفنان القدير الراحل الملقب بالأستاذ محمود مرسى، إلا أن دور عتريس فى فيلم "شىء من الخوف" سيظل هو الأشهر فى مسيرته خاصة أن الفيلم تم تأويله بأبعاد سياسية وكان الفيلم يحمل إسقاطًا سياسيًا يجسد الموقف المعارض لكاتب الرواية ثروت أباظة من الثورة وقادتها، والذى رأى فى الثورة مجرد انقلاب عسكرى على الشرعية وقد رمز للضباط الأحرار بأنهم العصابة التى يتزعمها «عتريس»، وأن «فؤادة» ما هى إلا رمز لمصر التى جنت عليها هذه العصابة، التى عاثت فى الأرض فسادًا، وأنهم مجموعة غير شرعية استولت على البلد بالإرهاب والترويع ووصل الهمس إلى عبد الناصر نفسه فطلب مشاهدة الفيلم، وعلى شاشة العرض المنزلية شاهده وتأمله، وقال بعدها: «والله لو إحنا كده، نبقى نستاهل الحرق» وكان موقف عبد الناصر بمثابة ضوء أخضر لعرض الفيلم.

واليوم يحل ذكرى ذلك الفنان القدير الملقب أيضًا بدون كيشوت الفن المصرى الذى قدم للسينما أعمالاً قليلة لكنها كانت جميعها علامات مميزة منها (ثمن الحرية وأغنية على الممر وأمير الدهاء والسمان والخريف وأبناء الصمت والشحاذ والباب المفتوح والليلة الأخيرة وزوجتى والكلب) كما قدم للدراما التليفزيونية أعمالاً مميزة وخالدة منها (الرجل والحصان وأبو العلا البشرى وعصفور النار).

الفنان محمود مرسى لم يكن ممثلا فقط لكنه كان مذيعًا فى القسم العربى بالإذاعة الفرنسية، وبالقسم العربى بهيئة الإذاعة البريطانية، وعمل مخرجًا ومذيعًا فى البرنامج الثقافى بالإذاعة المصرية وقدم العديد من روائع الأدب العالمى، ومع بداية الإرسال التليفزيونى فى مطلع الستينيات سافر إلى إيطاليا فى بعثة قصيرة لدراسة الإخراج التليفزيونى، وشارك بالتدريس فى معهدى الفنون المسرحية والسينما إلى أن ظهر لأول مرة على الشاشة فى فيلم «أنا الهارب» لنيازى مصطفى عام 1962، ورغم قصر الدور فإنه لفت الأنظار بسبب أدائه المتميز لهذا الدور، فتهافت عليه المخرجون وتوالت أعماله الناجحة .